بعد مسارات متنوعة من خلال عشرات الأعمال الفنية المغربية الخالدة، يخوض المخرج المغربي حميد زيان تجربة سينمائية جديدة، من خلال فيلمه الروائي "بيل أوفاص"، لمقاربة إشكالية الخيانة. ويميط الفيلم السينمائي، الذي يستعد لدخول القاعات السينمائية مطلع السنة المقبلة، اللثام عن إشكالية الخيانة الزوجية في قالب درامي اجتماعي، باعتبارها واحدة من المواضيع الشائكة التي تنخر المجتمعات العربية والمغربية وتتسبب في تشرد عدد من العائلات. حميد زيان، مخرج الفيلم، يوضح: "بالرغم من مرارة طعم الخيانة، فإن المرأة تسامح في معظم الأحيان الرجل لارتكابه لهذا الجرم، وتواصل الحياة إلى جانبه حفاظا على أسرتها؛ لكن في المقابل لا يمكن للرجل مسامحة زوجته عند ارتكابها لهذا الفعل. وقد يصل الأمر إلى ارتكاب جريمة قتل على أساس أن المسألة تتعلق بالسمعة والشرف"، يقول. وأبرز زيان، في تصريح لهسبريس، أنّه لا يسعى من خلال "بيل أوفاص" إلى تقديم فيلم غارق في الذاتية، بقدر ما يسعى إلى تقديم فيلم جماهيري والمساهمة في مصالحة الجمهور المغربي مع سينماه، مصالحة لن تتم إلا عبر عمل متوازن فنيا وتقنيا وجماليا، عمل لا يستهتر بالجمهور من خلال دغدغة المشاعر وتقديم الجاهز، بل المراهنة على الجماهيرية المنتصرة أولا وثانيا وثالثا للفن والإبداع الحق الواعي برسائله المجتمعية والإبداعية. ويرصد "بيل أوفاص" الأسباب التي تؤدي بالمرأة إلى السقوط في الخيانة الزوجية، من خلال قصة رجل أعمال ناجح، ليس لديه الوقت لزوجته، لتقرر الخروج من أجل رد الاعتبار إلى أنوثتها عبر علاقات جنسية عابرة، وعند اكتشاف الزوج الأمر شن ضدها حرب الأعصاب؛ وهو ما دفعها إلى الانتحار. وفي المقابل، خصّص المخرج القصة الثانية للزوج الذي يخون زوجته؛ لكن الأخيرة تعاملت بحذر، وكتمت السر حفاظا على أسرتها. من جهته، اعتبر الناقد السينمائي عبد الإله الجواهري أن المخرج حميد زيان حقق دراما اجتماعية بحبكة وخلفيات بوليسية، متناولا قضايا مجتمعية مختلفة، أساسا منها قضايا الخير والشر والحب والخيانة والعنف وعدم التسامح. وأضاف الناقد السينمائي أن "المخرج لم يسعَ إلى تقديم هذه القضية في قوالب جاهزة أو مكررة، على اعتبار أن العشرات من الأفلام المغربية والعالمية تناولت هذه القضايا؛ بل أضفى عليها القدر الكثير والمختلف من موهبته وتجربته الإبداعية المثيرة". وفي هذا السياق، أورد الجوهري أنّ "قدرة زيان على التحكم في الآلة وتطويعها لخدمة أهداف ما يحكيه قدرة اكتسبها في ما حققه إلى حد الساعة للتلفزيون من مسلسلات وأفلام، أو الرؤية الفنية المضبوطة العارفة بمجالات اشتغالها وحدود تحركاتها، رؤية زادتها قوة الأداء المعتبر لمجموعة من الوجوه السينمائية المغربية صلابة فوق صلابة". يشار إلى أن الفيلم السينمائي "بيل أوفاص"، الذي ألفه المسرحي محمد الحر، والذي أشرف على إنتاجه عبد القادر بوزيد، شارك في بطولته كل من محمد خيي وثريا العلوي وعبد القادر بوزيد ورجاء خماز وعبد السلام بوحسيني وإنصاف زروال وسكينة درابيل.