بإعلان حزب الخضر نهاية الأسبوع الماضي التفاوض مع التحالف المسيحي بزعامة ميركل والديمقراطيين الليبراليين، باتت تتضح ملامح ما يعرف بائتلاف "جامايكا"، غير أن الطريق إليه تبدو شائكة وطويلة بالنظر إلى تباين المواقف بين مكوناته حول العديد من القضايا. وأطلق على هذا الائتلاف إسم «جامايكا»، بالنظر إلى أن الألوان المميزة للأحزاب الثلاثة هي نفس ألوان علم دولة جامايكا، ممثلة في التحالف المسيحي (اللون الأسود) وحزب الخضر (اللون الأخضر) والحزب الليبرالي (اللون الأصفر). ويبقى هذا الائتلاف الخيار الوحيد أمام المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل لتشكيل حكومة أغلبية بعد إعلان الحزب الاشتراكي الديمقراطي على لسان رئيسه مارتن شولتس عن اصطفافه في المعارضة. وتراهن ميركل التي حققت انتصارا في الانتخابات بطعم الهزيمة بعد أن فقد حزبها العديد من الاصوات على تشكيل "حكومة مستقرة" نهاية العام الجاري على حد قولها. وكانت ميركل أعلنت عزمها إجراء محادثات بشأن الحكومة الجديدة مع الليبراليين والخضر، وأيضا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك الحالي في الحكومة الذي أعلن زعيمه شولتس الانضمام الى المعارضة. وقالت المستشارة الألمانية عقب مشاورات مع قادة حزبها "إنه من المهم للغاية أن يكون لألمانيا حكومة مستقرة في المستقبل أيضا". وتشكل قضايا الهجرة واللجوء والسياسة الاوروبية ابرز نقاط الاختلاف بين الشركاء المحتملين ويبقى التساؤل المطروح إلى أي مدى ستنجح ميركل في قيادة هذه المفاوضات وايجاد أرضية للتوافق بين شركائها. وأقر سيم أوزدمير رئيس حزب الخضر في مؤتمر مصغر لحزبه نهاية الاسبوع الماضي عقب الاعلان عن الدخول في مفاوضات تشكيل الائتلاف بأن " الامر سيكون معقدا وصعبا"، مضيفا "أن لا أحد كان يتمنى مثل هذا الائتلاف (ائتلاف جامايكا) قبل إجراء الانتخابات، لكن الأمر يتعلق الآن بأخذ رغبة الناخب الألماني بجدية والعمل من أجل البيئة ومن أجل أوروبا قوية، ومن أجل إقرار العدالة أكثر". من جانبها، قالت رئيسة كتلة الحزب بالبرلمان الألماني كاترين غورينغ إكهارت التي ستقود المفاوضات مع أوزدمير "لا اخشى الدخول في مفاوضات عسيرة". وفي المقابل فان الحزب الديمقراطي الحر، الشريك الاخر المحتمل ، اشترط على لسان زعيمه كريستيان ليندنر، الدخول في مفاوضات بتغيير مسار السياسة الألمانية. وقال لصحيفة دي فيلت "يمجد البعض جامايكا بوصفه مشروعا سياسيا حالما". لكن " لكل حزب من الأحزاب الأربعة تفويضه الانتخابي. وسيتضح إن كانت هناك إمكانية للجمع بين هذه التفويضات دون تعارض". وبالفعل، فإن مهمة ميركل في تشكيل حكومة منسجمة لن تكون سهلة ويرجح المحللون السياسيون أن تضطر الى تقديم عدة تنازلات. فالخضر وكما جاء في برنامجهم الانتخابي يدافعون على منح حق اللجوء بدون حدود قصوى والسماح بلم شمل عائلات اللاجئين، في تعارض مع الشقيق الأصغر لحزب ميركل ، الاتحاد المسيحي الاجتماعي الذي يطالب بأن لا يتجاوز عدد المهاجرين 200 الف في السنة، أما الليبراليون فيطالبون بهجرة مؤهلة حسب نظام النقط. ومع ذلك، فقد ترك نائب الحزب المسيحي الاجتماعي ماتفريد فيبر، الباب مواربا، حيث قال في تصريحات صحافية إنه بالرغم من الخلافات مع باقي الشركاء المحتملين، فإنه يؤمن بإمكانية تشكيل ائتلاف جامايكا. وأكد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار انشغالات المواطنين الألمان. وبخصوص السياسة الأوروبية، فستجد ميركل نفسها في مأزق مع شركائها الأوربيين لاسيما فرنسا التي تتتطلع إلى تعاون وثيق مع المانيا لدعم إصلاح منطقة الأورو، في مواجهة الحزب الديمقراطي الحر الذي يعارض هذا الإصلاح وكذا توسعة المنطقة النقدية لتشمل بلدانا كرومانيا وبلغاريا.. *و.م.ع