على بعد 12 كيلومترا عن مدينة وزان توجد جماعة مصمودة، التي يبلغ عدد سكانها 17304، وفق آخر إحصاء للسكان والسكنى سنة 2014، موزعين على 30 دوارا. مركز جماعة مصمودة تابع للنفوذ الترابي والإداري لإقليم وزان، ويعاني عدّة مشاكل في البنية التحتية والخدماتية مرتبطة بأهم الشروط الضرورية للعيش الكريم؛ وهو ما يؤثر على سيرورة حياة المواطنين بالمنطقة، خاصة تلك التي ترتبط بالمجال الخدماتي والإداري والترفيهي بصفة عامة. الوصول إلى جماعة مصمودة ليس متعسرا، بحكم وفرة وسائل النقل التي تؤمن الربط بين حاضرة دار الضمانة والجماعة القروية، وذلك بالرغم من وعورة مسالكها التي تتخللها منعرجات خطرة، ربما هي أيسر على النفس من المنعرجات والمسالك الوعرة التي يعرفها ملف تدبير الجماعة. بمدخل الجماعة القروية يحتشد العشرات من تلاميذ الثانوية التأهيلية عبد الخالق الطريس، مستظلين تحت جذوع الأشجار وبين الصخور ووسط الحقول، وينحدرون من دواوير نائية؛ منهم من انتهت حصته الدراسية ومنهم من تغيب أستاذه، غير أنهم مجبرين على البقاء في الشارع حتى الفترة المسائية لتعيدهم حافلات النقل المدرسي إلى بيوت ذويهم. الوضعية المرصودة أرجعتها مصادر هسبريس إلى حرمان دار الطالبة من المنحة السنوية المقدرة بخمسة ملايين سنتيم، إلى جانب الاستياء المرافق لتدبير المرفق العمومي من طرف القيمين عليه؛ ما أكده تلاميذ تحدثوا الجريدة. جميع مساكن جماعة مصمودة مشيدة بالإسمنت والآجر، بما فيها حديثة النشأة، والتي ارتأى أربابها مسايرة متطلبات العصر وتوفير سكن لائق رغم استنزافه ماليتهم المحدودة. ويشتكي سكان الجماعة المذكورة من غلاء فواتير الكهرباء، مرجعين السبب إلى غياب المراقبة الدورية لعدادات الاستهلاك، ما يرفع الفاتورة إلى الشطر الثاني والثالث؛ غير أن ما يزيد الطين بلة هو غياب وكالة لاستخلاص الواجبات المحددة في الفواتير، ما يجعل المواطن المصمودي يتحمل عبء التنقل إلى وزان. كما يشتكي السكان من ضعف التوتر الكهربائي بالجماعة، ما ينعكس سلبا على الاشتغال العادي للأجهزة الكهربائية ويؤدي إلى إتلافها في أحيان أخرى، حسب صاحب مقهى تحدث مع هسبريس، مستحضرا جملة من الأعطاب التي طالت أجهزة كهربائية، وكبدته خسائر مادية لم يتم تعويضه عنها. `"يشكل غياب رئيس المجلس الجماعي لمصمودة عن مقر الجماعة الترابية واحدا من المعضلات التي تقض مضجع المصموديين والمصموديات وعضوات وأعضاء المجلس القروي، بالنظر إلى ما يسببه من تعطيل لمصالحهم، سواء المتعلقة بإمضاء الأوراق الإدارية أو الاستماع إلى شكاياتهم"، يقول المستشار الجماعي عبد السلام غازي. وأضاف المستشار الجماعي أن "مشروع إعادة تأهيل مركز مصمودة شابته اختلالات تتمثل في عدم مطابقة "السيراميك" الأرضي المستعمل مع الصنف المحدد في دفتر التحملات، إلى جانب الغش في مواد البناء المستعملة مقارنة مع المواصفات المتفق عليها في الدراسات الهندسية"، متسائلا عن مصير المبالغ المالية المحصلة من فارق المواد المستعملة. وأشار غازي إلى كون الإخراج النهائي لمشروع تأهيل مركز الجماعة، والذي ساهمت فيه الأخيرة ب300 مليون، تغيب عنه بعض المرافق المتفق عليها في البطاقة التقنية، من بينها محطات توقف "الطاكسيات" والأغراس ومدارات طرقية بمواصفات عصرية. واستحضر المستشار الجماعي ذاته ما وصفه ب"ارتجالية تنزيل المشروع المفتقد لدراسة تقنية"، مشيرا إلى تواجد عمود كهربائي وسط الطريق العام، وهو ما وصفه ب"العبث"، متحدثا في الوقت نفسه عن "الارتفاع الصاروخي في فاتورة استهلاك البنزين، الذي تجاوز سقف 45 مليونا، في وقت لم تكن تتجاوز القيمة المالية 15 مليونا في التجربة السابقة، إلى جانب "النفخ" في تعويضات التنقل الخاصة بنواب الرئيس"، على حد قوله. وإذا كان سكان جماعة مصمودة، خاصة المنتمون إلى دواوير نائية، يشتكون من ندرة الماء، فإن غازي يرجع ذلك إلى ضياع ميزانية من المال العام في صفقة للتنقيب عن المياه، "لم تفلح سوى في هدر المال العام دون أن تنفجر الينابيع وتتدفق المياه"، وفق تعبيره. من جانبه تحدث نور الدين عثمان، رئيس المكتب الإقليمي للعصبة المغربية لحقوق الإنسان بوزان، عن "وجود اختلالات وتلاعبات شابت تهيئة المشروع والغش في مواد البناء"، مطالبا وزارة الداخلية والجهات المختصة بالوقوف على ما وصفه ب"استمرار تفشي الريع والفساد بإقليم وزان". واعتبر الفاعل الحقوقي هذه المؤشرات "تستدعي تدخل قضاة المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة الداخلية، لتقليب صفحات سنتين من التصرف في المال العام، والتغلغل بين أنفاق ميزانية الجماعة للتأكد من سلامة وشفافية صرفها، مع ضرورة تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة". وحرصا منها على الاستماع إلى رأي المسؤول الأول عن تدبير شؤون العامة بجماعة مصمودة، انتقلت هسبريس مرتين إلى الجماعة الترابية المذكورة للقاء مصطفى الأكحل، رئيس المجلس الجماعي، كما حاولت الاتصال به لمرات عديدة، غير أن هاتفة الشخصي ظل خارج الخدمة.