يبدو أن محننا مع الخطوط الملكية المغربية لا نهاية لها، وبهذا وجب علينا أن نضع لها حدا من خلال حل وحيد وأوحد هو مقاطعتها ونسيان اسمها ومحوها من ذاكرتنا. غيرأن الأقدار تسير بك أحيانا في اتجاه لا تشتهيه رغباتك. هكذا تعرضت ابنتي لإهانة وشتم وتعنيف على متن طائرة مغربية في نيويورك (ويبدو أن المضيفات على وعي بأن القانون المغربي هو المطبق على متن الطائرة/الحافلة!!).ابنتي التي كنت أحكي لها عن حفاوة المغاربة وحسن الضيافة، منذ نشأتها، إلي أن بلغت من العمر اثنتي عشرة سنة، فكانت تحلم بزيارة بلد الأجداد، لتتلقى الصفعة الأولي لحسن الضيافة وهي ما تزال على الأرض التي استقبلتها للحياة. هكذا تبدأ الحكاية. مضيفات، متجبرات، بعقلية مخزنية يعتقدن أنهن يهعمن علينا بخدماتهن (نايات أننا نحن الذين ننعم عليهن) تسئن إلينا وتعاملننا معاملة لا تليق بنا، لتنتهي بنا مسارات البحث عن وضع حد لهذه السلوكات إلى مكتب السيد الوزير المنتدب المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج السيد محمد عامر.. طرقنا باب سعادته كي نقرب له الصورة عما يحدث مع الجهات التي لها صلة بالخدمات المقدمة لنا كجالية مغربية مغتربة. توجهنا إلى الاستقبالات وطلب منا انتظار بعض الوقت لمقابلة السيد محمد عامر، ففتح لنا باب صالة كبرى تسع أفراح البلاد كله، وجلست وحيدا في تلك القاعة المفروشة بمضارب وزراب مغربية. مرت الساعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، وحين نفذ صبري و نَفَس الانتظار انتفضت واتجهت في اتجاه مكتب سكرتيرة الوزير التي امتصت غضبي واستلمت مني الشكاية. ثم غادرت المبنى، وأنا أتساءل : الغريب أن السيد الوزير، كنت اتصلت به، شخصيا، عبر الهاتف الذي أمدني به في نيويروك، وطلب مني أن أحضر إلى مكتبه لمقابلته. فهو على علم بوجودي في قاعة الانتظار، وإلا ما كنت لآتي من البيضاء إلى الرباط. كما أنني على علم بأن للمسؤولين انشغالات ومسؤوليات وليس بمقدورهم أن يستقبلوا المواطنين من دون مواعد. فلماذا طلب مني المجيء إلى مقر وزارته، ولماذا لم يكلف نفسه عناء الاعتذار ولو عبر سكرتيرته؟! ما حقيقة الرجل الذي يظل يجوب العواصم ويقف أمام الجماهير، على المنصات، وهو يكرر قوله المكرور المتهالك الذي لا صلة له بواقعه ولا بواقع المغرب ولا بواقع الإدارة المغربية!؟ هل يعتقد أن المهاجرين أغبياء ويمكنه أن يقنعهم بمجرد كلماته المهرجانية؟ ما محل هذه الوزارة من الإعراب داخل الجملة السياسية المغربية؟ لم نلحظ شيئا ذا أهمية تذكر قامت به هذه الوزارة، بحيث يصعب علينا معرفة مهامها تحديدا واختصاصاتها؟ ثم ما ذا يمكت أن تقدمه لنا كحلول عملية،، فنحن لا نسمع منه إلا «المشاريع» و«البرامج» ولكن عمليا حين ترغب في الحصول على هذه الامتيازات الموعود بها لا تجدها على أرض الواقع... إنها مجرد وعود وكلام يسوق في المهرجانات والحفلات التي لا يمل من حضورها، وقد صارت هذه الوزارة، ممثلة في شخص وزيرها، عبارة عن وزارة لحضور الحفلات والسهرات والعشاءات، أما المشاكل الحقيقية والإنصات لقضايا هذه الفئة فلا مكان لها في أجندة السيد الوزير، وهو يصدق عليه قول المثل «قالو الزردة في بغداد، قالوا قريبة!!!». لو أن السيد الوزير أخذ على محمل من الجد «حادثة» إيطاليا وما جرى له مع المهاجرين الذين رفضوا أن يستمعوا لكلمته وطردوه من المنصة، لكان اتعظ واستنتج دروسا قد تفيده.. لأن هذه الحادثة هي ترجمة لسلوك ينم عن سخط دفين ومعاناة من قبل هذه الفئة التي لم تر أي عمل ملموس ولا أي خطط أو برامج عملية ناجعة يستفيد منها المهاجرون. فأين هي مشاريع نقل الموتى إلى الوطن التي صم آذاننا بها السيد الوزير وأثقل علينا بالإحصائيات؟ كيف الحصول على مساعدة الدولة بالنسبة للمستثمرين المغاربة المقيمين في الخارج؟ نعرف أن هذا موجود، لكن ما هي السبل المؤدية إلى الاستفادة من ذلك؟ من مهام وزارتك، أيها السيد عامر، أن تبحث عن قنوات لإيصال المعلومات إلى المهاجرين، لأنك تعلم أنه من الصعب على المهاجر، في ظل الضغط اليومي، وظروف العمل في الهجرة، معرفة الإجراءات، وأنواع الخدمات والامتيازات المقدمة لفئة المهاجرين؟ عليك أن توصل لنا المعلومات بشكل واضح وشفاف ولا لبس فيه، لأننا نعيش في دول ومجتمعات علمتنا أن المعلومات تأتي حتى أدراج منازلنا، وما نسمعه من حكومات هذه البلدان هو ما نجده مترجما على أرض الواقع. فكفى لغة الأرقام ولغة الانتخابات المعطوبة.. إننا نريد عملا وإنصاتا واقترابا وحلا لمشاكلنا، ونريد أن تشاركنا مؤسسات الدولة والجهات الوصية في أحزاننا ومآسينا، أما الأفراح والمهرجانات فلا نحتاج فيها إلى مسؤولين يعكرون علينا صفو تلقائيتنا وصخب فرحنا على مقاسات أمزجتنا...