في ما يبدو أنه «انفراج» نسبي في ملف الأطباء والاحتقان الذي يعيشه القطاع الصحي، قررت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام تأجيل الوقفة الاحتجاجية المزمَع تنظيمها اليوم الأربعاء أمام البرلمان، مع الإبقاء على الإضراب الوطني المسطَّر سلفا من أجل التنديد بما تعرّض له الطبيب المغربي من ضرب وإهانة يوم 25 ماي الأخير. وقد اتُّخِذهذا القرار من أجل فسح المجال لممثلي النقابة من أجل المشاركة في جلسة الحوار الاجتماعي القطاعي ليوم غد الخميس مع الوزارة. واعتبر عبد الملك لهناوي، الكاتب العام للنقابة المستقلة للأطباء، أن «قرار المكتب الوطني جاء كتعبير عن حسن نية النقابة ومراعاة لمصلحة المريض، قبل كل شيء»، مشيرا إلى المرحلة التي انتهى إليها القطاع تقتضي التسيير العقلاني، حرصا على صحة المواطنين، رغم أن أجور الأطباء ستعرف اقتطاعات تصل إلى نصف الأجر، ابتداء من الشهر الجاري. وقال الكاتب العام للنقابة، في تصريح ل»المساء»: «نحن مستعدون لفتح صفحة جديدة لحل المشكل»، وتابع قائلا: «لا نخوض الإضراب فقط من أجل الإضراب ولا نريد أن يكون المريض ضحية صراع بين الحكومة والطبيب المغربي». واعتذر لهناوي، في تصريح ل«المساء»، للوزيرة ياسمينة عن بعض التصريحات التي صدرت من القواعد، «رغم أننا، يقول لهناوي، «لم نتلق اعتذارا رسميا مكتوبا من الحكومة عن الضرب الذي تعرّض له الأطباء». وأشار بلاغ للمكتب الوطني للنقابة إلى أنه وأمام الوضع المحتقن، تدخَّل مجموعة من «ذوي النيات الحسنة، الذين لهم غيرة على المهنة من أجل تضييق الهوة ومحاولة إخراج الملف من الوضعية التي يعرفها، إضافة إلى المقترحات التي يعرفها ملف الدكتوراه الوطنية بتكوين لجنة مشتركة داخل صيرورة الحوار الاجتماعي، المبرمج يوم الخميس، ثاني يونيو 2011، سيتم تأجيل الوقفة». وأضاف لهناوي أن النقابة مستعدة لتعليق الإضراب أيضا، والذي جاء كرد فعل على تعنيف الأطباء، في حال نجاح جلسة الحوار الاجتماعي، معتبرا أن أهم المطالب التي ينادي بها الأطباء، والتي تعتبر استعجالية، لم تستجب لها الحكومة. ويضم جدول أعمال جلسة الحوار الاجتماعي، الذي سيعرف حضور وزيرة الصحة ووزير التعليم العالي، مناقشة إشكالية معادلة الدكتواره في الطب للدكتوراه الوطنية ومشكل الرقم الاستدلالي 509، لأن الطريقة التي استجابت بها الحكومة لهذا المطلب تختلف عما ينادي به الأطباء. وكان ملف الأطباء قد اتخذ مسارا خطيرا، بعدما تعرّض أطباء المملكة للضرب من طرف القوات العمومية، لمنعهم من إجراء «مسيرة الغضب»، فقرر الأطباء الداخليون والمقيمون مقاطعة العمل في مستعجلات المستشفيات الجامعية، كرد فعل، إلى حين تقديم الدولة اعتذارا رسميا عن تعرض الطبيب للتعنيف في مسيرة سلمية، قبل أن تجبرهم السلطات على العودة إلى العمل تحت بند إنقاذ حياة شخص في خطر. كما سيعود أطباء المغرب إلى الاحتجاج في حال فشل الحوار، مع إمكانية مع الإبقاء على خوض إضراب لمدة 72 ساعة، أيام 31 ماي و1 و2 يونيو، في جميع المؤسسات الصحية، باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات، مع إيقاف العمل في مراكز التشخيص والاستمرار في عدم استعمال الخواتم الطبية، طيلة الأسبوع الممتد من 30 ماي إلى 3 يونيو، وتنظيم وقفات احتجاجية أمام المندوبيات والمستشفيات طيلة أيام الإضراب، مع مواصلة تنظيم وقفات احتجاجية يومية أمام وزارة الصحة. إلى ذلك، أقدم الأطباء العامّون على مقاطعة مباراة الولوج للوظيفة العمومية، التي نظمتها وزارة الصحة يوم الأحد الأخير، في أربعة مراكز هي مراكش والدار البيضاء والرباط وفاس. وعرفت خطوة مقاطعة مباراة الولوج إلى الوظيفة العمومية على مستوى مراكز الامتحان الأربعة استجابة من لدن الأطباء العامّين بما يزيد على 90 في المائة على المستوى الوطني. ويطالب الأطباء بتحسين ظروف العمل، «الكارثية»، والتي تنعكس سلبا على صحة المواطنين والأطباء، مع الارتقاء بجودة الخدمات الصحية، لإعادة الثقة في المستشفيات العمومية، «المهترئة»، وبضمان الحق في مجانية العلاج في المستشفيات العمومية لجميع المواطنين المغاربة، مع التعويض عن الحراسة والمردودية والأخطار المهنية.