في الوقت الذي أحس فيه عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن تصعيده ضد ما بات يعرف بتيار الاستوزار يمكنه أن يؤدي إلى تبعات كبيرة على الحزب، وخصوصا أنه يمتلك قاعدة كبيرة من البيجيديين، اختار بنكيران أن يجنح نحو التهدئة في آخر خروج إعلامي له. وكان زعيم حزب "المصباح" قد اختار التصعيد في مواجهة تيار الوزراء، في إطار سعيه إلى الحصول على ولاية ثالثة على رأس الحزب الذي يقود الحكومة، بعدما أعفاه الملك محمد السادس من مهامه الحكومية عقب فشله في تشكيل الأغلبية البرلمانية الداعمة للحكومة. هجوم بنكيران ضد "تيار الاستوزار" بلغ حد قوله، في وقت سابق، "أسمع كلاماً غير صحيح ومؤلماً عن نفسي، من أشخاص مقربين، ومع ذلك ألوذ بالصمت، بالرغم من أنني أمين عام الحزب، ويمكنني أن أمارس صلاحياتي عبر تشكيل لجان للتحقيق"، مضيفا: "أنا قريب باش نتفارق معكم، ربما من هنا ثلاثة أشهر أو ربما نزيد شي حاجة، وهذا أمر لا يهمني"، ليضيف أن "الجميع يعلم أن هناك أزمة على مستوى رئاسة الحزب وقيادته، وأحاول أن أدبرها بالتي هي أحسن، في انتظار تسليم المسؤولية إلى شخص آخر". ومباشرة بعد تلك التصريحات، وُجّهت انتقادات بالجملة إلى تيار الاستوزار، الذي وجد نفسه في الزاوية الضيقة، وهو ما بات يهدد الحزب بالتفجير من الداخل؛ لكن بنكيران عاد إلى تليين مواقفه في آخر ندوة حضرها إلى جانب اللجنة التحضيرية للحزب، في إطار الاستعداد للمؤتمر الوطني المرتقب انعقاده في دجنبر المقبل. وفي هذا الصدد، قال بنكيران إن معركة المؤتمر "ليس فيها هزيمة أو انشقاق، إذا اقتضى الأمر أن يبقى هذا الحزب موحدا للقيام بدوره سننزع ملابسنا لإعطائه إياه". وأضاف بنكيران أن "السياسة ليست فيها الضربة القاضية بل شيء يسلمك لآخر؛ ولكن يجب أن يرتبط الأمر بالصدق فإن الله وقتها لن يتخلى عنكم"، مردفا أن الحزب لم يحن الوقت ليغادر الحياة السياسية، وأي قرار اتخذناه سنلتف حوله لإعطاء الدروس لغيرنا لأنه محتاج إلى أن يغير نفسه. "لن أتحدث عن التحضير للمؤتمر لأنه لكم الوعي والتكوين للقيام بهذه المهمة وتجاوز الظروف غير العادية التي يمر منها الحزب"، يقول بنكيران الذي شدد على أهمية الحفاظ على قرار الحزب، مضيفا "لا تخافوا على مستقبل الحزب لأنه لن يكون منه غير الدروس الحسنة بالنظر إلى المدة الطويلة التي جمعتنا في الحزب". وبعدما أكد "أن حزب العدالة والتنمية له أمور أساسية هي الحرية، وأن أي واحد يسعى إلى قمع الحرية يجب التصدي له"، طالب أعضاء الحزب ب"الود والأخوة واستحضار رقابة الله، وطبيعة المرجعية الإسلامية التي تجمعنا"، مؤكدا على أهمية "المسؤولية واتخاذ القرارات في استقلالية تامة دون أن يتم إغفال الظروف؛ لأن الحزب لم يعد ملكا لأعضائه"، يقول أمين عام حزب "المصباح".