صدر للباحث الدكتور محمد منار كتاب بعنوان: "الانتخابات بالمغرب..ثبات في الوظائف وتغير في السمات". في هذا الكتاب الذي صدر عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر، وعلى طول ما يزيد عن 500 صفحة من الحجم الكبير، تعمق الباحث في كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية بالمغرب، سواء ارتبط ذلك ببعدها القانوني والتنظيمي، أو السياسي، أو الدستوري، أو السوسيوثقافي، محاولا المقارنة بين انتخابات الملك الحسن الثاني وانتخابات الملك محمد السادس. فإذا كانت انتخابات الملك الحسن الثاني-حسب الباحث- عرفت تزويرا وتوترا دائما، وطعنا مستمرا في نتائجها، فإلى أي حد حققت انتخابات الملك محمد السادس قطيعة مع ذلك؟ وهل سيستمر الطعن في نتائج الانتخابات أم سيختفي؟ وإذا انعدمت، أو على الأقل خفت حدة التوتر الانتخابي، فهل تكمن أسباب ذلك فيما تحقق في انتخابات الملك محمد السادس من حرية ونزاهة؟ وإلى أي حد سيحقق الإطار القانوني والتنظيمي تلك الحرية والنزاهة؟ وهل يكفي التقدم على مستوى نزاهة الانتخابات وشفافيتها لتحقيق انتخابات فعالة؟ بعبارة عامة هل ستشكل انتخابات الملك محمد السادس قطيعة مع انتخابات الملك الحسن الثاني؟ أم ستشكل، رغم تميزها الملحوظ، استمرارا لنفس الاختيار الانتخابي السابق؟ وفي حالة تأكيد نفس الاختيار مع بعض التغييرات الجزئية، فهل سيسهم ذلك في الارتقاء بالعملية الانتخابية؟ أم على العكس من ذلك ستعرف العملية الانتخابية أزمة، خاصة على مستوى رهانها وفعاليتها؟ وإذا كانت أعطاب العملية الانتخابية بالمغرب ستظهر بحدة في انتخابات 7 شتنبر 2007، فما هي هذه الأعطاب بالتحديد؟ وما هي أسبابها وعواملها؟ هل ترتبط تلك الأسباب والعوامل فقط بآليات العملية الانتخابية أم أنها ترتبط بالنسق السياسي والدستوري والسوسيوثقافي الذي تشتغل داخله العملية الانتخابية؟ وما هي بعض المقترحات لتجاوز تلك الأعطاب؟... كانت هذه أهم الأسئلة التي حاول الباحث معالجتها وفق مقاربة شاملة لا تكتفي فقط بالوقوف عند الاستنتاجات العامة وإنما تغوص أيضا في بعض التفاصيل الهامة، ولا تقتصر فقط على ما هو قانوني أو سياسي بل تشمل أيضا البعد السوسيو ثقافي، ولا تنضبط لمقترب بعينه، وإنما تنهل من مختلف المقتربات التي استعملت إلى حدود الساعة في دراسة الانتخابات بالمغرب. فبعد أن وقف الباحث بتركيز شديد عند مختلف تجارب الانتخابات التشريعية المباشرة في عهد الملك الحسن الثاني، تطرق بنوع من التفصيل،غير المسبوق، لتجربتي انتخابات 2002 و2007، مدققا في مختلف الإشكالات الدستورية والسياسية والقانونية والتنظيمية التي عرفتها التجربتان، منتهيا إلى أن انتخابت 2002 عرفت متغيرات قانونية وتنظيمية من داخل ثوابت النسق العام، وان انتخابات 2007 بقيت وفية لتلك المقاربة القانونية والتنظيمية في التعامل مع الانتخابات، دون الانتباه إلى جوانب أخرى للارتقاء بالعملية الانتخابية، مما نتج عنه مأزق انتخابي حقيقي تمثل في مجموعة من الأعطاب الانتخابية، التي وقف عندها الباحث بتفصيل، محاولا معرفة أسبابها واقتراح حلول لها. يبدو أنه لا غنى لأي متتبع للانتخابات أو متخصص في الشأن الانتخابي من كتاب الأستاذ محمد منار، ليس فقط لأنه رصد بدقة التطورات القانونية والتنظيميية للعملية الانتخابية، سواء المتعلقة بنمط الاقتراع أو اللوائح الانتخابية أوالتقطيع الانتخابي أو التصويت أو فرز النتائج والإعلان عنها، ولكن أيضا لأنه حاول تحليل مختلف الإشكالات التي تعرفها الانتخابات بالمغرب، واقترح بعض الحلول مستأنسا ببعض التجارب الديمقراطية، كما اجتهد في وضع مجموعة من الجداول والرسوم التي لا تخفى أهميتها.