سلام إلى روحك صديقي نجيم كنتُ أعتقد أني سأراكَ في المنام هذه الليلة.. هي أول ليلة لك في عالمك الآخر الذي رحلت إليه في غفلة منا جميعا.. كنتُ أعتقد أني سأراك في أول ليلةٍ تحل بها في قبرك في "سيدي رحاج إحيى" (مقبرة سيدي الحاج يحيى)، لتحكي لي .. لكني لم أرك، لم أرك وكم كنتُ محتاجا لرؤيتك لأحكي لك قبل أن تحكي لي، كنت في حاجة لأفضفض لك وتفضفض لي، كما كنا نفعل دائما.. صديقي نجيم، رحلتَ في غفلة عنا جميعا، في غفلة من عائلتك وأسرتك وأبنائك رحلت في غفلة عن أصدقائك وإخوانك في درب النضال رحلت وأنت لازلت في فارسا في الميدان، مناضلا صادقا وصلبا لا يلين أمام "ناهبي المال العام" رحلت وأنتَ الحامل لهموم الناس رحلت وأنت المشغول دائما بصحة والديك الطريحي الفراش، بعدما كنت تستغل أي وقت لزيارتهما بمدينة الناضور رحلت وأنت الشمعة التي احترقت من أجل أن يرى ويبصر الآخرون.. آه صديقي.. هل يمكن للكلمات أن تحمل ثقل ما أشعر به (لاَ وَاللهِ.. لاَ وَاللهِ) وإني أرى الدموع التي أكفكفها الآن أقوى من كل هذهِ الكلمات.. كثير من الناس يعرفون نجيم العبدوني المناضل، رئيس فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالحسيمة، ورئيس حركة لكل المظلومين والفاعل الحقوقي والرجل المزعج للمفسدين.. أنا كذلك أعرف نجيم المناضل، والحقوقي، والفاعل الجمعوي.. لكن أعرف وبشكل أعمق نجيم الإنسان الإنسان المحب لأهله وناسه ومدينته ووطنه أعرف نجيم الذي كان يتألم عندما يكشف فساد "مسؤول ما" في الإعلام، وبوعي الكبار المخلصين المتجردين، كان يقول " لم أقصد بذكري لفلان أن أسيئ إليه بل إضطررتُ لذكرهِ، فنحن لا نحارب الأشخاص وإنما نحارب الفساد، ولكن لا يمكن أن نقاوم الفساد دون مقاومة المفسدين وفضحهم أمام الرأي العام" نجيم.. تركتَ فراغا كبيرا في مساحة هذه المدينة التي كانت تحبك بقدر ما كنت تحبها بل إنها أسدلتْ أمساً ستارا من الحزن على رحيلك أيها المناضل الصادق الكبير صديقي نجيم، أنا لا أرى بين العالمين – الهنا والهناك حيث أنت تُقيمُ الآن – إلا خيطا رفيعا لا نراه بالعين المجردة، لكن تدركه قلوب المؤمنين وتراه بعين البصيرة لذا أخاطبك وأنا متيقن أن روحك ستسمع ما يخالج ذاتي من أحاسيس، فالأرواح تسمع لغة القلوب.. صديقي، وأنت هناك.. فأجمل ما يمكن أن أهديك هو دعاء صادق لله سبحانه وتعالى أن يتقبل نضالك من أجل المستضعفين.. دعاء إلى الله أن يرحمك برحمته الواسعة وأن يدخلك فسيح جناته وأن يجعلك مع الصديقين والشهداء والصالحين.. صديقي نجيم، إن الله لا ينسى وإن نسي الخلق أجمعين.. لن ينسى صمودك وتضامنك مع الأسر المشردة من ساكنة "كلابونيطا" التي كانت تعتصم أمام باشوية الحسيمة لشهور، وكم تبللنا بأمطار الخير وتحملنا وعشنا لحظات إنسانية معهم، ربما نسوا بعدما تحققت مطالبهم واستفادوا من شققهم، ولكن الله لا ينسى.. صديقي نجيم، إن الله لن ينسى أنك كنت دائما من المناصرين للمستضعفين والفقراء والمساكين، بل وأسست حركة لكل المظلومين، وتحملت الكثير من أجل ذلك، على حساب صحتك وأبنائك وأسرتك.. قد ينسى الناس، صديقي نجيم.. لكن الله لا ينسى لن ينسى يا نجيم، أنك كنت تساعد الفقراء والمعوزين، لن ينسى أنك اتصلت بي وبأصدقاء آخرين، أياما قبل عيد الفطر الأخير، من أجل مبادرة إنسانية لإسعاد أطفال يتامى ومعوزين.. لن ينسى الله، أنك كنت مدافعا عن كثير من عياله ومناصراً لهم في الحق في زمن الظلم لن ينسى كل الخير الذي ساهمتَ فيه، ودافعتَ عنه صديقي نجيم، ستفتقدك الحسيمة وأهلها سيفتقدك المخلصون والصادقون سيفتقدك أبناؤك وأسرتك وعائلتك سيفتقدك ضمير الوطن.. صديقي نجيم قد ينسى الناس كما قلتُ لكَ، في غمرةِ إنشغالاتهم ومشاغلهم الدنيوية، لكن رب الناس لا ينسى، وهو رحيم بعبادهِ، وإذْ أنكَ الآن بين يديه أسأله سبحانهُ أن يرحمك برحمته التي وسعت كل شيء ويدخلك فسيح جناته و(إنا لله وإنا إليه راجعون