وفاة غير عادية تلك التي أودت بحياة رضيع منطقة "كاف النسور" بإقليم خنيفرة، بعد ستة أيام قضاها بين مستشفيات خنيفرة، وبني ملال، ثم الدارالبيضاء حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بسبب التأخر في تبديل دمه. وتقول الأسرة إن مصالح وزارة الصحة ببني ملال طالبتها بأداء مبلغ 1500 درهم كمقابل لبنزين سيارة الإسعاف. تفاصيل القصة يرويها محمد غنامي وفاطنة عاطفي، والدا الراحل الذي جاء إلى الحياة بعد عملية قيصرية بمستشفى خنيفرة الإقليمي، قبل أن ينقل إلى المستشفى الجهوي ببني ملال يوم الأربعاء الماضي، إلا أنه بعد مرور ستة أيام من ولادته "وفي غياب الطبيب المختص الذي لن يحل بالمشفى إلا بعد أربعة أيام، طُلب منا نقله إلى المستشفى الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء على متن سيارة الإسعاف وأداء مقابل البنزين". وتقول الأسرة، وهي تستغرب قرار المستشفى الجهوي ببني ملال الذي بررته بنفاذ الميزانية المخصصة من طرف وزارة الصحة، إن إدارة المؤسسة الصحية أكدت لها أن "هذا الإجراء روتيني، وكل مريض يؤدي ثمن البنزين لسيارة الإسعاف وليس للمستشفى"، مضيفة: "نحن فقراء، والصحة واجب على الوزارة تجاه كل المواطنين". وبعد نقل الرضيع إلى الدارالبيضاء، سينتفض الطبيب المختص في جناح الأطفال في وجه الأسرة، و"أخبرنا غاضبا بأننا تأخرنا في نقل الرضيع، الذي كانت وضعيته الصحية جد حرجة وبدا عليه اصفرار مريب في بشرته، قبل أن نخبره بسبب ذلك، أي مصاريف سيارة الإسعاف"، تقول الأسرة. وبعد ست ساعات، توفي ابن ستة أيام، تاركا حسرة وألما شديدين لدى أسرته، خاصة الأم التي ما تزال تعاني من تبعات عملية ولادته القيصرية. ودخلت جمعية ائتلاف الكرامة لحقوق الإنسان ببني ملال على خط القضية، التي وصفتها ب"الفضيحة"، قائلة إن الطريقة التي تعاملت بها إدارة المستشفى الجهوي ببني ملال "تطرح تساؤلات حول مصير الأموال التي ترصدها وزارة الصحة، لأنه لا يعقل أن يؤدي المريض الثمن بهذا الشكل المريب، وأن يطلب منه أداء 1500 درهم للمستشفى الجهوي ثمن البنزين ووضعه نقدا بإحدى محطات الوقود"، مشيرة إلى أن ذلك "يفضح الصورة التي تحاول الوزارة الظهور بها أمام الإعلام بتوفير المروحيات وهي لا تستطيع توفير سرير لرضيع ونقله على وجه السرعة إلى الدارالبيضاء". وقالت الجمعية إن أسرة الرضيع استغاثت مرات عدة عبر الفيديو من أجل إنقاذ مولودها، "أمام مشفى بني ملال، وحين كان يرقد بمستعجلات الدارالبيضاء، بسبب التأخر في نقله، ولأنه لم يجد مكانا بمستشفيات المغرب"، معتبرة أن الأمر "فضيحة" تتحمل وزارة الصحة مسؤوليتها، مطالبة في الوقت ذاته بفتح تحقيق في "هذه الجريمة من فرض شراء المرضى البنزين لسيارة الإسعاف"، وب"توفير الصحة والتمريض لكل مواطن بالمنطقة". وأثارت فاجعة رضيع "كاف النسور" بإقليم خنيفرة حفيظة القيادي في حزب "الأصالة والمعاصرة" البرلماني عن دائرة تارودانت، عبد اللطيف وهبي، الذي وجه مراسلة عاجلة إلى رئيس مجلس النواب تضم طلبا بتناول الكلمة خلال جلسة الأسئلة الشفهية المقبلة حول "حقيقة" هذه الواقعة، أي "وفاة رضيع بمستشفى بني ملال بسبب مكوثه مدة 6 أيام من دون تلقي أي علاجات وبسبب عجز والده عن أداء تكاليف ثمن بنزين سيارة الإسعاف لأجل نقله إلى أحد المستشفيات بالدارالبيضاء". مقابل ذلك، أوضحت المديرية الجهوية للصحة بجهة بني ملالخنيفرة، في بلاغ توصلت هسبريس بنسخة منه، أن الرضيع تم نقله "يوم 16 يناير الجاري بالمجان إلى المستشفى الجامعي من قبل سيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة قصد استكمال العلاج"، شارحة أن القصة بدأت حين "تم استقبال الرضيع مرفوقا بجدته بقسم المستعجلات يوم 11 يناير الجاري، حيث تلقى العلاج بمصلحة طب الأطفال بعد معاينته من قبل طبيب أخصائي في طب الأطفال، وخضوعه للكشوفات والتحاليل الطبية". وأضاف المصدر أنه بعد الكشف عن نتائج التحاليل الطبية التي خضع لها الرضيع، "تبين أن اليرقان الذي يعاني منه ناتج عن كون فصيلته الدموية إيجابية بعكس فصيلة والدته. وهي حالة يتم التكفل بها بالمراكز المتخصصة عن طريق تبديل دم الرضيع كليا بدم آخر"، موردا أن "الطبيب المعالج قرر أن يتم نقل الرضيع إلى المستشفى الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء -جناح الأطفال".