الطريق غير معبدة إلى قرية آيت وعزيق الواقعة بجماعة تازارين في إقليم زاكورة، ومرشد جريدة هسبريس الإلكترونية نحو هذه القرية يتحدث بحرقة طوال ما يزيد عن 15 كيلومترا عن معاناة النساء اللواتي جاءهن المخاض والمرضى والمواطنين عموما وهم يطلبون العلاج أو يقصدون السوق الأسبوعي للتسوق وشراء حاجياتهم اليومية بسوق تازارين أو النقوب. ترتبط قرية آيت واعزيق محليا نواحي تازارين بولي صالح اشتهر باسم دَادّا وَاعْزِيقْ، شكل مزارا لسنوات طويلة، ومقصد الرجال والنساء من الدواوير المجاورة. ودادا واعزيق ليس وحده بمنطقة تازارين، ففي كل قرية ولي راقد، يزوره كل من يقصد حاجة يرغب في تحققها، إلى أن خفتت سمعة هذه المزارات والأضرحة وتحولت في السنوات الأخيرة إلى مجرد أطلال من النادر أن يقصدها شخص ما. علامات تشوير بلا طريق في مدخل قرية آيت واعزيق تثير انتباهك علامات تشوير كتلك التي توجد في الطرق الرئيسية، علامة للانتباه وأخرى لمرور أطفال؛ إلا أن الطريق غير معبدة، وتزداد معاناة الساكنة في فترات هطول الأمطار والسيول. يقول الوعزيقي امحمد: "منذ سنوات ونحن نتقدم بطلبات لفك العزلة عن قرية آيت وعزيق، إلاّ أنّ طلباتنا لم تلق آذانا صاغية، ومعاناتنا تزداد وتتفاقم أثناء هطول المطر، وفي آخر اجتماع لممثلي الساكنة مع عمالة زاكورة أخبرونا أن الطريق التي تربط دوارنا بالطريق المعبدة سوف تنتهي منها الأشغال سنة 2022". ثم يضيف المتحدث في تصريح لهسبريس: "أبناء المهاجرين يرفضون القدوم إلى البلدة كل صيف بسبب رداءة الطرق، وإذا ما طلبت من مالك سيارة أن يُقلّك لأمر مستعجل يرفض بسبب هذه الطريق". وعن حكاية هذه العلامات التي توجد في مدخل آيت واعزيق، يقول الوعزيقي: "في البداية، قمت بوضع بعض المطبات في الطريق قرب منزلي تفاديا لوقوع حادث؛ لكن بعض الأشخاص قاموا بمقاضاتي، فتقدمت بطلب لوضع علامات تشوير، وهو طلب تمت الاستجابة له". في انتظار أن تستجيب سلطات زاكورة لمطالب ساكنة آيت واعزيق والزعلو، فيما يخص مطلب الطريق الذي سوف يربطهم بالعالم الخارجي، سواء عن طريق النقوب أو عن طريق تازارين، تستمر معاناة ساكنة مجموعة من الدواوير، وهم الذين يتلقون وعودا بقرب إنجاز طريق، آخرها وعد بأن سنة 2022 ستكون نهاية مأساة عمرت طويلا، لا سيما أن تعبيد هذه الطرق سوف يفتح المجال لزيارة النقوش الصخرية الفريدة، التي توجد فقط في أماكن قليلة بالمغرب والتي تعد من الموروث الوطني الذي يجب الحفاظ عليه. نقوش صخرية في قرية آيت واعزيق بنفوذ جماعة تازارين نقوش صخرية تعود إلى 7000 سنة، لوحات فنية حُفرت بأدوات بدائية منذ قرون طويلة، وبقيت شاهدة على وجود وحيش لم يعد له أثر في المنطقة الآن؛ فالرسومات في الغالب عبارة عن حيوانات مثل الفيلة والزارافات ووحيد القرن وغيرها، ونقوش لأدوات الصيد المعتمدة في الإيقاع بالفرائس في 5000 سنة قبل الميلاد. يوسف أيت بها يرافق السياح الذين يقصدون محله السياحي بسردرار نواحي تازارين لزيارة هذه الآثار القديمة في آيت واعزيق، قال: "هذه النقوش تعبر عن بداية ممارسة الإنسان للفن، وهي تدوين لمختلف الحيوانات التي كانت تعيش في هذه المنطقة قبل 7000 سنة، مثل الفيلة والزرافات". ويضيف أيت بها في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية: "لهذه النقوش أهمية كبيرة، إذا ما تم إشهارها بشكل جيد، ليس فقط لأنها ستنشط السياحة بالمنطقة، لكنها ستسهم في فك العزلة كذلك على هذه القرية، وتجلب إليها مجموعة من الخدمات". بناية مهجورة توجد هذه النقوش الصخرية بثلاثة مواضع متقاربة في قرية آيت وعزيق، وغير بعيد عنها توجد بناية مهجورة ومغلقة، اتخذتها العصافير والحمام ملاذا آمنا، بعدما بنتها وزارة الثقافة لتكون متحفا لتجميع القطع الصغيرة من هذه الصخور المنقوشة. "لقد تمت سرقة مجموعة من الأحجار التي يستطيع المرء حملها بدون مجهود، وبقيت هذه البناية دون أي منفعة" يقول مواطن من آيت واعزيق ثم يضيف: "منذ سنوات، كان أحد السياح يأتي إلى هذا المكان، ويقوم بإلصاق مادة على هذه الأحجار، لينقل هذه الأشكال على مادة أخرى، قضى قرابة شهر هنا دون أن يسأله أحد، لم يكن المكان محروسا، وكان السياح المغاربة والأجانب يأخذون الأحجار سرا وعلانية، لأن المواطنين لا يعرفون أصلا قيمة هذه الأحجار". وقد سألنا أحمد أوموس، مدير المركز الوطني للنقوش الصخرية، عن هذه البناية المهجورة بآيت وعزيق، وقال في حديث مع هسبريس إن "الجماعة (يقصد تازارين) تخلت عن التزاماتها بخصوص هذه البناية؛ فالوزارة بنت متحفا، لكن ليس هناك فاعل محلي يمكنه تسيير هذه البناية، لهذا بقيت البناية مغلقة الأبواب، والحل هو أن تتدخل الجماعة لتسيير هذه المحافظة، أو جمعية محلية". وعما إذا كانت هناك مشاريع مستقبلية لتثمين هذه النقوش الصخرية، قال أموس إن "ذلك راجع إلى رغبة طرف محلي، سواء الجماعة أو المجتمع المدني، وتعاون المنتخبين، مثل مجموعة من المناطق، كسيدي اإني وطاطا وغيرها"، مردفا أن "أي مشروع لن يتم دون تعاون بين أطراف محلية مثل الجمعيات والجماعة القروية". فريكس: لم نتخلّ على التزاماتنا من جهته، قال محمد فريكس، رئيس جماعة تازارين القروية، ردا على تصريحات أوموس إن "الجماعة لم توقع أي اتفاق مع أيه جهة بخصوص آيت واعزيق، كي يتم اتهامها بالتخلي عن التزاماتها". وزاد المتحدث نفسه، في تصريحات لهسبريس، أن "الوزارة بنت هذا المتحف بشكل متأخر، بعدما تمت سرقة مجموعة من النقوش، وأن الحراسة لم يتم اعتمادها سوى في المدة الأخيرة، وأن الجماعة لديها مشروع مستقبلي بشراكة مع وكالة تنمية الواحات، لتوفير مكان لاستقبال السياح في موقع هذه الآثار". بخصوص الطرق غير المعبدة نحو آيت واعزيق، يقول فريكس إن هناك طريقا تمت برمجتها مستقبلا، وإن الطريق الحالية وإن كانت غير معبدة، فهي سالكة، ووضعية آيت وعزيق أفضل من أماكن كثيرة". وردا على اتهامات من جمعويين ومن بعض ساكنة آيت واعزيق بأن الجماعة تهمل هذا الدوار بشكل عقابي لأسباب سياسية وانتخابية، رد محمد فريكس بأن "هذا كلام فارغ، ذلك أن الدوار يتمتع بالماء الشروب وبالكهرباء وبتغطية الهاتف، والطريق وإن كانت غير معبدة فهي سالكة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نميز بين هذا الدوار وبين ذاك إلا انطلاقا من معايير مثل عدد السكان ومعايير تقنية أخرى، كتفضيل 3000 نسمة على 400 نسمة وهكذا".