يبدو أن متاعب وزير الصحة، الحسين الوردي، مع الإضرابات والاحتجاجات في القطاع لم يكتب لها أن تنتهي بعد، إذ أعلن أصحاب البذلة البيضاء رفضهم منهجية الحوار التي تقودها الحكومة، وقرروا إثر ذلك العودة إلى الشارع من جديد وتنفيذ إضراب وطني هو الثالث من نوعه خلال أسابيع داخل المؤسسات الصحية، مع التوقف عن استعمال الخواتم الطبية. النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام أعلنت تنفيذ مسيرة وطنية احتجاجية انطلاقا من وزارة الصحة إلى البرلمان تحت شعار "نكون أو لا نكون"، ووقفات جهوية، مع إضراب وطني يوم الأربعاء الأول من نونبر القادم بكل المستشفيات، باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات؛ فيما ستدشن الموجة الجديدة من الاحتجاجات يوم الاثنين القادم عبر "التوقف عن استعمال الخواتم الطبية". التصعيد الجديد للأطباء، الذي جاء بعد إضرابين وطنيين يومي 28 شتنبر الماضي و16 أكتوبر الجاري، يأتي لإعلان رفض "سياسة التسويف والمماطلة والمغالطة التي تنهجها وزارة الصحة وأُسْلُوب الحوارِ العقِيم والالتفاف على المُقاربة التشَارُكية والهُرُوب إلى الأَمَام بمُحَاولة فرْض أولويات الحوار بقرارات فرْدِيَّة فوقية دون اتفاق مسبقٍ لاَ تسْتَجيبُ للحدِّ الأدنَى من المطالب". وأوردت النقابة، في بلاغ لمكتبها الوطني، أن هناك انخراطا للأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان "بكل تلقائية في إضراب 28 شتنبر الماضي، الذي عرف نسبة مشاركة قياسية بلغت 90% في جل المندوبيات والمديريات الجهوية.."، مع "نجاح الإضراب الوطني ليوم الاثنين 16 أكتوبر 2017، إذ فاقت نسبة المشاركة 93 % في جل الأقاليم والجهات، وأكثر من 6 آلاف مشارك في الوقفة الاحتجاجية الوطنية أمام وزارة الصحة بالرباط". ووجهت الهيئة النقابية اتهاماتها من جديد لوزارة الصحة، مشيرة إلى أنها عمدت إلى "التغْلِيط وَتزْييفِ الحَقائق في بلَاغاتِها، بادعاء أن نقابتنا المُنَاضلة وافقَت على مُخْرَجات الحِوار الاجتماعي، وَهُو ادعاء يفقدها كل مصداقية"، ومشددة على "الرفض التَّام لاتفاق يوليوز 2011، الذي لم نُوَقع عليه في حينه، وكذا عدم قُبُولِنا لأي حوارٍ يضَعُ هذا الاتفاق كمرجعية للنقاش"، مستنكرة في الوقت ذاته "تغْييب وزارة الصحة لباقي مطالبنا من أولويات الحوار، خصوصاً إضافة درجتين بعد خارج الإطار والزيادة في مناصب الداخلية والإقامة". غضب الأطباء دفعهم إلى التذكير بمال وصفوه ب"الظروف المُزْرِية للمُمَارسة الطبية والنقص الكبير في المُعدات الطبية والبيو طبية والخصاص الحاد في عدد الأطباء الذي تعرفه جُلُ المؤسسات الصحية"، و"غياب الحد الأدنى من الشروط العلمية لعلاج المواطن المغربي"، متهمين وزارة الوردي والحكومة ب"الاستخفاف بحالة الغليان التي يعرفها الجسم الطبي بمُختلف مكوناته وفئاته"، وداعين إلى "دراسة الوضعية الحالية للممارسة الطبية بكل إقليم في أفق إطلاق مرحلة فرض الشروط العلمية في أقرب الآجال". مضامين البلاغ الناري حملت انتقادات للوضع الصحي بالمغرب، منتقدة "الوضعية الحرجة التي أصبح يعيشها القطاع بصفة عامة ووضعية الطبيب بصفة خاصة"، مع "دَقِّ ناقوس الخطر بعد أن أصبحت المنظومة الصحية بِرُمَّتِها مهدّدة بالسكتة القلبية نتيجة السياسة الارتجالية المُتَّبَعَة وتعَنُّت وزير الصحة بصفتِه المسؤول الأول دُستورياً وسياسياً عما آل إليه الوضع الصحي بمغربنا العزيز"، مشيرا إلى ما وصفه ب"حالة الغليان والاحتقان الذي أوصلنا إليه استخفاف وسياسة التسويف التي تنهجها الوزارة في التعاطي مع مطالبنا المشروعة". المنتظر العلوي، الكاتب العام الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، أورد أن حالة الاحتقان داخل القطاع بلغت حدودا مرتفعة، "وسط معاناة تمس المواطن ومهنيي القطاع على حد سواء"، مضيفا: "للأسف نرى كيف أن وزير الصحة توجه في تحرك أخير للقطاع الخاص، وكأن القطاع العام لا يشرفه"، فيما أكد أن البرنامج الاحتجاجي المعلن "سيتم بمعية شركائنا في هذه المعركة بعد لقاءات التنسيق". ودعا المتحدث، في تصريح لهسبريس، وزارة الصحة إلى "الاستجابة الفورية لطلب حوار عاجل ومسؤول دون شروط مسبقة"، معلنا في الوقت ذاته "التشبث بمطلبنا الرئيسي بتخويل الرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته كمدخل للمعادلة"، مع "الرفض المطلق لأي اتفاق لا يتضمن هذا المطلب ولاقتراح الوزارة المتمثل في رقم استدلالي بدون تعويضات وفارغ من مُحتواه"، وفق تعبيره.