أجرى الصفي عبد الرحيم الوالي استجوابا مع إدريس ولد القابلة حول دور الإعلام في مناهضة عقوبة الإعدام بالمغرب نعرضه على مبحري الشبكة قصد الاطلاع . "" كإعلاميين هل ترون أن إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب يحظى بالاهتمام المطلوب إعلاميا؟ يبدو أن الإعلام المغربي مازال لم يدخل في أجندته قضية إلغاء عقوبة الإعدام ولا يتطرق إليها إلا لماما و بصفة عابرة ، و في أحسن الظروف يتعامل معها بدافع مناسباتي، في حين أن الظرفية تستوجب تبنيها كقضية إنسانية و حقوقية. علماا أنه لم تحظ عقوبة من العقوبات المختلفة بالقدر من النقاش الذي حظيت به عقوبة الاعدام ، وهو نقاش ليس على الصعيد المختصين في العلوم الجنائية بل يتعداه الى دوائر الادباء والفلاسفة والكتاب ورجال الدين ، واكتسب النقاش في كثير من الاحيان طابعا سياسيا ، وحتى دينيا. ما هي في نظركم أهم الأسباب التي تجعل مطلباً إنسانيا و حقوقيا بحجم غلغاء عقوبة الإعدام لا ينال في الغالب إلا قدرا ضئيلاً من التغطية الإعلامية؟ يبدو لي أن القضية مرتبطة بالعقلية أكثر منها من أسباب موضوعية لاسيما و أن الإعلام المستقل ببلادنا تطرق لجملة من القضايا حتى تلك التي تطلبت جرأة غير مسبوقة في تاريخ الإعلام المغربي. ذلك بالرغم من أنه دار نقاش ببلادنا بين الاتجاه المؤيد لالغاء عقوبة الاعدام وبين الاتجاه المناهض لها، ولو ان حركة مناهضة العقوبة لازالت في طور بسيط وليست مؤثرة بالشكل الكافي لمناهضة التوجه السائد المؤيد بشدة لعقوبة الإعدام لأسباب سياسية، أو دينية، أو إجتماعية .فإن تاريخا طويلا من ثقافة تؤيد عقوبة الإعدام تحتاج جهودا كبيرة ليس على مستوى الاشخاص بل المنظمات والاعلام والتشريعات ورجال الدين ورجال القانون والسياسين والكتاب، للتوجه نحو ثقافة جديدة تروج لحق جميع أفراد الجماعة الانسانية في الحق في الحياة . وقد أورد كلا الجانبين المؤيد للعقوبة والمطالب لإلغائها بحججه ، فالجانب المؤيد يرى أن عقوبة الاعدام ضرورية لاستئصال طائفة من المجرمين يستحيل أصلاحهم ،وأنها عقوبة تحقق الكثير من الردع العام (أننا لا نصلح الشخص الذي نشنقه بل نصلح به الآخرين) ،وأن إلغاء عقوبة الاعدام وخصوصا في مثل مجتمعاتنا العربية والمسلمة ذات الارث القبلي والعشائري الذي يمجد الثأر ويتغنى به سيولد نوع من رد الافعال الانتقامية من قبل ذوي المجني عليه وهو ما يؤدي للاخلال بالنظام العام. وأخيرا أن عقوبة الاعدام ليست مكلفة كما هو حال مع العقوبات السالبة للحرية كالسجن مدى الحياة أو المؤبد التي تكلف الدول الكثير من الاعباء المالية لبناء السجون وإداراتها وحراستها وإطعام النزلاء وإكسائهم وتشغيلهم في السجون. وإنها لا غنى عنها في تحقيق العدالة كوظيفة أخلاقية للعقوبة، وأن عقوبة السجن المؤبد أو مدى الحياة وخصوصا أذا كان حبسا انفراديا لن يكون أقل قسوة من عقوبة الاعدام فهو سيمثل نوع من الموت البطيء أما المطالبين بالغائها ومنهم الكاتبة يرى أن عقوبة الاعدام لا تحقق الغرض من العقوبة وهو إصلاح المجرمين، ويجب عدم الخلط بين التوبة الدينية والاصلاح بالمفهوم الجنائي الذي يتحقق بإعادة تكيف المحكوم عليهم مع المجتمع وهذا لا يتحقق بمن ينفذ بهم حكم الاعدام. أما القول ان عقوبة الاعدام تنقذ المجتمع من شرور المجرمين هذا قول فيه كثير من التجني لان من تتوفر فيهم الخطورة الاجرامية أحد شخصين إما مجانين أو يعانون من ظروف أجتماعية وهؤلاء اليوم اتجه النظام العقابي الحديث الى عدم إيقاع عقوبة الاعدام بهم وهناك حالات كثيرة تستبدل عقوبة الاعدام فيها لاسباب وظروف اجتماعية أو نفسية كالقتل للشرف ودوما أعتبرت هذه الظروف سببا لتخفيف العقوبة. إن العدالة الكاملة ليست مبررا كافيا للتضحية بحياة إنسان، فالوجود الإنساني له قيمة كبرى سواء دينية، أم أخلاقية،وقد تكون طريقة تنفيذها تفوق قسوة الجاني ذاته في ارتكاب الجريمة . هل ترون أن النقص الحاصل في التغطية الإعلامية للموضوع كان له تأثير في جعل الدولة المغربية حتى الآن لا تقدم على تفعيل توصية هيئة الإنصاف و المصالحة في هذا الشأن؟ أكيد أن هناك نقص كبير في هذا المجال و طبعا من شأنه أن لا يخدم حركية مناهضة عقوبة الاعدام ببلادنا رغم أن هناك الكثيرين الذي لا مانع لهم من إلغائها ما هو حسب تقييمكم الدور الذي يمكن للجسم الإعلامي المغربي أن يلعبه في الدفع قدماً بمطلب إلغاء عقوبة الإعدام؟ أننا اليوم في مجتمعاتنا بحاجة الى دعم كافة الجهود الرامية الى إلغاء عقوبة الاعدام والبدء بحركة متنامية للتغيير سواء في الرأي العام بالدعوة بمختلف الوسائل لتغيير من ثقافة العنف والثأر والانتقام واحترام حق الانسان في الحياة. والتركيز على الجانب الداعم لحق الانسان في الحياة في الديانات والثقافات والموروثات الاجتماعية، و دور الإعلام في هذا المضمار حيوي ، بدءا أولا بتغطية كل ما له صلة بهذا الموضوع. هل لديكم أي فكرة أو تصور يمكن أن يساهم في جعل الصحافيين المغاربة أكثر اهتماما و التزاما تجاه مطلب إلغاء عقوبة الإعدام؟ أدعوهم إلى الاهتمام بالإشكالية أولا و التخلص من شعور عدم اللامبالاة بخصوصها و بعد ذلك سيتبين لهم ما يجب القيام به سواءأ كانوا مع أو ضد عقوبة الاعدام. هل ترون أن المنظمات الحقوقية المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام تتواصل بالشكل المطلوب مع وسائل الإعلام المغربية حول هذا الموضوع؟ إن واقع الإعلام بخصوص إشكالية عقوبة الإعدام يكاد ينطبق فيما بين تلك المنظمات لاسيما فيما يتعلق بالتواصل و التنسيق و توحيد الجهود للنهوض بحركة مناهضة عقوبة الاعدام بالمغرب.