سلط وزراء أفارقة، وخبراء ومستثمرون دوليون، الضوء على الفرص والإمكانيات المتاحة للقارة الإفريقية لتحقيق إقلاع اقتصادي واعد، بعد الاستقرار الذي عرفته على المستوى السياسي وضمن المخططات التنموية خلال السنوات الأخيرة. وزيرة تشجيع الاستثمار والشراكات وتطوير الخدمات السنغالية، خوديا مباي، خلال ورشة حول "الآفاق المتاحة أمام إفريقيا لتحقيق صعود قوي"، اليوم الخميس ضمن فعاليات الدورة العاشرة من المنتدى الدولي "ميدايز" بمدينة طنجة، قالت إن إفريقيا عرفت مؤخرا الكثير من مخططات الإقلاع، وضمنها "المخطط السنغالي للإقلاع" الذي أتاح ضمانات ببلادها من أجل إنجاح الاستثمارات. وأشارت المسؤولة الإفريقية إلى أن أبرز التحولات في إفريقيا اليوم هو ارتفاع معدلات النمو بعد الاستقرار السياسي ونهاية النزاعات في كثير من دول القارة، و"هو الأمر الذي يفتح لنا الفرص للاستثمار في الشباب كمحرك للتنمية وتأمين فرص الشغل والعمل وتطوير الرأسمال البشري"، بتعبيرها. كما تطرقت الوزيرة السنغالية إلى معوقات التنمية في إفريقيا، وعلى رأسها واقع التعليم الذي لا يستجيب لتحديات المستقبل، داعية إلى ضرورة القيام بثورة تعليمية تساير النهضة التي تشهدها قطاعات أخرى، من قبيل الزراعة والفلاحة والبنى التحتية. ودعت المتحدثة نفسها الزعماء الأفارقة إلى الثقة في قدرات بلدانهم والابتعاد عن النظرة التي تقلل من وضع إفريقيا، وأكدت أن "الوقت قد حان لتصبح القارة شريكا أساسيا مع القوى العظمى، فقط عليها أن تقتنص فرص التكنولوجيات الحديثة من أجل إنجاح إدماج إفريقي في المسار العالمي". بدوره، قال مبارك لو، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى الوزير الأول السنغالي، إن إفريقيا استطاعت أن تحقق نموا وصلت نسبته إلى 5%، غير أن الربيع العربي الذي عصف بكثير من دول القارة، خصوصا ليبيا ومصر وتونس، كانت له تداعيات خطيرة؛ حيث انخفض سعر برميل البترول بشكل كبير ليصل 65 دولارا. ويرى الخبير الاقتصادي ذاته أن إفريقيا، خلال القرن الواحد والعشرين، تمكنت من الخروج من الوصف الذي كان يطلق عليها وهو قارة "خيبة الأمل"، إلى قارة أطلقت فيها دول عديدة العنان نحو الرفع من معدلات النمو وتنويع اقتصادها وتعزيز الإنتاجية. في الصدد ذاته، أشار توغو أغيار، خبير اقتصادي إفريقي مستثمر عالمي، إلى أن الأزمة المالية العالمية ساهمت بشكل كبير في تراجع نسبة النمو في إفريقيا، لكن السؤال بالنسبة له هو: ماذا سيحدث في المستقبل؟ ليخلص إلى أن "مؤشرات البنك الدولي ترسم نظرة سوداوية، مثلا، عن أهم قوى اقتصادات المنطقة، وهي جنوب إفريقيا التي تأثرت بمشاكلها السياسية الداخلية، وربما لن تكون مستقبلا قبلة للاستثمار"، بحسب تعبيره. "في المقابل، حققت نيجيريا في السنوات الأخيرة قفزة نوعية على المستوى الاقتصادي، وربحت في مؤشر دوينغ بيزنس الأخير، الصادر عن مؤسسة البنك الدولي، أربع نقاط، نظرا لما توفره من مناخ ميسر للشركات ومشجع للاستثمار"، يقول توغو أغيار. وأشاد الخبير الاقتصادي العالمي بقرار المغرب التاريخي القاضي بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي، وبمبادرة الملك محمد السادس للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وقال في هذا الصدد: "عندما تتوفر الدول على زعامات قوية بنظرة واضحة تحقق إقلاعا إفريقيا، خصوصا إذا كانت مدعومة من طرف شعوبها". واستشرف المتحدث آفاقا واعدة للقارة السمراء ستجعلها تعول على نفسها بدل انتظار تدخلات الغرب والمساعدات الأجنبية.