مراحل عديدة مرت بها الصحافة الوطنية ببلانا السنة الحالية، التي يرى البعض أنها كانت سنة تحقيق بعض التطورات في ما يهم النهوض بحرية القطاع؛ فيما يعتبر آخرون أنها السنة الأسوأ على الإطلاق مقارنة مع السنوات الفارطة. تدهور واضح عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، قال إنه في ما يهم حرية الصحافة كان "هناك تذبذب وتراجع، خاصة أن السنة الحالية شهدت اعتقال صحافيين وتميزت باعتقال نشطاء على الإنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي؛ كما تمت محاكمتهم بقوانين غير قانون الصحافة". ومن ضمن النقاط السلبية التي سجلها البقالي "تواصل الاعتداءات على الصحافيين من طرف القوات العمومية أثناء قيامهم بواجبهم في تغطية الأحداث"، مردفا: "الحق في الحصول على المعلومة لازال في خبر كان، إذ إن هناك تكتما كبيرا في هذا الإطار". ويعتبر نقيب الصحافيين أيضا أن المقاولة الصحافية، سواء الورقية أو الإلكترونية، "هي في تدهور"، قائلا: "سنة 2017 هي من السنوات سيئة الذكر في تاريخ الصحافة الوطنية". قوانين جديدة في مقابل التراجعات التي تحدث عنها البقالي، يرى سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أنه لا يمكن الحديث عن حرية الصحافة بمعزل عن وضعية الإعلام والإطار التشريعي المنظم له بشكل عام، مذكرا بأن سنة 2017 شهدت تنزيل عدد من النصوص القانونية المهمة في المجال الصحافي، والتي "انتظرها المهنيون طويلا"؛ ويتعلق الأمر بمدونة الصحافة والنشر، وقانون الصحافي المهني، والقانون المنظم للمجلس الوطني للصحافة. وأضاف المودني في حديث مع هسبريس: "رغم الملاحظات التي نثيرها مع العديد من مهنيي القطاع حول ما تضمنته بعض المواد القانونية في هذه النصوص، وخصوصا على مستوى مدونة الصحافة، إلا أن خروج هذه القوانين إلى حيز الوجود في حد ذاته يمثل في تقديرنا داخل "المنتدى المغربي للصحافيين الشباب" تقدما هاما". وتابع الصحافي ذاته: "هذه القوانين تضمنت العديد من المقتضيات التي نعتبرها إيجابية ويجب أن تجد طريقها نحو التنفيذ، من بينها تعريف من هو الصحافي المهني وشروط حصوله على البطاقة؛ ما يشكل في نظرنا قطعا للطريق أمام عدد من المسترزقين والطارئين والغرباء على مهنة الصحافة. وعلى سبيل المثال أيضا تضمنت هذه القوانين مواد تنص على الحماية القضائية والاجتماعية للصحافيين، وحماية مصادر الخبر، وحماية الصحافيين من الاعتداءات، والتنصيص على أن منع ومصادرة الصحف أصبح بيد القضاء وليس بقرار إداري". إطار تشريعي ولكن... في المقابل يرى المودني أنه على الرغم مما جاء في القوانين الحديثة من نقاط إيجابية تتمثل في الشق المتعلق بضبط المهنة وتنظيمها وسحب العقوبات السالبة للحرية من قانون الصحافة، والتنصيص بشكل واضح على حرية الإعلام والتعبير، إلا أنه يقف عند مجموعة من النقاط السلبية ضمن هذه النصوص. واسترسل المتحدث "أبرز هذه السلبيات ترحيل بعض المقتضيات القانونية من قانون الصحافة والنشر إلى القانون الجنائي تحت ذريعة أن القانون الخاص للصحافيين لا يجب أن يخالف القانون العام بدعوى المساواة أمام القانون المنصوص عليها دستوريا. "نحن نعتبر أن هذا الأمر هو من اختصاص القضاء الذي يحق له هذا الأمر وليس السلطة الحكومية"، يضيف المودني. وانتقد المودني ما أسماه التأثير المتنامي للفاعلين السياسيين في الإعلام، قائلا إنه "عوض دفاع بعضهم عن إعلام مهني ومستقل يعملون على محاولة استغلال الإعلام لتلميع صورتهم"، وزاد: "لا نخفي قلقنا من الاعتداءات المستمرة على الصحافيين أثناء مزاولتهم مهنتهم، لهذا طالبنا في المجلس الإداري للمنتدى المغربي للصحافيين الشباب بتوسيع صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان أثناء مناقشة مشروع القانون المتعلق بهيكلة وتنظيم المجلس، لتشمل حماية الصحافيين من خلال إحداث آلية تختص بحماية الصحافيين أثناء تأدية مهامهم". ترحيل الصحافيين الأجانب وانتقد المتحدث كذلك عملية ترحيل الصحافيين الأجانب من المغرب أثناء قيامهم بمهامهم الإعلامية دون تعليل قانوني واضح، وبناء على مواد واضحة في القوانين الجاري بها العمل، مطالبا بضرورة تحيين القانون الخاص بمنح رخص التصوير الصادرة عن المركز السينمائي المغربي للقنوات والصحافيين الأجانب، "لأنه من غير المعقول أن يتم ترحيل صحافيين أجانب من الصحف المكتوبة والإلكترونية الدولية بحجة عدم حصولهم على ترخيص، والواقع أن عملهم في المغرب لا يحتاج إلى ترخيص أصلا، والذي يهم أساسا القنوات التلفزيونية"، على حد قوله.. المجلس الوطني للصحافة وشدد المودني على ضرورة إخراج "المجلس الوطني للصحافة" إلى الوجود؛ وذلك من أجل "معالجة الاختلالات الكبيرة الموجودة على مستوى احترام أخلاقيات المهنة في بلادنا، وزجر المخالفين لها بالاعتماد على الصلاحيات القانونية الممنوحة لهذا المجلس بموجب القانون". ويتابع المتحدث ذاته: "هذا الأمر يعد من المهام المستعجلة المطروحة على أعضاء المجلس. وعندما نقول أخلاقيات المهنة فإننا لا نقصد أبدا ما هو قانوني صرف كما يعتقد البعض، وإنما مجموع القواعد المنظمة لضمير المهنة كما هي متعارف عليها كونيا في المواثيق الدولية ذات الصلة". وينبه المودني إلى ضرورة انتخاب الصحافيين داخل هذا المجلس عبر اقتراع حر وديمقراطي يعكس إرادة الجسم الصحافي، وزاد: "لهذا حذرنا في عدد من بلاغاتنا الصحافية في المنتدى من غياب المقاربة التشاركية في النقاش حول مساطر وشكليات انتخاب ممثلي الصحافيين في المجلس الوطني للصحافة. وتابع "كما عبرنا عن رفضنا اعتماد نمط اقتراع متحكم في نتائجه، لأنه سيفرغ المضمون الديمقراطي لقانون المجلس من محتواه، مع تغاضينا عن اشتراط القانون ل15 سنة من الأقدمية داخل المهنة للترشح لعضوية المجلس، والذي نعتبره بصدق شرطا تعجيزيا الغرض منه حصر لائحة المرشحين ما أمكن، وإقصاء فئة واسعة من الإعلاميين الشباب، وهو ما يناقض روح الخطابات الرسمية التي تشدد على ضرورة مشاركة الشباب في تنزيل وتدبير السياسات العمومية".