الإمارات تكرم العمل الجمعوي بالمغرب .. وحاكم دبي يشجع "صناعة الأمل"    رجل يقتل ابنته وصهره باستخدام بندقية صيد    وزيرة الفلاحة الفرنسية تشيد بجهود الشراكة الاستراتيجية مع المغرب    انتخاب خالد الأجباري ضمن المكتب الوطني لنقابة الاتحاد المغربي للشغل    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    ترامب يهنئ المحافظين في ألمانيا    التعادل السلبي ينهي قمة الجولة 22 بين الرجاء والجيش الملكي    الكاتب بوعلام صنصال يبدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام احتجاجًا على سجنه في الجزائر.. ودعوات للإفراج الفوري عنه    إطلاق نار يخلف قتيلين بالمحمدية    سبعيني يقتل ابنته وزوجها ببندقية صيد في المحمدية    مصرع فتاتين وإصابة آخرين أحدهما من الحسيمة في حادثة سير بطنجة    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    هذه هي تشكيلة الجيش الملكي لمواجهة الرجاء في "الكلاسيكو"    لقاء تواصلي بمدينة تاونات يناقش إكراهات قانون المالية 2025    حريق يأتي على سيارة إسعاف وسيدة حامل تنجو بأعجوبة    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    الملك محمد السادس يهنئ إمبراطور اليابان بمناسبة عيد ميلاده    المغرب ضمن الدول الأكثر تصديرا إلى أوكرانيا عبر "جمارك أوديسا"    نقابة تدعو للتحقيق في اختلالات معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    إسبانيا.. تفكيك شبكة متخصصة في الاتجار بالبشر استغلت أزيد من ألف امرأة    الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يُهدد القدرات المعرفية للمستخدمين    بوتين يستخدم الدين لتبرير الحرب في أوكرانيا: مهمتنا الدفاع عن روسيا بأمر من الله    رسالة مفتوحة إلى عبد السلام أحيزون    المغرب في الصدارة مغاربيا و ضمن 50 دولة الأكثر تأثيرا في العالم    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    هل الحداثة ملك لأحد؟    رونالدو: تشرفت بلقاء محمد بن سلمان    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    "غضب" نقابي بسبب "انفراد" رئيس جماعة الفقيه بن صالح بإجراء تنقيلات واسعة في صفوف الموظفين    متهم بالتهريب وغسيل الأموال.. توقيف فرنسي من أصول جزائرية بالدار البيضاء    لقاء تواصلي بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية ووفد صحفي مصري    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    رضا بلحيان يظهر لأول مرة مع لاتسيو في الدوري الإيطالي    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة حراك الريف بين الفلسفة السياسية للعهد الجديد والنكوص إلى الوراء
نشر في هسبريس يوم 21 - 11 - 2017

من وجهة نظر علم السياسة وعلم الاجتماع السياسي لا يمكن لأزمة حراك الريف من حيث الأسباب والعوامل المحركة لها في الاجتماع والاقتصاد والسياسية والتاريخ والثقافة أن تكون أزمة عابرة وعرضية، خاصة باستحضار سياقاتها الراهنة الداخلية والخارجية وخلفياتها السياسية والهوياتية وعقدها التاريخية؛ حراك عمق أزمة مزمنة كانت موجودة بين الريف والمركز وفتحها على تداعيات وتطورات نجزم باليقين المطلق أن المقاربة الأمنية والقضائية لم ولن تفلح في حلها، وإن كانت ستنجح مؤقتا في احتوائها. فعندما أسست الدولة المغربية انتقالها السياسي والمجتمعي ضمن شروط واشتراطات الفلسفة السياسية للعهد الجديد على مجموعة من المؤسسات والمفاهيم، من قبيل المفهوم الجديد للسلطة، الإنصاف والمصالحة...وتم إحداث مؤسسات حقوقية وإنجاز كثير من المصالحات والتأسيس لها بمجموعة من الهيئات الدستورية لطي صفحة الماضي، في ما أصبح يعرف في المخيال السياسي والحقوقي المغربي بسنوات الجمر والرصاص، مفاهيم ومؤسسات اعتبرت في حينها أنها أحد مقومات التي أسست لتعاقدات مرحلة حكم محمد السادس وفلسفته السياسية والدينية في إطار مرجعية الملكية وإمارة المؤمنين، وجددت في حمولتها السياسية وتمثلاتها الاجتماعية في الشارع السياسي المغربي شرعية الحكم في المغرب، في عهد الملك الجديد.
وقد كان ملف الريف يمثل بالنسبة لكل هذه التحولات أحد التجليات والاختبارات والامتحانات الحقيقية التي أظهرت قدرة نظام الحكم في المغرب على بلورة نموذج ناجح من المصالحات والتعاقدات السياسية والمجتمعية، بأفق إصلاحي يؤسس لدولة الحق والقانون. وقد عول (بكسر الواو) كثيرا على نخب ريفية بعينها لإنجاح هذا الاستحقاق، وظهر ذلك بشكل واضح في تركيبة حزب الأصالة المعاصرة الذي تشكلت أبرز قياداته من منطقة الريف، بخلفية المساهمة في إنجاز مشروع المصالحة مع الريف وإدماجه في النسيج المجتمعي والثقافي والاقتصادي الوطني.
من منطلق هذا الاستهلال تجدني أقرأ مطبات وتعقيدات أزمة حراك الريف في علاقته بأفق البناء الديمقراطي بالبلاد وراهنية التحولات العميقة لمغرب اليوم سياسيا واجتماعيا وثقافيا، والتي تضعه أمام استحقاقات مصيرية في علاقته بمحيطه الإقليمي والدولي، وما يتسم به هذا المحيط من تغيرات تكاد تكون جذرية في بعض مستوياته. فلا يمكن أن نتصور على سبيل الافتراض أن منطق الدولة ومؤسساتها العقلانية وعقلائها من رجال الدولة تتهور وتشطب بجرة قلم على كل مكتسباتها الإصلاحية والحقوقية في سبيل محاكمة نشطاء حراك من إفراز عوامل وأسباب لا يمكن اختزالها وشخصنتها كما نردد دائما في فرد أو أفراد معينين؛ لأن مكامن الأزمة أكبر وأعمق بكثير، وأقرت بها حتى الخطب الملكية، مهما توسلت وشرعنت تلك المحاكمات بقوانين ومساطر قد تبدو عادلة ومشروعة في ظاهرها .. لأن نتائجها حتما ستكون عكسية ولن تحل لنا الأزمة، بل ستزيدها تعقيدا؛ فيما لازال يعقد أمل كبير على مطلب العفو العام من طرف المؤسسة الملكية، عفو سيرسخ ويثبت فلسفة العهد الجديد في الحكم ويقطع الطريق على كثير من المشاريع الهدامة. ونحن نعني هنا موجات الحقد والكراهية التي يتم إذكاؤها في ملايين الجالية الريفية بالخارج؛ وهو الحقد الذي سيستثمر سياسيا وإيديولوجيا لإنتاج تنظيمات إثنية وأصولية معادية للمغرب، وستبتلع إن تركت لحالها حتى الأصوات الديمقراطية والحقوقية المعتدلة.
إن كلامنا ليس للتهويل وتركيب خطابات إنشائية، ولكن تحليلنا لطبيعة المرحلة يستحضر السياق الدولي وانفلات كثير من الكيانات والتنظيمات من الضبط السياسي والأمني وتحولها إلى أدوات فتاكة ضد الأمن القومي للدول، خاصة مع حالة الانتقال التي يعرفها النظام الإقليمي والدولي ضمن توازنات جيوساسية جديدة ليست في صالح المغرب ومصالحه الإستراتيجية.
إن أي فشل في مقاربة استيعابية لأزمة حراك الريف داخل أسس مشروعية نظام حكم العهد الجديد ستعني تقويضا خطيرا لكل ما تم بناؤه، ولن يبقى لمفاهيم الإنصاف والمصالحة والمفهوم الجديد للسلطة والمشروع الحداثي الديمقراطي المجتمعي ولمؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف والمصالحة والنخب السياسية الريفية التي تتواجد في هرم مؤسسات الدولة، وما تم إنجازه في عهد محمد السادس من مصالحة مع الريف... أي معنى، وستغدو مقولة الزفزافي: "نحن منتصرون سواء اعتقلونا أو أعدمونا أو سجنونا" هي المؤثثة للمشهد الريفي وللوعي واللاوعي الجمعي بالريف لعقود من الزمن داخل الوطن وخارجه، وستتقاطع مع عدمية جمهوريي أوروبا، وستخلق جبهة من العداء والتطرف ضد الدولة والنظام، الله يعلم وحده يعلم ما هي مآلاتها ومخارجها.
في الجبهة المقابلة لأزمة حراك الريف، والذي يهم نخب الريف السياسية والفكرية، يمكن القول إن الظرفية تستدعي تعبئة شاملة لبناء تصور واضح ورؤية إستراتيجية للتعامل مع الوضع بغرض فرض موازين قوى سياسية ومجتمعية معينة تؤهل الطبقة السياسية والمثقفة في الريف للعب دورها كأنتلجنسيا مؤثرة وموجهة للمجتمع، وتتحمل مسؤوليتها في بناء وعي سياسي مسؤول في تكامل مع كل نخب الوطن، بهدف بلورة مشروع مجمعي حقيقي بنفس إصلاحي ينتج تعاقد سياسي جديد بين ملكية العهد الجديد والقوى الديمقراطية الوطنية. التعاقد الذي يبقى وحده الإطار لتجاوز الأزمات، لأنه يجد في الفلسفة السياسية للعهد الجديد المنطلق والأرضية لإنجاحه، وإلا فإن البديل هو النكوص إلى الوراء وتبعاته الكارثية على الوطن.
* رئيس مركز الريف للدراسات والأبحاث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.