كثيرا ما حاولت العديد من العلوم الإنسانية الإجابة عن سؤال ماذا بعد الموت، بغرض فهم ما يتلو تلك المرحلة الغامضة والتي لا فرار منها. دراسة حديثة توصلت إلى جواب قد يكون مفاجئا للكثيرين. "العقل البشري لا يمكن تدميره بصورة مطلقة مع الجسم، لكن شيئا خالدا يبقى منه" هكذا كتب الفيلسوف الهولندي الشهير، باروخ اسبينوزا، رأيه بخصوص الموت. ورغم مرور مئات السنين على هذه المقولة الشهيرة. يبدو أنها لا زالت تحافظ على بعض من أهميتها، وتلتقي جزئيا مع أحدث خلاصات العلم، التي تهتم باستمرار بفهم أسرار الموت وما يتلو تلك المرحلة "الغامضة". ومن المعروف أن الجسم البشري يتحلل بعد موته وتزول نهائيا ثنائية "المادة" و"الروح" المُكون للإنسان. لكن يبدو أن أبحاث العلماء حققت "اختراقا" علميا في فهم بعض من أسرار المنية. وفي هذا الصدد، توصلت دراسة حديثة إلى أن الأشخاص المتوفين يدركون أنهم ميتون، لأن وعيهم يستمر في العمل بعد توقف الجسم عن إظهار علامات الحياة وفق ما أوردت جريدة "الإندبندت" البريطانية. وأوضحت الدراسة الصادرة هذا الأسبوع والتي تعد الأولى من نوعها في هذا المجال، أن هذا يعني من الناحية النظرية أن الميت يسمع "الطبيب" يُعلن عن وفاته. واعتمدت النتائج على دراسة أجريت على الأشخاص الذين عانوا من السكتة القلبية- ماتوا من الناحية النظرية- لكن تم إحيائهم في وقت لاحق، حيث قال الأشخاص الذين تم دراستهم إنهم كانوا على وعي تام بالمحادثات الكاملة ورؤية الأشياء التي كانت تجري من حولهم حتى بعد أن أعلن خبر وفاتهم. وقد تم التحقق من هذه التقارير من قبل الموظفين الطبيين والممرضين، الذين كانوا حاضرين في ذلك الوقت. وأشارت الدراسة الأمريكية أن الموت هو النقطة التي لم يعد فيها القلب قادرا على الخفقان وبالتالي توقف الدم عن التدفق إلى الدماغ. وقال الدكتور والمشرف على الدراسة من جامعة "لانغون" في مدينة نيويورك، سام بارنيا "نظريا هذا ما يحصل وقت الوفاة، فالكل يعتمد على اللحظة التي يتوقف فيها القلب" وأضاف: "حين يحصل ذلك لا يصل الدم أبدا إلى الدماغ وهو ما يعني أن وظيفة الدماغ تتوقف على الفور" وفي سياق موازي، أكدت دراسات سابقة أن هناك دلائل تُشير إلى انفجار طاقة الدماغ لحظة وفاة شخص ما. ففي سنة 2013 درس باحثون من جامعة "ميشغان" الأمريكية الإشارات الكهربائية داخل أدمغة تسعة فئران تم تعريضها لنوبة قلبية مستحثة. إذ لا حظ الخبراء في أدمغة الفئران وجود أنماط نشيطة ترتبط "بحالة شديدة التنبيه" وذلك بعد فترة وجيزة من الموت السريري. وقال الدكتور، سام بارنيا "بنفس الطريقة التي قد تدرس بها مجموعة من الباحثين الطبيعة النوعية للتجربة الإنسانية على غرار الحب، نحاول فهم الميزات الدقيقة التي يواجهها الناس عندما يجتازون الموت" وتابع نفس المتحدث "لأننا نفهم أن هذا سيعكس التجربة العالمية التي سنحصل عليها جميعا عندما نموت". جدير بالذكر أن دراسة بريطانية صدرت هذه السنة أكدت أن الأشخاص المتوفين يستمر وعيهم في العمل لمدة ثلاث دقائق حتى بعد إعلان حالة الوفاة حسب ما أشار إليه موقع "اكسبريس" البريطاني.