يقوم الممثل المغربي المعروف رشيد الوالي، منذ أيام، بحملة للتعريف بالدور الاجتماعي البارز الذي يلعبه التجار الصغار منذ عقود من الزمن ولا يزال مستمرا إلى اليوم. حملة "كارني مول الحانوت"، التي ترعاها شركة أوزون للنظافة، تأتي بعد أيام من إشادة مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، بالدور الاجتماعي الرئيسي الذي يلعبه التجار الصغار في النسيج الاقتصادي الوطني، بفضل الخدمات التي يقدمونها للمواطنين عن طريق عمليات الاقتراض. "إنها فكرة ومبادرة جيدة أن يتم الالتفات إلى الدور الاجتماعي البارز الذي يلعبه مول الحانوت، عبر منح السلع للزبناء مع إعطائهم أجلا مفتوحا لتسديد ثمنها، دون أن يجمع بينهما أي عقد سوى "الكارني""، يقول الطيب آيت باه، المعروف ب"مول الحانوت". وتابع آيت باه، في حديث لهسبريس، أن مبادرة "كارني مول الحانوت" لاقت استحسانا كبيرا من لدن التجار الصغار من أصحاب محلات البقالة؛ ذلك أن أصحاب المبادرة لا يقومون فقط بالتعريف بالدول الاجتماعي للبقال، بل يقومون بتسديد ديْن بعض المَدينين الضعفاء، وهو ما يخفف العبء عنهم، وعن البقال أيضا. يحرص الممثل رشيد الوالي على التأكيد، في مقاطع الفيديو التي يوثق بها لحظات مبادرة "كارني مول الحانوت"، أنه لا يهدف إلى إبراز فعل الخير أمام الناس من أجل التباهي؛ بل من أجل حث المواطنين على الانخراط في مثل هذه المبادرات الإنسانية، في زمن تروج فيه الأخبار الفضائحية وينحسر هامش أخبار أعمال الخير. في أحد مقاطع الفيديو، التي بثها رشيد الوالي على موقع "يوتيوب"، تظهر سيدة أمام محل للبقالة في حي شعبي، تحمل كيسيْ طحين وتنصرف دون أن تؤدي ثمنهما. يقول صاحب البقالة إن السيدة بدأت قبل أيام فقط مشروعا صغيرا، حيث تبيع "الحرشة" والرغائف، ومن باب المساعدة يمنحها ما تحتاج من دقيق إلى أن يتوفر لديها المال لتسديد قيمته، على الرغم من أنه لا يعرفها. يقول الطيب آيت باه إن "كارني الكريدي" عنصر أساسي من عناصر الحماية الاجتماعية في المغرب، ليس فقط للعدد الكبير من المواطنين المغاربة الذين يمكنهم التعامل ب"الكارني" مع "مول الحانوت"، من توفير حاجياتهم من المؤونة الغذائية، دون أداء مقابلها في الحين؛ بل أيضا لكون هذه المعاملة تعكس قيَم التعاضد والتكافل والتضامن بين أفراد المجتمع. وبالرغم من أن فئات من المغاربة أصبحت تقتني حاجياتها من المواد الغذائية من المتاجر الكبرى التي غزت المدن المغربية، فإن التعامل ب"الكارني" مع "مول الحانوت" لازال حاضرا بقوة، حتى في الأحياء الراقية، حسب الطيب آيت باه، موضحا "في الأحياء الراقية يمكن أن يكون رب أو ربة البيت في سفر، فيتصل بصاحب البقالة في الحي، ويطلب منه أن يمنح لأهل بيته ما يريدون إلى حين عودته، وهذه الخدمة لا يمكن أن يقوم بها إلا "مول الحانوت". الخدمات التي يقدمها التاجر الصغير لزبنائه لا تقتصر فقط على منحهم ما يحتاجون من مواد غذائية على أساس تسديدها لاحقا، بل يقدم لهم خدمات أخرى؛ ف"مول الحانوت" هو مستودع الأمانات، بل إنه قد يقدم خدمات أخرى، كما هو حال تاجر قال الطيب آيت باه إنه يصحب أطفال أحد زبنائه كل يوم إلى المدرسة قبل أن يتوجه إلى محله لبدء يوم عمل جديد. وحسب الأرقام التي قدمها مولاي حفيظ العلمي خلال المناظرة الوطنية الأخيرة للجبايات بمدنية الصخيرات، فإن قطاع التجارة الداخلية، الذي يمثل التجار الصغار 81 في المائة من الفاعلين فيه، هو ثاني قطاع مشغّل في المغرب بعد القطاع الفلاحي، إذ يوفر 1.5 مليون منصب شغل. ولا يتوفر "مول الحانوت" على أي ضمانة لاسترداد قيمة السلع التي يقتنيها منه الزبناء، إذ يكتفي فقط بتقييدها في "الكارني"؛ وصرّح عدد من البقالة لرشيد الوالي بأنهم يَضيعون في مبالغ مالية مهمة كل سنة، بسبب عدم وفاء الزبناء برد ما بذمتهم من ديون.