2/2 ما هو الإسراء؟ يقول بعض المُؤرخين إن أصل كلمة "الإسراء" هي كلمة إسرائيل، ثم عدلت بعد ذلك عند كتابة القرآن وتجميعه، ولم يذكروا من الذي عدلها في التعديلات الثلاثة التي أجريت على القرآن؟ ومتى عدلت؟. فسر الجلالين "الإسراء" فقال "سبحان (تنزيه) الذي أسرى بعبده (محمد) ليلا (سير الليل) من المسجد الحرام (مكة) إلى المسجد الأقصى (بيت المقدس) 1. ف"الإسراء" هو السير ليلا، والسؤال الذي طرحه المشككون: من قائل هذه الآية؟ كيف يقول الله: "سبحان الذي أسرى بعبده؟ ولماذا ليلا؟ هل حتى لا يرى أحد محمدا؟ ولماذا شك فيه أهل قريش؟ وكيف كان يصدقه أبو بكر؟ إلى ما لا نهاية من الأسئلة حول الموضوع. من المعروف تاريخياً أنه لا يوجد مسجد أو جامع كان موجوداً على أرض الواقع اسمه "قبة الصخرة"، بل كانت هناك خرائب؛ لأن هيكل اليهود دمره الرومان؛ وذلك في المكان الذي حدده نبي الإسلام محمد في إسرائه المزعوم. وذكرت كتب التاريخ أنه في سنة (72 ه) بنى عبد الملك بن مروان "قبة الصخرة" بأورشليم (القدس) والجامع الأقصى، فكيف كان موجوداً في عصر محمد؟. والمضحك أن أبو بكر كان يقول "صدقت يا رسول الله"، عندما كان يحكي قصة إسرائه للمسلمين؛ أي إن أبا بكر رأى المسجد الأقصى رؤية العين، فأطلق عليه محمد أبو بكر الصديق. وقد اعتبر العرب أن محمدا إما يستخف بعقولهم، أو أنه كان يهذي عندما حكى لهم قصة إسرائه. وقد كان العرب يعتبرون محمدا مجنوناً، إذ كانت تعتريه حالات عصبية يشخصها أطباء اليوم النفسيون. وقد ذكر القرآن هذا. والأمر الذي أكد أن قصة إسرائه من صنع الخيال أنها حدثت بدون رؤية شاهد واحد، فما هو رأيك أنت يا أخي المسلم؟. يمكنك أن تقرأ أي موقع إسلامي، أو أي كتاب إسلامي، لتجد أن الخليفة عبد الملك بن مروان بنى السجد الأقصى سنة (72ه)؛ وهذا دليل على عدم وجوده في عصر محمد نبي الإسلام! *معراج "أرتيوراف" ومعراج محمد هناك قصة فارسية قديمة اسمها "أرتاويراث" تصف الفردوس بحورها وولدانها. هذه القصة ألفت قبل هجرة نبي الإسلام بأربع مائة سنة. جاءت هذه القصة في كتاب باللغة الفارسية اسمه "أرتيوراف نامك"، وموضوعها أن المجوس أرسلوا روح أرتيوراف (أرتل ويراث) إلى السماء، ووقع على جسده سبات عميق؛ وكان الغرض من رحلته هو الاطلاع على كل شيء في السماء، والإتيان بأنبائها، فعرج إليها فأرشده أحد رؤساء الملائكة، فجال من طبقة إلى طبقة، وترقى بالتدريج إلى أعلى فأعلى؛ ولما اطلع على كل شيء أمره "أورمزد" (الإله الصالح) أن يرجع إلى الأرض ويخبر الزرادشتية بما شاهد، فأخذ محمد قصة معراج "أرتيوراف" وجعل نفسه بطلها وقال: "سُبحَانَ الذي أسرَى بعَبًده ليلاَ منَ المَسجد الحَرَام إلى المَسجد ُالأقصَى الذي بَاركنا حَوًله لنريَهُ من آياتنا، إنهُ هُوَ السًميعُ البَصيرُ" (سورة الإسراء 17:1) وقال محمد في الحديث عن ليلة الإسراء: "أوتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار، أبيض يقال له البُراق، يضع خطوة عند أقصى طرف، فجلست عليه فانَطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح ورأيت آدم، ثم صعد بي إلى السماء الثانية فرأيت عيسى ويحيى، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فرأيت يوسف، ثم صعد بي إلى السماء الرابعة فرأيت إدريس، ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فرأيت هارون، ثم صعد بي إلى السماء السادسة فرأيت موسى، ثم صعد بي إلى السماء السابعة فرأيت إبراهيم، ثم رجعت إلى سدرة المنتهى، فرأيت أربعة أنهار فيها النيل والفرات، ثم أوتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فأخذت اللبن، فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك" 2. وقصة نبي الإسلام محمد مع الإسراء أنه ذات يوم دعا أهل قريش وقال لهم: "بينما أنا نائم في الحجر، إذ جاءني جبريل، فهمزني بقدمه، فجلست ولم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فهمزني ثانية فجلست، فلم أر شيئا فعدت إلى مضجعي، فهمزني ثالثة فجلست، فأخذ بعضدي، فقمت معه فخرج إلى باب المسجد حيث البراق، فحملني عليه ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته، حتى انتهينا إلى بيت المقدس، فربطت الدابة بالحلقة التي تربط فيها الأنبياء، فوجدت فيه إبراهيم وموسى وعيسى ونفرا من الأنبياء، فصليت فيهم إماما، ثم حملت ثانية إلى مكة قبل الفجر"3. ولما سمع أهل قريش هذه القصة ضحكوا وتغامزوا، ثم انطلقوا يتسامرون بها ويتندرون حتى أتوا أبا بكر، وقد ارتد منهم الكثير. وفوجئ أبو بكر بالقصة وظن "أنهم يكذبون" فأصروا وقالوا "ها هو في المسجد يحدث به الناس"؛ ولكن ماذا سيقول في خبر كهذا لم يصدقه أحد، ففكر قليلا ثم قال: "والله لئن كان قاله لقد صدقته، فو الله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من السماء إلى الأرض من ليل أو نهار فأصدقه"، ولكي يمحو الشك من أفكارهم قام معهم فقصد المسجد حيث محمد لازال يروي مغامراته وسأله: "يا نبي الله، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟"، قال: "نعم"، قال: "يا نبي الله، فصفه لي (أي بيت المقدس) فإني قد جئته، فجعل محمد يصفه لأبي بكر، وكان كلما وصف منه شيئاً، يصرخ أبو بكر ويقول: "صدقت، صدقت، أشهد أنك رسول الله"؛ حتى إذا انتهى، قال أبو بكر: "صدقت، صدقت"، فقال محمد: "وأنت أبو بكر...الصديق"؛ لذلك دعي بالصديق 4.. ولما كان الخوف هو أساس إيمانهم فلم يهتمُوا بتأُكيد صحة القصة من كذبها! وكان من المفروض أن تنتهي القصة عند هذا الحد، حتى صرحت امرأة تدعى هند (أم هانئ) بنت أبي طالب، وهي ابنة عم نبي الإسلام محمد، وكان قد طلبها للزواج فاعتذرت منه "فعذرها رسول الله لأنها لم تهاجر" كما يقال، وأنزل لها آية في سورة الأحزاب، فقالت: "إن محمداً كان نائما عندي تلك الليلة، في بيتي، فصلى العشاء الآخرة ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر، أهبنا، (أيقضنا رسول الله) فلما صلى الصبح وصلينا معه قال: "يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت إلى بيت المقدس فصليت فيه ثم صليت الغداة معكم الآن كما ترين...ثم قام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه فتكشف عن بطنه كأنه قبطية (القبطية: قماش من الكتان المصري كان ينسج بمصر ويستعمل كثياب داخلية)، فقلت له: "يا نبي الله، لا تحدث الناس بهذا فيكذبوك ويؤذوك"، فقال: "والله لأحدثهم وه، ثم خرج وأخبر الناس وكان ما كان"5. ولما كان الإسراء هو السير بالجسد ليلا، وأم هانئ تؤكد أن محمدا أمضى الليل في بيتها؛ ولما كان قد قص قصة البراق على المسلمين في الجامع وكانت فتنة بين الناس، أنزلت آية جديدة تحسم الرأي وتزيل عقبة عدم التصديق هي: "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس" (الإسراء 59). قالت عائشة: "ما فقد جسد رسول الله، ولكن الله أسرى بروحه ليلا"6؛ ويسند معاوية روايتها فيقول: "إنما كانت رؤية من الله تعالى صادقة"، وهكذا سانده أقاربه وأصدقاؤه وأنسابه في وجه القرشيين الذين لم يصدقوه.. فإذا كان هؤلاء الناس يصدقون ما قاله فلم قال أبو بكر "إني جئته فصفه لي"؛ أي إنني ذهبت إلى المسجد الأقصى الذي رأيته؟ مع العلم أنه لم يكن قد بني بعد، بل إن مكانه خرائب هيكل سليمان، وظل حتى وقت إسراء محمد ومعراجه خرابا؛ ومما ذكره التاريخ أن القائد الروماني "تيطس" هدمه سنة (70 م) أي قبل ميلاد محمد بأكثر من 550 سنة 7. خلاصة: "البراق هو دابة بيضاء بين الحمار والبغل، تستعمل لحمل الأنبياء"، هكذا ورد، "يضع حافرة عند منتهى طرفه...امتلأت قصص الشعوب في الأزمنة القديمة قبل الإسلام بالحيوانات الطائرة، فمثلاً في قصص الغرب تجد "الينوكورن" أو الحصان الطائر، وهو حصان له أجنحة وقرن واحد. ولم تشذ رحلات سندباد وقصص علاء الدين وألف ليلة وليلة عن هذه القاعدة، فوصفت هذه الحيوانات الطائرة"، فهل حقيقة حلق نبي الإسلام محمد ببراقه؟. هذا ما سنحاول الإجابة عنه في المقال الثاني بعنوان "معراج نبي الإسلام هو نفس معراج "أرتاويراف" الفارسي". المراجع: 1 - سورة الإسراء 1 = راجع تفسير الجلالين - ص 218 2 - مشكاة المصابيح (ص 518 - 520). 3 - راجع تفسير الجلالين عن الإسراء، وكذلك ابن هشام، المجلد الثاني (ص 34 - 35) 4 - سيرة بن هشام، المجلد الثاني (ص 33) 5 - راجع "ابن هشام، المجلد الثاني (ص 36) "حاشية" 6 - نفس المصدر 7 - راجع "تاريخ أقباط مصر" المجلد الأول / 2001 (ص 24 - 25) * باحث في مقارنة الأديان، وعضو المكتب التنفيذي لمركز الدراسات والأبحاث الإنسانية مدى