في مومباسا، ثاني أكبر مدينة في كينيا، تشعر "ويني أوما"، التي تعمل مصففة للشعر، بالقلق إزاء احتمالات أن تهدد الانتخابات الرئاسية المقررة يوم الثلاثاء المقبل أمنها. وقالت أوما، التي انتقلت إلى المدينة الساحلية من الغرب وتشعر بالخوف من أنه يمكن استهدافها من قبل سكان محليين يرون الوافدين بأنهم قادمون للاستيلاء على أرضهم: "سيتعين عليّ العودة إلى مسقط رأسي، لمدة أسبوعين، ثم أعود عندما تنتهي حمى الانتخابات". وينظر إلى حي ليكوني في مومباسا، حيث تعيش أوما على أنه بؤرة ساخنة محتملة للعنف، حيث يواجه الرئيس أوهورو كينياتا (55 عاما)، مرشح المعارضة، رايلا أودينجا (72 عاما) في انتخابات لا يمكن التنبؤ بنتيجتها. ويقول محللون إنه حال فوز كينياتا بولاية ثانية مدتها خمس سنوات، يمكن أن تثير مزاعم بالتزوير في نهاية المطاف أعمال عنف عرقية في مشهد يعيد إلى الأذهان ما حدث في انتخابات عام2007، عندما اعتقد كثيرون أن أودينجا راح ضحية عمليات تزوير؛ وهو ما تسبب في أعمال عنف أسفرت عن مقتل 1200 شخص. ويحق لحوالي 20 مليون شخص الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة الكينية (الرئاسية والبرلمانية والمحلية). ويخوض ثمانية مرشحين الانتخابات الرئاسية؛ لكن من المتوقع أن تنحصر المنافسة في الانتخابات بين ابني اثنين من المقاتلين من أجل الاستقلال الراحلين، وهما أول رئيس للبلاد جومو كينياتا، ونائبه أوجينجا أودينجا. وعلى الرغم من الموارد الأكبر المتاحة للرئيس الحالي، فإن مزاعم النشطاء الحقوقيين بقيام الحكومة بترويع وسائل الإعلام تسبب في تقليص تصدر كينياتا للسباق الانتخابي. وقال عبد الله عبديلي، وهو خبير في شؤون المنطقة من المجموعة الدولية للأزمات، إن "الفارق بين المتنافسين ضئيل، ضئيل جدا، لذا ستكون الانتخابات واحدة من أشدها تنافسا في التاريخ الكيني". وتجوب شاحنات الحملات الانتخابية شوارع نيروبي، رافعة ملصقات، وهى تطلق شعارات بإيقاعات إفريقية. وقال دومينيك، سائق سيارة أجرة: "سوف أصوت لأودينجا. يشعر الكينيون وكأن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ"، شاكيا من حالة الطرق السيئة وارتفاع رسوم المدارس والرعاية الطبية وإيجارات المساكن، وهو "وضع لا يتحمله سوى الأثرياء". وأقرت إيفيلم أتانجا نيابوك، وهي مدرسة رياضيات (25 عاما)، بأن أداء كينياتا "جيد بالنسبة إلى البنية التحتية"؛ لكنها أشارت إلى أن "الفساد في حكومة أوهورو سيء للغاية"، مضيفة أنها لا تنوي المشاركة في الانتخابات. ويرجع الفضل لحزب "تحالف اليوبيل"، الذي ينتمي إليه كينياتا ويتولى السلطة منذ عام 2013، في إصلاح قطاع التعليم وتوسيع شبكة الكهرباء وتحقيق نمو اقتصادي في البلاد، يصل حاليا حوالي 6 في المائة. وبينما يركز تحالف "اليوبيل" حملته على تعهدات بتعزيز البنية التحتية والتكنولوجيا، يتعهد حزب "التحالف الوطني العظيم" الذي ينتمي إليه أودينجا (ناسا) بمحاربة الفساد المتفشي، وخفض أسعار الغذاء التي ارتفعت بشكل كبير بسبب أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ 30 عاما. يذكر أنه، في عام 2007، أسفر إعادة انتخاب الرئيس مواي كيباكي، الذي ينتمي إلى قبيلة "كيكويو" العرقية عن دوامة من العنف العرقي أسفرت عن مقتل 1200 شخص وتشريد مئات الآلاف. وواجه كينياتا ونائبه الحالي ويليام روتو، اللذان أصبحا بعد ذلك طرفين متصارعين على الساحة السياسية، اتهامات أمام المحكمة الجنائية الدولية بالتحريض على العنف. وتم إسقاط القضية ضد كينياتا عام 2014، وروتو عام 2016. وفي تلك المرة، وردت أنباء عن حدوث اشتباكات بين أنصار مختلف المرشحين وتوزيع منشورات تحض على الكراهية في بعض الأماكن. وقتل أحد المسؤولين عن نظام التصويت الانتخابي قبل الانتخابات. يقول عبديلى: "أرى أنه لن تحدث أعمال عنف بحجم ما حدث عام 2007؛ ولكن هذا لا يعني أن العملية الانتخابية سوف تكون سلمية تماما".