مشفى "هيرمان" بِتكْساس يُعلن وفاتك الآن. قلبك إذن صار حجرا والأنفاس صارت حصَوات والنبض غمام واليد....لن تلوح ولن تداعب والابتسامة صارت قطرات ماء جرفها العدم والعين انسدلت...حتى لا رؤية ولا رؤيا والساق، لن تمشي نحو الغد آراك يا محمود.. ممددا، باردا، أصفر مثل عُبَّاد شمس يخرج منك الآن سرب من: الصرخات النداءات التحايا الوداعات التنهدات الوصايا الخيالات الكتب الوقت العِطر الانتظارات الجراح الخيانات المواعيد المواقيت السفر النهايات الوجع الشك الطهر العهر اليقين الغوايات الأصباح اللقيا الهتاف العناق القبلات القضية العبث النشيد الحصان الورد الخسارات يخرج منك يصعد منك يتبخر منك يجنح منك...من هدأتك العظيمة وانت مسجى، مزهوا بموتك اللذيذ موتك الجديد موتك العنيد جاء مسرعا يهش بعصاه على القصائد فتطير على الأحلام على ما تأجل ما تناثر ما تأخر في الوصول ما تتمادى في الخفاء ما تشتت في الجفاء ما تهادى قبل اللقاء.. مسجى يا محمود لا تشم لا تتحسس لا تقرأ لا تودع لا تبكي...آخر البكاء لا تنتظر لا تحرس لا تحب لا تخون لا تعصر جسدا ولا جسد يغويك بانتشاء لا تفرح لا تسأم لا تحن لا تنادي.. ولا تسمع نداء لا تتخفى لا تظهر لا تنتبه لا تنسى ولا يبقيك رجاء... محمود، تركت الحصان وحيدا زهرة الأوركيديا تركتها حيرى تركت البجعات حزينات السحب تجمعت في سماء المشفى "هيرمان" والغيمات، جاءت لتهطل من بعيد عجلى رجها الخبر: الدرويش توقف شطحه الدرويش مات وتكساس، قد لا تعرف انك كنت "قصبا صقلته الرياح فأصبح نايا" بشذو وأغنيات محمود مات يا أمي التي في السماوات هل محمود وصل؟ محمود الذي لم يكتب وصيته لم يودع حبيبته لم يشك في العروة ورده لم يسقي في الحديقة نبته لم يرتق للوطن جراحه لم يرسم للحلم حدوده لم يعصر للطفل حليبه لم ينته ......بعدُ فكيف يصفق الباب لم ينته بعد كيف نخبر الأحباب كيف نخبر الأصحاب كيف نواسي حيفا وريتا والشجرات اليتيمات كيف نكفكف دمع الأمهات كيف نصلي...وراء القصائد الحزينات لم تُكتب بعد صارت غيبا صارت هواما في كراسة من هواء في دفتر النهايات . . . . مشفى "هيرمان" بتكساس يعلن وفاتك الان أغمضُ روحي أرهف سمع قلبي لا أبكي.. أغادر الحزن "بكامل شبشبي" وأبتسم لك.. ومن شق صغير في السماء أراك تومض وانت تعانق أمي.. أمي التي سبقتْك....وأطفأتِ الحياة. طنجة/ 07 أبريل 2016