سجلت القوى التقدمية والوطنية ببلادنا عبر مسيرتها النضالية، ذكريات أصبحت مصدر اعتزاز و الهام لكل الشرفاء والمناضلين؛ باعتبارها لحظات تجديد و شحذ لطاقة الطبقة العاملة ؛ ولعموم الجماهير الشعبية؛ ووقفة إجلال وتقدير ترحما على أرواح الشهداء. ومن بين هذه الذكريات الذكرى 30 لرحلة الخلود في عالم الوفاء والالتزام التي انتزعت منا أحد رموز الطبقة العاملة ومؤسسي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الفقيد والمشمول برحمته الواسعة الأخ أحمد البوزيدي . 27 أكتوبر 1981 – 27 أكتوبر 2011 تكون قد مرت ثلاثون سنة على رحيل الشهيد أحمد لقد لبى نداء ربه وهو في مهمة تعد من الأولويات في حياته؛ خاصة بعد الأحداث الدامية لسنوات الرصاص في يونيو 1981 "انتفاضة الخبز" . يوم 27 أكتوبر 1981 بالنسبة للبريديين بوجه خاص والمناضلات والمناضلين الكونفدراليين والكادحين بصفة عامة؛ يمثل يوم الوداع الأخير.. في هذا اليوم كان المرحوم أحمد بفرحه الغزير وتفاؤله الكبير وحركاته الخفيفة وتحديه لكل العراقيل ينهي زمنا مليئا بالعطاء والنضال ليدخل في عالم آخر إلى جانب الشهداء والصديقين والمناضلين الأوفياء . لقد رحل أحمد ."الله أكبر" "الله أكبر" هكذا تعالت الصيحات هنا وهناك، يوم لا يمكن أن ينسى أو يمحى من الذاكرة ؛لقد انتقل الخبر كحريق مهول . شُدّت الآذان لرنين الهاتف عبر أرجاء الوطن ،في كل المقرات الكنفدرالية وبيوت المناضلين.. لم تصدق الخبر لأن الشهيد كان في ريعان شبابه ؛وربما لأننا نشك أحيانا في قدرة الموت على الوصول إلى مثل هؤلاء الرجال الصادقين والمخلصين؛ لكن الموت هو الموت وكما قال الرسول الكريم :" ما رأيت يقينا أشبه بالشك مثل الموت " لقد رحل أحمد البوزيدي في صمت دون أن يودعنا.. رحل الرجل المناضل الملتزم والكل لازال في حاجة إلى أعماله وتوجيهاته ونضاله ... أخانا احمد مرت 30 سنة على رحيلك ؛ونقول لك بهذه المناسبة وأنت الذي عايشت وتألمت لوضعية الطبقة العاملة، وأنت بجوار ربك الآن: أن قضايا وطنك وهموم الكادحين لا تزال كما تركتها بل أكثر من ذلك فلقد كثر الفساد وعم الاستبداد وسلبت الحقوق وتعاظمت الانتهاكات؛ فلا تكاد تخطو خطوة وتتحرك حركة إلا لتتراجع خطوات . أخانا أحمد نعيش في زحمة صاخبة؛ نرقص في حلبة مكتظة بالمستبدين والفاسدين والكهنة والدجالين الذين يتكلمون ألف لغة ويظهرون بمائة وجه.. ننخرط في حوار الصم البكم ,,ندور في دائرة مغلقة لا منفذ لها ولا باب . أخانا أحمد : الطبقة العاملة اليوم أصبحت أسوأ مما كانت عليه سنة 1981 ؛وحالة الفقر والهشاشة أخطر مما خلفتها ؛وتدهور القدرة الشرائية أضعف مما عشته وكافحت ضده ؛وانتشار الأمية والجهل وكل الأمراض المزمنة يشكل رهيب ومؤلم. لذلك لابد لنا أن نتخذ من ذكراك وذكرى كل المناضلات والمناضلين الذين ضحوا بالغالي والنقيس؛ كي نوجه النداء مرة أخرى إلى كل الغيورين على هذا الوطن الحبيب و تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وفاء لأرواحكم ... كيف لا وأنت يا احمد تمثل أحد تلامذة الشهيدين المهدي بن بركة وعمر بنجلون والذي ما فتئ هذا الأخير يردد : أن واقع العمال وظروفهم لا يفهمها جيدا إلا من قرصه الجوع خارج شهر رمضان الكريم ومن اضطر للمشي حافيا في طفولته وتغذى بالخبز الحافي وانتعل النعال الخشنة المصنوعة من عجلات السيارات المستعملة. والمرحوم البوزيدي ابن قرية دبدو النائية بالجهة الشرقية ومن قبيلة المصلى الصغيرة الهادئة ومن أسرة كادحة هو ممن انتعلوا هده النعال وتغدوا بالخبز والشاي و ارتبطوا بهموم الطبقة الكادحة منذ صغره .. أخانا أحمد هاهم إخوانك وأخواتك في ك د ش قيادة وقواعد أفياء العهد؛ حاضرون وحريصون على تخليد الذكرى 30 على رحيلك وبقدر ما تمر الأيام والسنين على اليوم الذي افتقدناك فيه؛ خاصة بعد استحضار ذلك المشهد الرهيب وعدد الحاضرين من كل الأقاليم؛ وكلمات التأبين أثناء توديعك إلى مثواك الأخير كلما ازداد إحساسنا بفداحة الخسارة التي أصابنتا نقابة ووطنا من جراء رحيلك المفاجئ عنا وأنت في أوج العطاء . ليس سهلا علينا سواء كأبناء بلدتك وعائلتك الكريمة وعلى كل كونفدرالي أن يذكرك ولا يجدك، وأنت الذي كنت كما يشهد لك رفاقك في النضال سريع الحركة والنتقل؛ دائم الحضور في صدارة المعارك الوطنية والعمالية والقومية، فكم هي المعارك التي افتقدتك خلال الثلاثين سنة التي غيبك عنا فيها الموت.. لقد كنت من الرعيل الذين رفعوا صوت الطبقة العاملة عاليا قصد تحريرها من القهر والاستغلال والتسلط والظلم لقد كرست حياتك لخدمة الجماهير الشعبية والوطن لقد كنت في طليعة المناضلين الأوفياء والشرفاء المخلصين ؛الذين واجهوا كل أشكال الانحراف النقابي البورصوي، وطرح مسألة البديل النقابي السليم والصحيح" ك د ش". لقد كنت عنصرا فعالا في مواجهة أساليب التضليل والتغليط التي سلكها الخصوم والائتلاف الطبقي الرجعي . أخانا أحمد لقد خلفت لنا تراثا كثير الخصوبة، وفي هذا اليوم وعلى غرار السنوات الماضية يشعر كل مناضل كونفدرالي الذي منحته كل مزاياك وفضائلك أنه مدعو اليوم أكثر من ذي قبل إلى التساؤل الى أي مدى استطاع أن يستفيد من تضحيات الشهداء وتجربتهم ؛وان يسترشد بأفكارهم ويرتقي إلى مستوى سلوكاتهم في العطاء والتضحية والنضال ونكران الذات. فابسم ساكنة دبدو ومناضليها الشرفاء وباسم كل المناضلات والمناضلين في صفوف ك د ش ننحني إجلالا وتقديرا لروح أخينا أحمد ونجدد له العهد على المضي في الخط النضالي الذي رسمته قيادة" ك د ش " ؛وأن الشغيلة المغربية ستظل مخلصة لمبادئ مدرسة الشهداء والمناضلين الشرفاء