يتخوف عدد من التجار الصغار بالمغرب من وتيرة انتشار المتاجر الكبرى في أحياء المدن بعدما كانت تتركز في نقط بعيدة؛ وهو ما يعتبرونه تهديداً لنشاطهم التجاري الذي ارتبط به المغاربة منذ عقود. وباتت المتاجر الكبرى تعرف انتعاشاً أكثر فأكثر، وتعرف إقبالاً ملحوظاً من طرف الفئات المتوسطة، بفضل التخفيضات الموسمية التي تعلنها باستمرار، إضافة إلى أماكن الترفيه التي توفرها في المكان. وفي مقابل ذلك، تعرف متاجر القرب أو محلات البقالة الصغيرة، هي الأخرى، وتيرة انتشار سريعة في الأحياء والأزقة، فأينما بُنيت عمارة سكنية جديد يظهر "مول الحانوت" جديد. وحسب النقابة الوطنية للتجار والمهنيين، يقدر عدد نقاط تجارة القرب في المغرب بأكثر من مليون و300 ألف نقطة. لكن القطاع يتزايد بشكل غير مضبوط من طرف وزارة الصناعة والتجارة، حسب محمد أبوه، أحد مؤسسي النقابة. ويرجع تأسيس هذه النقابة من طرف مجموعة من التجار والحرفيين إلى سنة 1978، بهدف تأطير وتنظيم وتكوين منتسبيها والدفاع عن حقوقهم ومطالبهم المادية والاقتصادية والاجتماعية، وعقدت مؤخراً مؤتمرها التاسع، الذي طالبت من خلاله بأسبقية استفادة التجار من التغطية الاجتماعية للمستقلين. وسبق لحكومة عبد الرحمن اليوسفي أن أقرت مشروعاً ضخماً يحمل اسم "رواج رؤية 2020"، بهدف دعم تجارة القرب بغلاف مالي ناهز 900 مليون درهم، ويضم برامج لمواكبة هذا القطاع الهش وتوفير التأطير والتكوين وتأهيل محلات البقالة. لكن النقابة الوطنية للتجار والمهنيين تعيب على الحكومة السابقة التي قادها عبد الإله بنكيران عدم مواصلة العمل بهذا البرنامج. وقال محمد أبوه إن "حكومة بنكيران أجهضت المشروع حتى قبل وصول سنة 2020". وأضاف المسؤول في النقابة أن "التجار كانوا يراهنون على الدعم الذي كان يوجه إلى التجار الصغار في حدود 25 ألف درهم، من أجل تأهيل محلاتهم بهدف الصمود أمام متاجر المساحات الكبرى التي تستقطب الزبناء بشكل مغر". وعبر أبوه عن قلق التجار المغاربة من انتشار المتاجر الكبرى في الأحياء والأزقة، وقال إنها تخلق منافسة شرسة وغير متكافئة، وأضاف: "كان من الممكن تشجيع التجار على تأسيس تعاونيات للشراء المشترك عوض التشجيع المستمر والكبير للمتاجر الكبرى". وأضاف المتحدث ذاته: "مول الحانوت يتأثر بهذا الأمر كثيراً، ولسوء الحظ أن الذاكرة لدى البعض ضعيفة، لأن جل الأطر المغربية التي تدبر الشأن العام لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم لولا البقال، لأن "مول الحانوت" كان في زمن مضى هو الذي يمول الحومة ويقدم قروضاً بدون فوائد رغم خطورة الأمر". وأشار أبوه إلى أن "اللجوء إلى "مول الحانوت" يقتصر اليوم على الحاجيات الطارئة في المنزل، أما الحاجيات الأخرى فيتم اقتناؤها من المساحات الكبرى"، واعتبر أن هذا "فيه ظلم للبقال ونكران للدور الذي لعبه أيام الحركة الوطنية من أجل الاستقلال"، واعتبر أنه "من العار أن يتم هضم حقوق التجار الصغار لأنهم جزء من تاريخ المغرب، خصوصاً أن هذا القطاع يَعُول أسراً متوسطة وضعيفة عريضة وكبيرة ولا تستفيد إلى حد الساعة من أي تغطية اجتماعية".