بسرعة قياسية تم نشر مشروع قانون يتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه عليه، لكن تنزيله على أرض الواقع تواجهه معيقات بالجملة. ويتوجب على الملايين من المهنيين والعمال المستقلين الانتظار طويلا قبل استيفاء إجراءات التمكن من الاستفادة من التأمين، ومنها المصادقة على تقاعد هذه الفئة، بالإضافة إلى صدور المراسيم التطبيقية وإجراء المشاورات مع الصناديق، وهو ما يحتاج إلى تهيئة قد تطول زمنيا. ويهدف القانون الجديد الصادر في آخر عدد من الجريدة الرسمية إلى تعميم الاستفادة من هذه التغطية بالنسبة إلى هذه الفئات، التي تمثِّل مع أفراد عائلاتها أزيد من 10 ملايين من الساكنة في المملكة، وهو ما سيمكن من تحقيق التغطية الصحية لكل المواطنين، لكن تنزيل القانون سيؤطر بنص تنظيمي مع إسناد تدبير هذا النظام إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ومن أبرز المعيقات التي تواجه تطبيق هذا القانون تأخر البرلمان في المصادقة على القانون المتعلق بالتقاعد الذي يتحدث عن المستقلين، حتى يتسنى دخول ممثليهم في مشاورات مع الوزارة المعنية بالشغل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حول المراسيم التطبيقية لكيفيات تنزيل نظامي التغطية الصحية والتقاعد، لتبدأ بعدها الانخراطات واستفادة المؤمَّن لهم وعائلاتهم. ولتجاوز هذه العوائق بعد نشر قانون التغطية الصحية للمهن الحرة في الجريدة الرسمية، الذي يندرج في سياق توسيع نطاق التغطية الصحية الأساسية بغية تعميم الاستفادة منها، يسارع البرلمان من أجل المصادقة على قانون لتأمين تقاعد هذه الفئات الاجتماعية، لكون القانون الأول ربط مصيره بدخول الثاني حيز التنفيذ. وفِي هذا الصدد، ربط مشروع القانون تنزيل المقتضيات التي جاء بها بالقوانين المنظمة لأنظمة المعاشات التي حددتها قوانين التقاعد الجديد بمقتضى مشروع القانون رقم 99.15 الذي يرمي إلى خلق نظام أساسي للمعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، الذي ما زال عالقا في لجنة المالية بمجلس المستشارين. وسبق أن تم الاتفاق على إحداث لجينة تقنية من ممثلي وزارة الشغل والمستشارين البرلمانيين وممثلي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمعالجة كل الإشكالات التقنية الواردة بقانون التقاعد وعلاقته بقانون التغطية الصحية، حتى يتسنى المصادقة عليه في ظرف زمني معقول وإحالته على الغرفة الأولى. وأعلنت الحكومة أنها تنوي التشاور والاستماع إلى كل الفئات المعنية وإشراكها من أجل صياغة النصوص التنظيمية المرتبطة بمشروع القانون، مشددة على أن الأفق سيبقى مفتوحا على التحيين والتحسين المستمرين لأجل ضمان صلابة وديمومة هذا لنظام. ويأتي هذا القانون لاستكمال الإطار القانوني المتعلق بمنظومة التقاعد واستجابة لطلبات ملحة لمعظم الفئات المعنية، ويتسم، بحسب السلطة التنفيذية، بالمرونة والتدرج في التطبيق. وسيكلف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتدبير هذا النظام نظرا لتجربته في هذا الميدان وتفاديا لخلق مؤسسة جديدة، مما سيقلص من الكلفة ويتماشى مع الإصلاح المرتقب لمنظومة التقاعد.