زنيبر: ينبغي القيام بالمزيد لوضع حقوق الإنسان في صميم انشغالات الشركات    الرئيس الفلسطيني يصدر إعلانا دستوريا لتحديد آلية انتقال السلطة في حال شغور منصبه    كييف تعلن عن "هجوم مُعادٍ ضخم"    وجدة: التهريب الدولي للذهب يسقط خمسة أشخاص في قبضة الأمن    أهمية التطعيم ضد الأنفلونزا أثناء الحمل    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    ملخص الأيام الأولى للتراث والبيئة للجديدة    مبادرة تستحضر عطاءات محمد زنيبر في عوالم الأدب والتاريخ والسياسة    طنجة تستقبل المسيرة العالمية الثالثة للسلام خلال افتتاح المنتدى الإنساني الدولي السابع    الشرطة تنهي نشاط مهربين للذهب    فرنسا التي أيدت مذكرة اعتقال بوتين قبل سنة.. تمنح نتنياهو "الحصانة" للإفلات من العقاب    نهضة بركان يستهل مشواره في كأس الكونفدرالية بالفوز على لوندا سول الأنغولي        سماء استراتيجية فوق المغرب: تدريبات عسكرية مشتركة بين المغرب والولايات المتحدة لتعزيز القدرة على الردع    الدار البيضاء تحتضن قمة عالمية للتصنيع والخدمات اللوجستية المتقدمة    الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني تؤكد تضامن الشعب المغربي مع فلسطين، وتندد بالعدوان الإسرائيلي المتواصل    وفد من القوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة على متن حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس هاري ترومان « في عرض ساحل الحسيمة    في كلمة له خلال المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات ناصر بوريطة : تحت قيادة جلالة الملك، لم يقتصر المغرب على الإشادة بالحوار، بل جسده على أرض الواقع    ضبط أشخاص يبيعون حيوانات من فصيلة النمس وأفاعي في الناظور ومراكش        إسرائيل تستأنف قرار الجنائية الدولية    تفاصيل متابعة الرئيس السابق للرجاء    وزير الخارجية الهنغاري: مبادرة الحكم الذاتي هي الأساس لإيجاد حل لقضية الصحراء    منتخب التايكوندو يشارك في بطولة العالم للبومسي    إسرائيل تقيد حركة السكان جنوب لبنان    رودريغو أرياس: منح المغرب صفة شريك متقدم لدى منتدى "فوبريل" منعطف هام في علاقاتنا ومسار تعاوننا    بعد اعتقال نجله.. شكيب لعلج ينسحب من جولة ترويجية للاستثمار باليابان وكوريا الجنوبية    إحباط محاولة تهريب أزيد من 19 ألف قرص مخدر بميناء طنجة المتوسط    سكينة بويبلا: إبداع باللونين الأبيض والأسود يروي قصة الفن المغربي بلمسة مدهشة    محمد عدلي يُحيي حفلا غنائيا في الدار البيضاء    الفقيه بن صالح: ورشات احترافية مختلفة بمهرجان النون الدولي الخامس للمسرح    خواطر سدراوي.. "عندما يعجز التقليد عن مجاراة الإبداع: مقارنة بين السينما والحياة الواقعية"    الرجاء ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري الأبطال    18 هيئة نقابية وسياسية وحقوقية تعلن تأسيس "جبهة للدفاع عن حق الإضراب"    درك الحسيمة يضبط شحنة ضخمة من الحشيش بضواحي كتامة    المغرب يدين دعم الحركات الانفصالية    250 مليون دولار من البنك الدولي للمغرب لإدارة النفايات الصلبة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    كريمة أولحوس وفريد مالكي: تعاون فني عابر للحدود يحيي التراث الفلسطيني        احتفال عالمي بالتراث في الناظور: 3 أيام من الأناقة والثقافة بمشاركة الجالية وإسبانيا    دوري أبطال أوروبا: إنتر يتصدر والأتلتيكو يكتسح والبايرن يعمق جراح سان جرمان        كدمات في رأس ووجه بيب غوارديولا بعد نهاية المباراة أمام فينورد بالأبطال    ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة تسجل ارتفاعا بنسبة 4 في المائة    انتخاب الاستقلالي الفخاري رئيساً لغرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس - مكناس    استثمارات ضخمة.. شركة الطرق السيارة بالمغرب تبدأ أشغال توسيع عقدتي عين حرودة وسيدي معروف    نادي الدفاع الحسني الجديدة لكرة الطائرة بالجديدة منتشه بانجازاته المتميزة خلال السنوات الاخيرة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية    حوار مع جني : لقاء !    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مظاهر "البدوَنة" في أكادير .. سلوكات قروية وسط مدينة سياحية
نشر في هسبريس يوم 09 - 10 - 2017

قد تصادف بائع "الهندية" أمام فندق مصنف، أو عربة يجرها حمار أو حماران في مدار حضري، والسيارات تتفادى سائق العربة وقد فقد سيطرته على الحمار الذي يجر العربة.
قد تسمع صياح الديكة قبل أن يوقظك منبه هاتفك النقال صباحا، قد تسمع ثغاء الغنم في سطح منزل مجاور، وقد تصادف قطيعا منها وأنت في طريقك إلى عملك.
أنت لست في قرية بعيدة، قد يحدث كل هذا وأنت في أحد أحياء أكادير، أو حتى في المنطقة السياحية، أو المفروض أنها سياحية.
مظاهر كثيرة توجد في الأحياء القديمة والجديدة، فهناك من يصر على تربية الدواجن في سطح منزله، ومن يتجاوز الدواجن ليربي عنزة أو شاة، يطعمها بما يفضل عن حاجته من قشور الخضر والفواكه والخبز اليابس، ويبقى صوتها يسمعه الجيران كل وقت، إلى أن يبيعها أو يذبحها في مناسبة جليلة.
التّرييف والقَرْوَنَة
بين من يسمي ذلك "ترييف المدن"، ومن يسميه "البَدْوَنة"، ومن يقترح مصطلح "القَرْوَنَة"، فالتسميات متعددة كما المظاهر، غير أنها تتفق في مجملها على وجود سلوكات وقيم ومظاهر للمجتمعات القروية داخل المدن المغربية، خاصة في الأماكن التي تصنف على أنها حضرية ومتمدنة وراقية!
"هناك من يصر على إشعال الفحم، مثلا، في البحر لطبخ الطاجين، يبدو الأمر غريبا شيئا ما، لكن الأغرب أن لي جارا يسكن في الطابق الأرضي، أخرج ذات يوم مجموعة من الأوراق وقام بإحراقها بجانب حائطه في الزقاق". يحكي مواطن أكاديري يسكن بحي الوفاق بأكادير لهسبريس الإلكترونية، قبل أن يضيف: "لما بدأ الدخان يدخل إليّ من نافذة بيتي، ويخنق أطفالي، سألته عن فعلته وهو ما يزال يطعم النار ببعض الأوراق، وأنا أطلب منه أن يرمي تلك الأوراق في حاوية الأزبال بدل إحراقها، فقال لي إن فيها قرآنا ويجب أن يتأكد من إحراقه بنفسه".
"ما الذي يمكن أن يقوم به في مثل هذه الحالات؟"، يتساءل المواطن ذاته، كما يتساءل كثيرون في مدينة أكادير كلما صادفوا مظهرا من مظاهر "القَرْوَنَة" أو سلوكات يمكن القيام بها في القرية، لكنها تصبح نشازا داخل مدينة لها قيمتها السياحية داخل المغرب وخارجه.
"دوار" أكادير
يرى عبد الرحيم عنبي، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع القروي والتنمية بجامعة ابن زهر، أن أسباب هذه الظاهرة تعود بالأساس إلى سياسة الدولة التي همشت الساكنة القروية عقودا طويلة، موضحا أن مخططات وبرامج التنمية لم تكن تشمل الهوامش والأطراف، بل اقتصرت على المدن.
المتحدث نفسه أكد، في تصريح لهسبريس الإلكترونية، أن "هناك معتقدا بأن نشر التمدن هو المدخل للتنمية، لكن التمدن اقتصر على البنية التحتية دون أن يشمل تكوين العنصر البشري، مما أنتج تجمعات إسمنتية وليس مدنا أو أحياء حضرية". وزاد بأن "هجرة السكان من الأرياف نحو المدن بحثا عن ظروف عيش جيدة جعلت هؤلاء السكان ينقلون معهم أنشطتهم الهامشية نحو المدن، فالذي يحمل المواطنين بالتريبورتور، مثلا، نقل فكرة البغل الذي يجر عربة وعليها مجموعة من الأشخاص، واستبدل البغل بالمحرك، وهكذا"، مضيفا أن "أكادير كانت تضم أحياء صفيحية هامشية كثيرة، ومحاربتها بتوفير منازل للسكان دون توفير عمل لهم، ودون تكوينهم أفرز ما نراه بشكل يومي في مجموعة من الأحياء والأماكن العمومية".
وزاد عنبي بأن "المرء يدخل أحيانا حي السلامّ، مثلا، فيعتقد أنه داخل دوار وليس داخل مدينة، لدرجة أنه يمكن أن نتحدث عن دوار أكادير وليس مدينة أكادير، والسلطة تتفرج لأنها تتخوف دائما من أن يحتج الناس، وأن يحرقوا ذواتهم كما فعل البوعزيزي".
ولم يفت أستاذ علم الاجتماع بابن زهر أن ينبه إلى أن "الأمر إذا استمر على هذا المنوال ستكون النتائج كارثية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والخدماتي، دون أن ننسى أن هناك من يستفيد من هذا الوضع ويريده أن يستمر، من خلال سياسة إنتاج الهامش، فهؤلاء المهمشون يؤدون وظيفة سياسية، وهناك من يستفيد منهم ومن أصواتهم، بل هناك من يستفيد منهم ماليا، لأنه كي يُرَخَّص، مثلا، لشخص ليبيع في عربة في مكان غير مسموح به قانونا، فذلك لا يتم إلا إذا أخذ شخص ما مقابلا ماليا".
المدينة زحفت على القرية
من جهته، يرى عبد الغني محاميدي، أستاذ مادة الجغرافيا، أنه "يمكن ربط ظاهرة الترييف في أكادير بالزحف العمراني، على حساب المجالات الفلاحية في هوامش المدينة، مما يجعلنا نتساءل: هل نحن أمام ترييف للمدينة أم تمدين لريفها؟".
وأضاف محاميدي، في حديث لهسبريس، أن "ظاهرة ترييف المدن ترتبط في أصلها بالهجرة، لكنها تتفاقم بسبب ضعف الهيكل الاقتصادي للمدن المغربية في غياب مدن صناعية حقيقية على غرار المدن الصناعية في أوروبا". وقال: "إذا كانت مظاهر الترييف في هوامش مدينة أكادير كجماعة الدراركة وجماعة أورير تبدو طبيعية بحكم أن هذه المناطق ما زالت تصنف ضمن المجالات الشبه حضرية، فإن تفاقم مظاهر الترييف في وسط المدينة وفي المنطقة السياحية يعد حالة نشازا تؤثر على النسيج العمراني للمدينة كما تشوه جماليتها".
ويعزي المتحدث نفسه أسباب هذه الظواهر إلى الانفجار الديموغرافي الذي عرفه المغرب، وإلى الهجرة، مؤكدا أن "نسبة التمدين بالمغرب لم تتجاوز سنة 1960 حوالي 29 في المائة، بينما وصلت سنة 1994 إلى 51 في المائة، وهو أول إحصاء يسجل فيه المغرب تحولا حضريا. أما في سنة 2014، آخر إحصاء عام للسكان والسكنى، فقد بلغت هذه النسبة 60،3 في المائة، أي أن أزيد من عشرين مليون مغربي ومغربية يعيشون في الوسط الحضري".
وأوضح أن "معظم الذين انتقلوا إلى المدن بحثا عن فرص عيش أفضل، اصطدموا بمدن عجزت عن تلبية مطلبهم، مما اضطرهم إلى ممارسة أنشطة غير مهيكلة كالتجارة بواسطة العربات المجرورة. كما أن عجز هؤلاء عن توفير سكن لائق يدفع بهم نحو السكن العشوائي على ضفاف واد سوس مثلا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.