في إطار مبادرة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني الرامية إلى تحفيز ومأسسة التطوع لصالح المدرسة، وتجسيدا لشعارها عن المسؤولية المشتركة لتنمية شاملة، نظمت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لقاءات تواصلية مع فعاليات المجتمع المدني لتدارس ومناقشة سبل العمل المشترك من أجل النهوض بالمنظومة التعليمية بوطننا. وبالرغم من عدة ملاحظات في الموضوع، أهمها التوقيت، إلا أنه وبغض النظر عن وقت إعلان اللقاءات التواصلية المفاجئ شيئا ما، بحيث لم يستطع فاعلون الحضور لأسباب تقنية، فإن مجرد إعلان لقاء بهذا الخصوص، حقيقة، يعتبر خطوة أساسية وجد مهمة لتجاوز النظرة الضيقة إلى المسؤولية عن هذا القطاع الحيوي وحصرها في الكوادر التابعة مباشرة للوزارة الوصية رأسا، وإن كانوا هم المسؤولين المباشرين، ما يستوجب مساءلتهم. لكن الواقع يؤكد قصور هذه النظرة التي تجاوزها الزمن فجعل المسؤولية، بشكل لا مفر من الإقرار به، مشتركة تهم كل القطاعات وكل الفاعلين بمختلف أدوارهم، مع أفضلية للمجتمع المدني الذي فقط بالأمس القريب، للأسف، كان يجد بوابات المؤسسات التعليمية موصدة في وجهه. ولئن كان اللقاء اعترافا رسميا من الوزارة بعدم مقدرتها منفردة على إصلاح المنظومة التعليمية، بل وإقرارها من خلال هذا اللقاء التواصلي بأن التعليم مسؤولية مشتركة بين الجميع، فإن المجتمع المدني في اللقاءات كان متجاوبا بإيجابية أيضا. لكن الأشمل هو العمل على إدماج الفاعلين الاقتصاديين أيضا ليصير ثالوث الإصلاح مكتملا: المجتمع المدني يقترح والفاعلون الاقتصاديون يدعمون، بينما الوزارة تقوم بعمل التنسيق والمراقبة وفق مبادئ يجب تسطيرها. وحتى لو اقتصرنا على المجتمع المدني في هذه المرحلة على الأقل، مع رجاء توسيع دائرة التعاون ليشمل الجميع، فإن عدد الجمعيات داخل المؤسسات التعليمية أو خارجها التي يمكنها العمل يعتبر كافيا وأكثر، إذا ما فهم المطلوب بشكل دقيق، من أجل تطوير أداء هذه المؤسسات عن طريق توفير فضاءات أرحب من القسم، تمكن التلاميذ من استكشاف مواهبهم الفردية وصقلها؛ فالعملية التعليمية اليوم لم تعد محصورة بالضرورة داخل قسم من أربعة حيطان، بحيث يقف الأستاذ في المنتصف 'كشرطي' للمعرفة. التعليم كان ولازال وسيبقى مسؤولية الجميع، وإن كانت وزارة التربية الوطنية المسؤول الأول.. مسؤولية تقتضي التعاون البناء مع جميع الفاعلين كإستراتيجية. لذلك يجدر الحديث عن ضرورة مشاركة جمعيات المجتمع المدني، سواء الجمعيات التي تنشط من داخل المؤسسات التعليمية، كجمعيات أساتذة المواد، أو الجمعيات التي لا تنشط أساسا داخل المؤسسات التعليمية، في تنسيق محكم ومثمر بينها. يجدر الحديث عن ذلك للإيمان العميق، المبني على الملاحظة الجمعوية التجريبية الميدانية، بأن العمل الجمعوي، مبدءا ومنهجا، هو الحل بالنسبة للمشاكل المتكدسة في العملية التعليمية التربوية إن تم إدراجه بشكل سليم وممنهج، تفعيلا ليس فقط للحياة المدرسية، بل تأصيلا لمفهوم جديد بعنوان 'مدرسة الحياة' عوض مفهوم 'مدرسة النجاح' المحصور بين أسوار المؤسسات التعليمية.. هذا إن حدث. *نائب رئيس جمعية الداخلة لأساتذة اللغة الإنجليزية DATE