الساعة تشير إلى الثالثة زوالا أمس السبت 6 غشت بطنجة ، حركة دؤوبة وغير اعتيادية تشهدها ساحة التغيير التي من المنتظر أن تشهد أول شكل احتجاجي لشباب 20 فبراير خلال شهر رمضان، حيث دعا نداء للحركة ساكنة المدينة لتجديد الصلة بالاحتجاجات المستمرة منذ 20 فبراير الماضي، وخوض اعتصام جزئي انطلاقا من الساعة السادسة مساء. رجال الأمن يعملون على إخلاء مرآب السيارات المجاور لساحة التغيير ،وآخرون يحاولون جاهدين تنظيم المرور في شارع مولاي علي الشريف المؤدي للساحة والذي بدا مكتظا ومزدحما كعادته،كل ذلك استعدادا لاستقبال أعداد كبيرة من سيارات القوات المساعدة والسيمي وبعض سيارات النقل العمومي التي بدأت بالتوافد تباعا. انتشر رجال الأمن سريعا على أرضية ميدان التغيير فرغم شساعته تم تطويقه بالكامل،فيما تمركزت بعض الكتائب الأمنية داخله،ليتم بعد ذلك وضع الحواجز على مداخل الأحياء المؤدية للساحة،فيما اتخذ جزء آخر من قوات الأمن موقعه عند تقاطعات الشوارع الرئيسية المحيطة بحي بني مكادة الشعبي. تم إتخاذ كل الإجراءات من قبل قوى الأمن وتحضير ساحة "المعركة" بشكل مبكر استعدادا لجولة أخرى من جولات الصراع مع حركة 20 فبراير التي تبدو مصرة على مواصلة مسيرتها الاحتجاجية. أجواء مشحونة إذن ومكهربة تلك التي فرضها التواجد الأمني المكثف أعاد إلى الأذهان أيام 6 مارس و22 و 29 ماي والتي لم تغب أحداثها الدامية بعد عن ذاكرة المواطن الطنجي، وكان على الجميع انتظار حلول السادسة مساء موعد الشكل الاحتجاجي المعلن عنه. ومع اقتراب الموعد تبادل شباب 20 فبراير رسالة شفهية قصيرة تفيد بتغيير مكان التجمع بعدما سلموا على ما يبدو باستحالة اختراق الجدار الأمني المفروض على الساحة، دقائق بعد ذلك ترتفع الشعارات في ساحة تافيلالت القريبة من ساحة التغيير،شعارات مستنكرة للحصار الأمني المفروض على الحي ،ومذكرة بالطابع السلمي للحركة وأخرى موجهة لرجال الشرطة "يا بوليس ياضحية حس حس بالقضية"،ارتفعت رايات 20 فبراير والأعلام الوطنية ليتم التوجه بعدها لساحة التغيير عبر شارع بير الشعيري،المحتجون وقفوا أمام الساحة ولم يحاولوا اقتحامها في الوقت الذي تحركت فيه بعض الكتائب الأمنية استعدادا للتدخل وحاولت تطويق المحتجين، إلا أن عدم إظهار نية الاقتحام من طرف شباب 20 فبراير حذا بهذه الأخيرة للتراجع ليستمر المحتجون في رفع الشعارات إلى حدود السابعة والربع. وأمام إصرار السلطات على رفض فكرة الاعتصام بالساحة وتهديدها بالتدخل، انطلقت مسيرة حاشدة اتجاه ساحة تافيلالت مجددا، ليلقي هناك احد شباب الحركة كلمة ختامية ذكر فيها بحيثيات الحدث وندد بما أسماه "العسكرة الشاملة للحي" وحذر من "مغبة التمادي في استفزاز مشاعر المواطنين" ودعا المواطنين للانصراف بعد الإفطار الجماعي وذلك "لتفويت الفرصة على مخزن جامد لا يقيم لقدسية الأيام و الأشهر أي وزن". الملفت للانتباه وكما عاينت هسبريس هو الاستقبال الذي خص به شباب 20 فبراير رجال الأمن الذين قدموا من ساحة التغييرلرصد الإفطار الجماعي،حيث تم إشراكهم في وجبة الإفطار بأريحية كبيرة،وتبادل الجميع عبارات الشكر والمجاملة في مشهد نادر. هسبريس استقت آراء بعض شباب الحركة حول أول خرجاتهم النضالية الرمضانية،كيف يقيمونها وكيف ينظرون إلى الإنزال الأمني المكثف . هشام بن السالك طالب يقول بأن الشكل النضالي "اكتسى صبغة رمزية أكثر مما هو شكل قوي راهنا فيه على العدد" ويضيف " هذه أول خرجة لنا في رمضان وفي وقت الزوال، الذي يعتبر توقيتا حرجا بالنسبة للمواطنين نظرا لالتزاماتهم الأسرية والعائلية " وبالنسبة للإنزال الأمني يرى هشام بن السالك أن "المخزن يقوم بعملية جس النبض ليرى إلى أي مدى يمكن أن ينجح في قمع الحركة ،كما انه يتخوف كثيرا من فكرة الاعتصام لذلك طوق الساحة وعسكرها بذلك الشكل". مصعب بن علي تلميذ وناشط بالحركة يرى بأن الشباب نجحوا في خوض هذا الشكل النضالي وكذا تدبيره بحكمة ،رغم الاكراهات التي اعترضته وكذا لكونه الأول من نوعه بالنسبة لنا كشباب في هذا الشهر الكريم،كما أن الإنزال الأمني بالنسبة له لم يحمل جديدا "كنا نتوقع مثل هذه التدخلات في كل مرة ،أساليب المخزن معروفة ،رغم أنه فاجئنا نوعا ما ،أن يسعى المخزن لإراقة الدماء في هذا الشهر المبارك ،قمة الاستهزاء بمشاعرنا كمغاربة مسلمين". مصعب بنعلي كان أيضا من بين الذين وزعوا الثمر والحليب على رجال الشرطة وعن ذلك قال "لا مشكلة في ذلك إطلاقا، هم إخواننا ويعانون كما نعاني، نحن وهم في خندق واحد، لكنه المخزن الاستبدادي من يدفعهم لجلد المواطنين".