اكتسبت جماعة أوريكة شهرة عالمية، لكونها أضحت منتجعا سياحيا، من ضمن مناطق جبلية طبيعية، يضمها إقليمالحوز، تشكل قبلة لعشاق الجبال والوديان والمناظر الطبيعية، وتجذب السياح من مختلف الجنسيات، على مدار فصل الربيع والصيف خصوصا، إضافة إلى آلاف المصطافين القادمين من مختلف المدن المغربية خلال فصل الحر. جماعة أوريكة، التي تبعد عن المدينة الحمراء بحوالي 36 كيلومترا، تشكل مجالا لاقتناص فرصة الاستمتاع بهواء بارد، ينعش البدن وينسيهم حر الصيف، والاسترخاء بين أحضان الطبيعة الخلابة في جو يعمه الهدوء والسكينة، والاستمتاع بخرير وعذوبة المياه المتدفقة عبر الوديان، التي تخرق هذه المنطقة ذات التضاريس الجبلية الوعرة. بيئة خلابة.. ولكن إن الإقبال الكثيف من الزوار المغاربة والأجانب، والتوسع العمراني بهذه المنطقة، وانتشار مؤسسات سياحية بها، كلها أمور أصبحت تشكل نقمة عليها؛ وذلك بفعل الانعكاسات السلبية التي يتعرض لها الرأسمال الطبيعي، لمنتجع أوريكة، نتيجة عدم مواكبة البنية التحتية لهذا التطور، يقول نشطاء جمعويون في تصريحات متطابقة لهسبريس. عبد العالي عطيف، نائب رئيس الجمعية الخيرية لتنمية حوض أوريكة، أوضح، في تصريح لهسبريس، أن عدد السكان أضحى يفوق 40 ألف نسمة، حسب إحصائيات 2014؛ وهو ما يعني أن النمو السكاني ارتفع بنسبة 40%، بسبب الهجرة المضادة، هروبا من غلاء العقار بمدينة مراكش. عطيف كشف أن هذه الجماعة تفتقر لتصميم تهيئة؛ وهو ما جعل البناء العشوائي ينتشر بها، مستدلا على ذلك بدوار بوتبيرة، ما انعكس سلبا على البيئة، بسبب غياب قنوات الصرف الصحي بالدواوير التي تشكل 97% من المجال الترابي لأوريكة. وأضاف المتحدث أن الأطفال بهذه الجماعة يلعبون في مجاري المياه العادمة، ما يجعلهم عرضة للأمراض المتنقلة، مذكرا بوفاة طفلة إثر شربها لهذه المياه. إن هذا المنتجع، الذي يضم مناظر طبيعية خلابة تستهوي الزائر الراغب في الاستجمام وأخذ قسط من الراحة تحت الأشجار الوارفة الظلال بعيدا عن ضوضاء المدينة، توجد به 28 ألف حفرة للمياه العادمة؛ وهو ما يشكل خطرا على الفرشة المائية، يورد عطيف، مضيفا أن هذه المياه تلقى أيضا في مجاري سقي الأراضي الزراعية. واستدل الفاعل الجمعوي ذاته على ما سبق بالتلوث التي أصاب بعض الصهاريج، كذاك الذي يوجد بالقرب من دار الطالبة، ويزود ستة دواوير، وآخر يزود دوار أيت الراضي. وفي هذا السياق، أشار عطيف إلى أن التحاليل المخبرية كشفت سابقا أن مياه الشرب تحتوي على البزار؛ وهو ما يفرض ضرورة معالجة هذه المياه. ومن أجل المحافظة على البيئة الطبيعية، التي حبا بها الله منطقة أوريكة، وتشكل رأسمالا أخضر، يوفر للمغاربة والأجانب متنفسا خلابا، يسر الناظرين؛ فإن الجمعية الخيرية لتنمية حوض أوريكة قامت بحملات تحسيسية وأنشطة ثقافية وفنية ودراسات عملية، مطالبة المستثمرين بالمساهمة من جهتهم في المحافظة على ما يحبل به هذا المجال الترابي من أشجار وغابات ومياه عذبة. صحة عليلة واكتظاظ بالتعليم ما يؤرق سكان هذه المنطقة التي تستقبل زوارا مغاربة وأجانب، إضافة إلى القاطنين بها، هو قلة الأطر الطبية بالمركز الصحي، يحكي أحمد القبلي رئيس اتحاد جمعيات المجتمع المدني بأوريكة لهسبريس متحسرا ومتألما؛ لأن طبيبا واحدا وثلاث ممرضات طاقم غير كاف لعدد كبير من السكان. وتابع المتحدث نفسه، يحكي مأساة الصحة بأوريكة، قائلا: "دار الأمومة هي أيضا تعاني خصاصا في الأطر، مذكرا بأنها تستقبل مرتفقين من سبعة دواوير أخرى، تابعة لجماعة أغمات؛ لكنها توجد محاذية لجماعتنا". التعليم هو الآخر يعاني بمنطقة أوريكة، فالثانوية الإعدادية علال الفاسي ستستقبل في الموسم الدراسي المقبل 2017-2018 أكثر من 1800 تلميذ (ة)، وهو رقم قياسي بكل المقاييس التربوية، يؤكد القبلي؛ مشيرا إلى ضرورة إحداث مؤسسات أخرى، لتخفيف هذا الاكتظاظ المهول، وأن الجماعة في حاجة لمركز للتكوين المهني لاستيعاب المطرودين، بحسب تعبيره. أما التعليم الأولي الذي تشرف عليه الجمعيات، بإمكاناتها الخاصة، مخففة العبء عن الدولة في هذا المجال، فيحتاج إلى الدعم المادي من جهة، وإلى تكوين الأطر من جهة ثانية، لتجويد أدائهم التربوي. الجماعة القروية تبرمج عبد العزيز أيت عدي، رئيس المجلس الجماعي لأوريكة، يعترف بكون المنطقة في حاجة إلى مجموعة من التدخلات؛ لكن الجماعة تبرمج وفق منطق الأولويات، وميزانيتها الضعيفة، فالمشروع الاندماجي للصرف الصحي، الذي سيشمل سبع جماعات، يحتاج منا كجماعة إلى ميزانية خمس سنوات، في سياق تدخل جهات متعددة. ونظرا للمدة الزمنية التي سيحتاجها هذا المشروع، وكلفته المرتفعة، فإن المجلس الجماعي لأوريكة صادق، في دورة استثنائية في شهر يوليوز الماضي، على اقتناء بقعة بالمعاوضة المادية المباشرة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، من أجل وضع حل جذري لمشكل الصرف الصحي، يقول الرئيس نفسه. أما مشكل الاكتظاظ بالإعدادية، فقد صادق المجلس الجماعي على غلاف مالي لشراء بقعة أرضية بدوار بوزكيف قصد إحداث مؤسسة تربوية، يضيف أيت عدي، مشيرا إلى أن لجنة التقويم قررت ثمنا مناسبا، وتتنظر الجماعة رأي المديرية الإقليمية للتربية الوطنية، مؤكدا أن الجماعة طلبت تمديد اتفاقية توفير وحدة متنقلة للتكوين المهني، في شعبة ميكانيك السيارات، أخرى لفائدة التلميذات. الصحة تبادر في المقابل، أوضح فؤاد المرابط، مندوب وزارة الصحة بإقليمالحوز، أن المندوبية الإقليمية حرصت على تعيين أطباء داخليين طيلة أيام الأسبوع، وعلى امتداد السنة؛ وذلك من أجل تيسير ولوج الساكنة إلى الخدمات الصحية، وتخفيف الضغط على الطبيب الوحيد بالمركز الصحي لجماعة أوريكة. وأورد المسؤول نفسه: "نعمل على تعويض هذا الطبيب في حالة الرخص الإدارية، أو المرضية أو خلال حضوره للدورات التكوينية، وهكذا لم تسجل إلى حد الساعة أي حالة غياب للأطباء، عن تأمين الفحوصات الطبية للساكنة"، مشيرا إلى أن وزارة الصحة قد برمجت منصب طبيب ثان بهذا المركز الصحي؛ وذلك من أجل تعزيز ودعم الخدمات الصحية. أما بخصوص الأطر شبه الطبية، فقد عرف هذا المركز الصحي انتقال أربع مولدات خلال الموسم المنصرم، في إطار التحاقهن بأزواجهن؛ وهو ما كاد أن ينعكس سلبا على السير العادي لدار الولادة، لولا تدخلنا في إطار إعادة الانتشار، ما مكننا من توفير أربع مولدات بهذا المرفق الصحي، يقول فؤاد لمرابط. وأوضح المسؤول سابق الذكر أن مندوبية الصحة لم تتخل عن أي طبيب، وزاد موضحا أن الطبيب المعني تم وضعه رهن إشارة المركز الوطني محمد السادس للمعاقين "ملحقة مراكش"، عند افتتاحه؛ وذلك بقرار وزاري ووفق مسطرة قانونية، يختم لمرابط تصريحه لهسبريس.