يبدو أن أحمد أويحيى، الوزير الأول الجزائري، ليس الوحيد الذي اختار التهجم والتهكم على المملكة، بالقول إن لها يدا في إغراق بلاده بالمخدرات والكوكايين؛ بل إن صوت إسلاميي الجارة الشرقية كان له صدى أقوى من أويحيى، حين قال زعيم حركة "حمس" ذات التوجه الإخواني إن "الخطر الذي يأتي للجزائر من المغرب لا يتعلق بالمخدرات فقط". وفي تهكم، لم يجد له صدّاً من لدن إسلاميي المغرب، خاصة من حزب العدالة والتنمية الذي تجمعه علاقات وطيدة مع الحركة الجزائرية، قال عبد الرزاق مقّري، رئيس حركة "مجتمع السلم"، المعروفة اختصارا ب"حمس"، إن هناك "تحالفا فرنسيا مغربيا خليجيا ستكون الجزائر من أكبر ضحاياه"، معلنا أنه يوافق أحمد أويحيى، رئيس الحكومة، في رأيه "بخصوص الحكم بالإعدام على مهربي المخدرات من المغرب، سواء كانوا مواطنين عاديين، أو مسؤولين". وحول ادعاءات مقري بوجود تحالف ثلاثي ضد الجزائر، نقلتها وكالة "قدس برس" للأنباء التي يوجد مقرها الرئيسي في بريطانيا، أوضح الإسلامي الجزائري أن هناك "دعما عسكريا سعوديا في مجالات التسليح والاستخبارات برعاية فرنسية، والقمر الصناعي المغربي التجسسي الذي صنعته وأطلقته فرنسا لصالح المغرب، لا يوازيه من حيث الأهمية الاستراتيجية القمر الصناعي الجزائري الذي أطلقته الصين لصالح الجزائر، مما يدل على أن المستقبل سيكون صعبا على الجزائر". ويبدو أن الاتهامات الخطيرة التي كالها إسلاميو الجزائر لم تحرك ساكنا لدى نظرائهم في المغرب، خاصة حزب العدالة والتنمية القائد للحكومة، وجماعة العدل والإحسان المعارضة، لاسيما أن علاقة "تعاون مستمر" تجمع التنظيمات الثلاثة، وفق بلاغ رسمي سبق لحركة "حمس" أن أصدرته حين استقبال قيادييها بالرباط قبل ثلاث سنوات من لدن ال"PJD" وأتباع المرشد عبد السلام ياسين، بمناسبة الذكرى الثالثة لوفاة الأخير. وتابع مسؤول الحركة، التي تعد حزبا معارضا لحكومة أويحيى ممثلة ب34 نائبا في المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) من أصل 462 مقعدا، أن أفضل سياسة يمكن أن تعتمدها بلاده مع المغرب تنطلق أولا مما وصفها ب"القوة الناعمة"، وذلك عبر "تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والرقي الثقافي بما يجعل الجزائر حلم المنطقة كلها". أما الأداة الثانية التي يزعم مقري ضرورة أن تسلكها الجزائر ضد المغرب فهي "القوة الصلبة"، وفق تعبيره، موضحا أن الأمر يتعلق ب"صناعة القوة العسكرية الرادعة والقوة الاستخباراتية المانعة للحرب والتوتر، ليس ضد المغرب كبلد ولكن ضد التحالفات التي تنسج ضدنا مع جزء نافذ في المغرب"، ليستمر في الافتراءات بالقول بضرورة "الأخذ بعين الاعتبار التمدد الصهيوني الكبير في البلد الشقيق (المغرب)". ويبدو أن زعيم التنظيم الإسلامي، الذي تتهمه الأوساط الجزائرية بكونه فرعا للتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين، دخل في تناقضات حادة وهو يعتبر، بالرغم من توجيهه ادعاءات مغرضة ضد المملكة، أن "مقاربة العداء لكل المغرب ليست صحيحة"، داعيا في الوقت ذاته إلى "اعتماد خطاب التهدئة وحسن الجوار والدبلوماسية الرسمية والشعبية"، وإلى ما أسماه "فتح الحدود البرية بين البلدين لتسهيل المرور عبر معابر حدودية قانونية قليلة ومعلومة". وتأتي خرجة عبد الرزاق مقّري، رئيس حركة "مجتمع السلم"، بعد يوم من تصريح أحمد أويحيى، الوزير الأول الجزائري، الذي أعلن فيه تمسكه بالاتهامات التي كالها للمغرب، بالقول إن له يدا في إغراق بلاده بالمخدرات والكوكايين، مضيفا أنه لو تعلق الأمر به، لأنزل عقوبة الإعدام بمهربي المخدرات، "ليس أولئك الذين يبيعونها بالغرام، وإنما الذين يدخلونها إلى البلاد بمئات الكيلوغرامات".