أصبحت الاتهامات الجزائرية التي تدعي ضلوع المغرب في تجارة المخدرات لازمة دأب عليها مسؤولو الجارة الشرقية خلال السنوات الأخيرة، متجاهلين ما تشهده الحدود من حركة قوية للمخدرات والسجائر المهربة في اتجاه المغرب. اتهامات متكررة .. لأركان النظام والمقربين منه منتصف الأسبوع الجاري خرج أحمد أويحيى رئيس الوزراء الجزائري، ليتهم المغرب بالوقوف وراء تهريب المخدرات وخصوصا "الحشيش" إلى الجزائر، حيث قال في في مؤتمر صحفي إنه "في ما يخص قضية المغرب والمخدرات، الجميع يعرف من أي بلد يأتي الحشيش في شمال إفريقيا. لا يأتينا من أفغانستان البعيدة جدا عنا" في إشارة واضحة إلى المغرب. ويضيف المسؤول الجزائري "يتعلق باعتداء حقيقي على شعبنا من خلال محاولة تسميم شبيبتنا، وكبح مسار تنميتنا، كما يعد إهانة خطيرة للمستقبل المشترك للشعوب المغاربية". وقبل تصرحيات أويحيى كان عبد القادر امساهل، وزير الخارجية في الحكومة نفسها، قد اتهم قبل أشهر المغرب بتبييض أموال الحشيش عبر الأبناك الوطنية الموجودة في إفريقا، كما اتهم شركة الخطوط الملكية المغربية بقوله إنها تنقل "أشياء أخرى" غير المسافرين. تصريحات امساهل تسببت في أزمة بين البلدين وصلت حد استدعاء سفير المغرب من الجزائر، كما وصل صدى الأزمة إلى القضاء الفرنسي، بعد أن وضعت شركة الخطوط الجوية الملكية دعوى ضد الوزير وتصريحاته. ويبدوا أن هذا النوع من الإتهامات لا يقتصر على الوزراء، بل يتعداه إلى كل من يحاول التقرب من النظام الحاكم، حيث سبق لعبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية، ذات المرجعية الإسلامية، أن انخرط بدوره في هذا النهج. مقري خرج في أبريل الماضي ليتهم المغرب بغض الطرف عن تجارة المخدرات قائلا "إن الجزائريين لا يقبلون أن يتضرّر أبناؤهم من ممّا يرسله جارهم من مخدرات" في إشارة إلى المغرب. واضاف ان المخدرات، التي تتم زراعتها في المغرب، تصل إلى الجزائر بتواطؤ مع شبكات دولية، وقد أصبح الأمر آفة تهدد حتى التلاميذ في الأقسام". المسكوت عنه جزائريا .. كميات هائلة من "القرقوبي" و1.5 مليار سيجارة مهربة في سنة واحدة!! في مقابل ذلك يحجم المسؤولون الجزائريون عن التعليق عن المخدرات التي تصل إلى المغرب قادمة من بلادهم، وأبرزها القرقوبي، حيث كشفت المديرية العامة للأمن الوطني أن الكميات المحجوزة منه خلال سنة 2016 حوالي 808 ألف قرص مهلوس، تتوزع بين أصناف "ريفوتريل" و"فاليوم"، وأغلبها جاءت انطلاقا من التراب الجزائري. كما تمثل الجزائر المصدر الرئيس للسجائر المهربة إلى الأسواق المغربية، حيث كشف تقرير صادر عن مؤسسة KPMG البريطانية، أن الجزائر استفردت ب1.5 مليار سيجارة تم تهريبها إلى المغرب في سنة 2016، أي ما يمثل 65 بالمائة من إجمالي ما تم إغراق الأسواق من سجائر أغلبتها مزورة. يضاف إلى ذلك امتناع الجزائر عن التجاوب مع المؤسسات الدولية في موضوع المخدرات، حيث يضع التقرير السنوي للهيئة الدولية لمراقبة المخدِّرات للعام 2016، الجزائر ضمن الدول التي لا توفر معطيات عن مستوى استهلاك وتجارة المخدرات. بودن: الإتهامات عنصر "إلهاء" داخلي تمارسه الجزائر وتعليقا على الموضوع، يرى محمد بودن المحلل السياسي، ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية المؤسساتية، أن النظام الجزائري يعتمد ورقة المغرب كعنصر إلهاء داخلي، معتبرا أن "نسق التصريحات العشوائية لمسؤولين حكوميين جزائريين تجاه المغرب يعبر عن مزاج سيء لدى السلطات الجزائرية بعد الأداء القاري للمغرب سنة 2017". ويؤكد بودن في حديث ل"اليوم 24″ على مسألة عدم تجاوب الجزائر مع الآليات الأممية لمكافحة المخدرات، حيث يؤكد أن هذه الأخيرة لا تقدم تقارير دقيقة للهيئات الأممية ذات الصلة. ويتابع المتحدث بأن "عددا من الولاياتالجزائرية تحتضن أنشطة لصنع المؤثرات العقلية والإتجار بها" مضيفا بأن السلطات تتستر على نشاطها. بودن أكد أن تقرير الهيئة الدولية لمكافحة المخدرات بشأن المواد الكيماوية التي تستعمل في صنع المخدرات والمؤثرات العقلية برسم سنة 2016، حمل إشارة صريحة لعدم التزام الجزائر بتنفيذ مضامين اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية, مبرزا أن السلطات الجزائرية لا تقدم معلومات عن مضبوطات المخدرات والمؤثرات العقلية ومنشئها الأصلي في فترة امتدت من 2011 إلى غاية 2015.