انتقدت جمعية "إنصاف" قرار الحكومة المغربية رفض عدد من التوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان، خصوصاً تلك المتعلقة بالنهوض بحقوق الأمهات العازبات وأطفالهن المولودين خارج مؤسسة الزواج، وتحسين برامج التكفل والمساعدة وإعادة الإدماج الاجتماعي والمهني لفائدتهن. ويشارك وفد مغربي يترأسه الوزير المكلف بحقوق الإنسان، في أشغال الدورة ال36 لمجلس حقوق الإنسان، لتوضيح موقف المملكة من التوصيات التي قدمتها الهيئة الأممية على ضوء العرض الذي تم تقديمه شهر ماي الماضي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب. ولجأت جمعية "إنصاف" إلى توقيع عريضة إلكترونية، أمس الخميس، للتعبير عن استنكارها موقف المغرب من هذا الموضوع، معتبرة أن "الطفل المولود خارج إطار الزواج في المغرب يتعرض للتمييز مدى الحياة"، وقالت إن الحكومة الحالية "لا تُريد تغيير هذا الوضع". وأوضحت الجمعية أن المغرب رفض توصيات إلغاء تجريم الأمهات العازبات والسماح بالاعتراف القانوني الكامل بالأطفال المولودين خارج إطار الزواج، والسماح بإجراء اختبارات الحمض النووي لتحديد الأبوية، وإزالة جميع الإشارات في وثائق الهوية التي من شأنها تحديد الأطفال بكونهم مولودين خارج مؤسسة الزواج المتضمنة في مدونة الأسرة. الجمعية دعت إلى ضرورة معالجة هذه الإشكاليات وتطبيق المقتضيات الدستورية التي جاءت في الفصل 32، الذي يشير إلى أن الدولة "تسعى إلى توفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية". وقالت بشرى الغياتي، رئيسة جمعية "إنصاف" بالمغرب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "الحكومة لا تريد معالجة ما هو موجود في الواقع، خصوصاً أن الظاهرة مستمرة، ففي السنة الماضية استقبلت جمعيتنا 4262 حالة تتعلق بأم عازبة وطفلها". وأضافت بشرى أن "الأطفال المتشردين الذين يعيشون في الشارع هم نتاج التخلي عن الأمهات العازبات، وهي الظاهرة لا يجب على الدولة أن تغض الطرف عنها، بل يجب أن تعترف بأن القوانين الحالية لا تعالج الموضوع". وأشارت الغياتي إلى أن "الطفل المزداد خارج مؤسسة الزواج ليس له أي ذنب ولا يجب تحميله المسؤولية"، وزادت: "هذا ليس بحل، بل يجب التعامل مع الظاهرة من أجل تقليصها عن طريقة التوعية وتحميل المسؤولية أيضاً للأب البيولوجي وليس للأم فقط". ويواجه الأطفال المولودون خارج مؤسسة الزواج بالمغرب مشاكل عدة، خصوصاً الحصول على نسب الأب البيولوجي، إذ غالباً ما لا يتم تسجيل اسم الوالد الحقيقي في ظل غياب علاقة الزواج الشرعي، ما يعرض الطفل للتمييز وصعوبة استفادته من حقوقه، وأهمها التعليم والصحة. وكانت جمعية "إنصاف" أصدرت سنة 2010 الدراسة الوطنية الأولى حول الأمهات العازبات في المغرب، قدمت من خلالها نتائج مقلقة عن وضعهن ومستقبل أطفالهن، وكشفت أنه خلال الفترة من 2003 إلى 2009 فاق عدد الأمهات العازبات بالمغرب 210 آلاف و340، منهن 32 في المائة تقل أعمارهن عن 20 سنة، و30 في المائة بين 20 و25 سنة. وتلقت المملكة المغربية خلال الحوار التفاعلي برسم الجولة الثالثة من آلية الاستعراض الدوري الشامل 244 توصية، وافقت على 191 توصية منها بالتأييد التام، منها 23 توصية تعتبرها المملكة منفذة كلياً، و168 توصية في طور التنفيذ باعتبارها تندرج ضمن الإصلاحات المبرمجة من طرف الدولة المغربية. ورفض المغرب عدداً من التوصيات، خصوصاً المرتبطة بموضوع المثلية وإلغاء بعض مقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بالولاية والزواج والإرث، إذ اعتبرها متعارضةً مع الثوابت الجامعة للأمة المغربية، التي تتمثل في الدين الإسلامي السمح والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية والاختيار الديمقراطي.