في بادرة غير مسبوقة بالمغرب، سيحتضن السجن المركزي بمدينة القنيطرة، غداً الأربعاء، مقهى ثقافياً لفائدة النزلاء، بحضور الشاعر والروائي حسن نجمي وروايته "جيرترود". ويندرج هذا المقهى الثقافي ضمن الجيل الجديد من البرامج التي اعتمدتها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في إطار تمكين السجناء من لقاء رجالات الثقافة والفن والعلم. وقال مصطفى لفراخي، مدير مكلف بالعمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء وإعادة إدماجهم بالمندوبية، في تصريح لهسبريس، إن "المندوبية تركز بشكل كبير على الجانب الثقافي والتثقيفي للسجناء، لأنهم في حاجة إلى نضج اجتماعي وذكاء وتملك القدرة على التفكير والتفاعل والاختلاف في إطار احترام الآخر وتملك أفكار بشكل سليم وصحيح". ولدى المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالمغرب عدد من البرامج الكلاسيكية التي تعتمدها لفائدة السجناء عبر المملكة، من بينها التكوين المهني والتعليم ومحو الأمية والتكوين الحرفي، وهي برامج تمكن السجناء من تملك خبرة مهنية وتعليمية تساعدهم على الاندماج بعد الإفراج عنهم. وأوضح لفراخي أن هذا "المقهى الثقافي الأول من نوعه سيكون مناسبة لفائدة 40 سجيناً في السجن المركزي بالقنيطرة لمناقشة رواية جيرترود للكاتب والشاعر حسن نجمي". وأشار إلى أن هذا اللقاء "سيوفر فرصة تواصل بين السجناء والكاتب لإعطائهم فكرة حول أسباب هذه الرواية ومضمونها، وقد مكنا مسبقاً السجناء منذ 15 يوماً من نسخ من الرواية للتفاعل حول مضمونها وأبعادها الثقافية". كما أكد المسؤول بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن "هذا المقهى الثقافي سيكون مدخلا أساسياً للسجناء لحثهم على القراءة، وفرصة للتفاعل المباشر مع الكاتب لملامسة الإبداع في الكتابة الروائية وأهمية الجانب الثقافي في تخليق الفرد وتأهيله فكرياً وروحياً". وتعتزم المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تعميم هذه التجربة الفريدة على مستوى الجهات الاثني عشرة لتصبح مستقبلاً موعداً شهرياً قارًا، سواء بتنظيم مقهى ثقافي لمناقشة موضوع معين، أو استضافة شخصية معروفة على المستوى الفني أو الثقافي أو الحقوقي أو القانوني. وقال الكاتب حسن نجمي، رئيس سابق لاتحاد كتاب المغرب، في حديث لهسبريس، إن "الظاهرة التي كانت في الفضاء العمومي ستنتقل إلى قلب السجون، لأن هذه الأخيرة تضم أيضاً سجناء لهم مستوى ثقافي ومهارات أدبية، ومن شأن هذه المبادرة أن تجعل من السجن مؤسسة غير عقابية لا تحرم السجناء من حقوقهم الإنسانية". واعتبر الشاعر المغربي أن إيصال المقاهي الثقافية إلى السجناء سيمكن أيضاً من أنسنة السجون المغربية، واحترام المعايير الحقوقية الدولية للسجون، لتحقيق هدف إعادة الإدماج في المجتمع بعد الإفراج. وكانت تجربة المقاهي الثقافية، أو المقاهي الأدبية، قد دشنها اتحاد كتاب المغرب قبل أكثر من عقد من الزمن؛ إذ كان يجري عقد لقاءات مع العموم في مقاهٍ ببعض المدن كفاس والرباط والدار البيضاء، كحلقة وصل بين المثقفين والجمهور. وفي السنوات الأخيرة خفتت التجربة، لكنها ما فتئت تعود للانتعاش من جدي؛ إذ بادر عدد من الكتاب والمثقفين إلى تأسيس رابطة المقاهي الأدبية والثقافية، يعقدون من خلالها بشكل مستمر ودوري لقاءات ثقافية في عدة مدن صغرى وكبرى.