بعد حوالي شهرين من وصول تحالف اليسار إلى سدة القرار بمدينة "ميلانو"،العاصمة الإقتصادية لإيطاليا، تم الإعلان صباح يوم أول أمس عن قرار السلطات البلدية الإعتراف لساكنة المدينة من المسلمين باماكن عبادتهم والعمل على إيجادها بمختلف الأحياء التي تعرف كثافة سكانية من المسلمين . وقد جاء هذا القرار إثر اللقاء الذي جمع ممثلي الجالية الإسلامية بالمدينة (الصورة) ومسؤولي البلدية، والذي يعد الأول من نوعه في تاريخ هذه البلدية التي سيطر على تسييرها طيلة العشرين سنة الاخيرة تحالف اليمين الذي كانت "الإسلامفوبيا" إحدى أوراقه الرابحة، حتى أن الوزير الأول الحالي "سيلفيو بيرلسكوني" الذي كان يقود مختلف التحالفات الحاكمة بالمدينة ،واحد أبنائها، حذر الناخبين عشية الإنتخابات الأخيرة بما سماه "الغزو الإسلامي" لميلانو، إلا أن نتائج هذه الإنتخابات شكلت له صفعة ماتزال أثارها قائمة إلى اليوم. وشكل الإعتراف للمسلمين بأماكن للعبادة والنص صراحة على تأسيس "مسجد كبير" يليق بقيمة "ميلانو" كمدينة عالمية إحدى النقاط التي استغلها اليمين في برنامج مرشح اليسار والعمدة الحالي "جوليانوبيزابيا" Giuliano Pisapia، بحيث لم يتجرأ أحد من قبله حتى من تحالفات اليسار–على الأقل من الذين فازوا في الإنتخابات- على النص صراحة على بناء المساجد. وعشية كل شهر رمضان تثار قضية إيجاد أماكن للصلاة ، بحيث ومنذ 20 سنة يلتجأ المسلمون إلى بعض القاعات الرياضية أو الإزدحام داخل أماكن ضيقة قانونيا هي مقرات لبعض الجمعيات او حتى الصلاة على قارعة الطريق كما حدث في فترات سابقة، وهو ماجعل العديد من الفاعلين الجمعويين من المسلمين يطالب بتدخل العمدة تماشيا مع الوعود الإنتخابية التي وعد بها، لتأتي الدعوة إلى اللقاء التشاوري صباح يوم الإثنين. ومن جهتها فإن الفاعليات الجمعوية الإسلامية بالمدينة، وعلى غير عادتها، انضوت تحت تنسيقية تجمع أهم الجمعيات الفاعلة بالمدينة تتميز تركيبتها بحضور الشباب سواء من الإيطاليين أو من الجيل الثاني. ليتم اللقاء في جو إيجابي بالنسبة لممثلي الجالية الإسلامية أو مسؤولي البلدية خصوصا عند اتفاق الطرفين على أن المرحلة الراهنة تتطلب إيجاد اماكن للعبادة متعددة للمسلمين وعبر أنحاء كل المدينة وليس "مسجد كبير" للمدينة، فرغم رمزيته فإن ممثلي الجالية الإسلامية رأوا أن إيجاد مسجد كبير بالمدينة لن يحل مشكل الإكتظاظ وهو ما تكون قد تقبلته السلطات البلدية بارتياح خصوصا ما سيطرحه بناء مسجد كبير من إشكاليات لوجستية وسياسية هذا وإن كانت نائبة العمدة أكدت أن مشروع بناء مسجد كبير يبقى قائما. ولم يكن لقرار البلدية أن يمر دون أن يثير العديد من ردود الفعل في الاوساط اليمينية التي وقفت سدا منيعا طيلة السنوات الماضية للإعتراف للمسلمين بأماكن عبادتهم كباقي الأقليات الدينية الأخرى، محذرة من "أسلمة ميلانو"، بحيث دعا صراحة النائب الاوربي "مجدي كريستيانوعلام" ،المصري الأصل ، والذي نوه "سفاح اوسلو" بما اسماه ب"نظالاته" ضد أسلمة اوربا (1500 صفحة التي نشرها سفاح اوسلو) ، -دعا- سكان ميلانو إلى "الثورة" ضد مساجد "بيزابيا" (العمدة). ومن جانبها سارعت النائبة "سعاد السباعي" إلى تحذير الرأي العام المحلي بما تسميه ب "الخدعة" لأن حسب رأيها فإن البلدية تحاور المتطرفين وتعطيهم مجالا لنشر أفكارهم محتجة على ما أسمته بإقصاء "المعتدلين" وهي تقصد إحدى الحركات التي يقوم عليها مقربين منها، وهو ما التقطته معظم المنابر اليمينية بحيث رأت إحداها في الإتفاق أنه اتفاق بين "الإخوان المسلمون" و "بيزابيا" في حين عنونت أخرى أن البلدية تحاور المتطرفين شانة هجوما على الناطق الرسمي بنتسيقية الجمعيات الإسلامية بميلانو المسلم الإيطالي "دافدي بيكاردو" مذكرة بنشاطه السياسي المعادي لبيرلسكوني، وكذا بكونه ابن أحد الإسلاميين الإيطاليين "القريبين من الحركات الراديكالية" حسب زعم صحيفة "ليبرو" التي قرر الناشط الإسلامي متابعتها قضائيا.