كانت السكتة الدماغية في الماضي منتشرة بين كبار السن فقط، بسبب ضعف وتلف بعض الأوعية الدموية بالجسم، الناتج عن حالة الشيخوخة والضعف الطبيعي لقدرات أعضاء وأنسجة الجسم؛ غير أن المثير للدهشة هو أن السكتة الدماغية بدأت تنتشر انتشارا لافتا للنظر بين قطاع كبير من الشباب، سواء كانوا من الذكور أو الإناث. السكتة الدماغية هي من الحالات الطارئة التي تستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً، لأن كل دقيقة تمر دون علاج تساوي موت وتلف بعض خلايا الدماغ. ولذلك، ينصح الأطباء في حالة الشعور بأعراض هذا المرض بالتوجه فوراً إلى أقرب مركز طبي متخصص في التكفل بالجلطة الدماغية لاتخاذ اللازم، وإنقاذ المصاب والعودة إلى حياته الطبيعية التي تتوقف على سرعة إذابة الجلطة قبل وقع أية أضرار على خلايا الدماغ. ويؤكد الأطباء أنه من السهل علاج السكتة الدماغية في حالة السيطرة على أسباب وعوامل الإصابة بها، ومنها السيطرة على ارتفاع ضغط الدم باستمرار وضبطه بكافة الطرق العلاجية والوقائية وأسلوب العيش وعدم التعرض لانفعالات ترفع الضغط لمستويات الانفجار، وكذلك تجنب التدخين والعمل على انخفاض نسب الكوليسترول الضار في الجسم بشكل دوري. يقول سمير زطوط، المتخصص في أمراض القلب، إن السكتة الدماغية تحدث بشكل مفاجئ وتتميز بظهور عدد من الأعراض، مثل حدوث اضطرابات في اللغة بصورة مفاجئة، أو الشعور بالتنميل في بعض أماكن من الجسم، والإحساس بالضعف في أحد جانبي الجسم، ويمكن أن يظهر هذا الضعف في شكل شلل، وكذلك من الأعراض عدم وضوح كلام المصاب وتداخل الكلمات، ويصاب بصعوبة فهم وإدراك ما يقوله المحيطون به، وتحدث مشاكل كبيرة في التركيز، ويصاب المريض بدوران وعدم المقدرة على التوازن خلال عملية المشي، وعدم وضوح في الرؤية مع الإصابة بالصداع. ويؤكد زطوط، في حديثه مع هسبريس، أنه يمكن السيطرة على حالات السكتات الدماغية بنسبة كبيرة للغاية تصل إلى 88 في المائة في حالة التشخيص السريع والدقيق، ويمكن للمصاب أن يصل إلى درجات الشفاء الكاملة ويعود كما كان قبل السكتة، ولا يعاوده هذا المرض مرة أخرى عكس الاعتقاد السائد بأن المصاب يشفى لعدة شهور فقط ثم يعود إليه المرض. ويشير المختص إلى أن السكتة الدماغية تحدث بسبب انخفاض حاد في تدفق الدم نحو خلايا الدماغ، وقلة تدفق الدم للدماغ وهو ما سيؤدي إلى ضعف وصول الأوكسجين والجلوكوز والعناصر الغذائية الضرورية للمخ، ويعجز الدم عن تلبية حاجة هذه الخلايا للنمو؛ وهو ما قد يؤدي إلى موت بعض هذه الخلايا خلال دقائق معدودة، وبالتالي يحدث خلل سريع في وظائف بعض أجهزة الجسم بسبب تلف الخلايا الدماغية. ويفيد المتحدث بأن ذلك غالباً ما يكون نتيجة حدوث تراكمات وترسيبات للدهون والشحوم والكوليسترول داخل الأوعية الدموية؛ وهو ما يؤدي إلى ضيق كبير في الشرايين وفقدان مرونتها وإصابتها بالتصلب حتى تصل درجة الانسداد الكامل، وعجز الدم عن الوصول إلى هدفه في الدماغ، مشيرا إلى أن هذه المشكلة تحدث أيضاً في حالة وقوع بعض التخثرات والتجلطات داخل الأوعية الدموية والتي تعوق أيضاً عملية تدفق الدم إلى المخ. وينبه زطوط إلى إمكانية حدوث السكتة الدماغية نتيجة الجلطة الدموية في مختلف أنحاء الجسم، وليس شرطاً أن تكون بداخل الشرايين المغذية للدماغ فقط، "إذ تتحرك هذه الجلطة عبر الدورة الدموية إلى أن تصل إلى أحد الشرايين الضيقة التي تغذي خلايا الدماغ، وتسبب إعاقة وصول الدم إلى هذه الخلايا"، مبرزا أيضا أن ارتفاع ضغط الدم الحاد يؤدي إلى الإصابة بانفجار بعض جدران الأوعية الدموية الضعيفة وتحدث السكتة الدماغية، وخاصة أثناء عملية الولادة وفي حالات الغضب الشديد الذي يسبب ارتفاعاً مهولاً في ضغط الدم لا يمكن السيطرة عليه. ويشدد المتحدث على أن انتشار الوعي الصحي عن أسباب السكتة الدماغية وتأثيراتها السلبية على الشخص يمكن أن يحمي كثيراً من الأشخاص خطر الإصابة بالسكتات الدماغية، مبرزا أيضا أن تقليل مخاطرها يكون عبر اللجوء إلى الطبيب المختص فور ظهور أعراضها، "لأن الكثير من الحالات التي تم سؤالها عن الأعراض التي ظهرت عليهم قبل الإصابة، وكانت إجابة معظمهم أنهم تجاهلوا أعراض السكتة الدماغية البسيطة والتي تمهد للسكتة الكبرى بعد عدة سنوات، كما لم يعرفوا حقيقة أعراض السكتة من أساسه، واعتبروها أعراضاً طارئة ناجمة عن حالة مرض بسيط ومعتاد"، يضيف المتحدث.