يرى أنور بنعزوز، المدير العام للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، في هذا الجزء الأول من حواره مع هسبريس، أن ما تم الترويج له من سعي نحو خوصصة الشركة غير صحيح، معتبرا أن التفويت للقطاع الخاص يدخل بشكل حصري في اختصاصات الدولة، الوحيدة التي تخول لها خوصصة الشركات التابعة لها أو الموجودة تحت وصايتها؛ وذلك وفق قانون الخوصصة المصادق عليه من طرف البرلمان. وكشف بنعزوز أن ثمن الكيلومتر الواحد من الطرق السيارة يختلف حسب عدة عوامل، كالتضاريس ونوعية الأراضي من الناحية الجيوتقنية والمنشآت الفنية التي يزمع بناؤها حسب الدراسات المنجزة، موضحا أن معدل الثمن الكيلومتري يبلغ ما بين 50 مليون درهم و80 مليون درهم، كما أن الصيانة الدورية التي تتم كل عشر سنوات تكلف ما مجموعه 5 ملايين درهم للكيلومتر. وهذا نص الجزء الأول من الحوار: مرحبا بكم السيد المدير. لنبدأ بما أثير أخيرا من أخبار حول السعي إلى تفويت الشركة للقطاع الخاص.. رغم توضيحكم إلا أن هذه الأخبار مازالت تتناسل، فما حقيقة الأمر؟ كما سبق وأشرنا إلى ذلك من قبل، فإن هذا الأمر بعيد تماماً عن الحقيقة. الحال أن تفويت الشركة للقطاع الخاص يدخل بشكل حصري في اختصاصات الدولة، الوحيدة التي تخول لها خوصصة الشركات التابعة لها أو الموجودة تحت وصايتها، وذلك وفق قانون الخوصصة المصادق عليه من طرف البرلمان. ولعل اللبس الحاصل لدى بعض المنابر الإعلامية راجع إلى عقد الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب اتفاقيات شراكة مع فاعلين دوليين في مجال الطرق السيارة، الذين يعتبرون رائدين في مجالات تخصصهم، والهدف الرئيسي من ورائها هو تسريع وتيرة تطوير القطاع، ونقل المهارات المعمول بها عالمياً إلى الموارد البشرية المغربية. وهكذا، فإن الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب تَعُدُّ من بين شركائها كلاً من الشركة الفرنسية Vinci Autoroutes التي تدعم الشركة في مجال التكنولوجيا الحديثة، وخصوصاً في عصرنة نظام استغلال الطرق السيارة، وكذا شركة Hanshin Expressway اليابانية ذات الخبرة العالمية في صيانة المنشآت الفنية، والتي طورت تقنيات خاصة بها في المجال، تقوم بتلقينها لعدد من مستخدمي وأطر شركة الطرق السيارة بالمغرب. في هذا الصدد يطرح السؤال عن العلاقة التي تجمع الشركة بالدولة؛ بمعنى آخر ما هي المخصصات السنوية التي تدفعها الدولة للشركة؟. تتمثل علاقة الدولة بالشركة في بعدين: بعد تعاقدي، إذ إنها منحت للشركة، من خلال عقد امتياز، مهمة بناء وصيانة واستغلال شبكة الطرق السيارة، شأنها في ذلك شأن العديد من الشركات في مجالات أخرى، كشبكات الماء والكهرباء. بعد مساهماتي، إذ إن الدولة هي المساهم الرئيسي في رأسمال الشركة، وهي من هذا المنطلق تقوم بإعادة رسملة الشركة حين يقتضي الاستثمار أو التوازن الاقتصادي ذلك. ولقد جرت آخر عملية زيادة في رأسمال الشركة سنة 2015، وذلك بمبلغ 2280 مليون درهم، تم تحريرها على عدة أقسام خلال ثلاث سنوات (2015-2017). المغرب اليوم يعد ثاني دولة إفريقية على مستوى الطرق السيارة، لكن الكثير من المناطق، وخصوصا الجنوبية منها، تشتكي من غياب الربط بهذه الطرق، ما هي إستراتجية الشركة في هذا المجال؟. يجدر الذكر أن إستراتيجية التنقل على الصعيد الوطني من اختصاص الدولة، إذ إنها تنشئ مخططا وطنيا يستند إلى دراسات ومعايير موضوعية لتحديد المحاور ونوعية البنية التحتية التي سيتم تشييدها (طرق، طرق سريعة، طرق سيارة ...)؛ كما أنها تبرم، بشكل دوري، عقود-برامج تحدد المحاور التي يعزم بناؤها خلال مدة سريانها وشروط هذا البناء. وأكملت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب عقد- برنامج 2008-2015 مع الدولة، إذ أنجزت شبكة وطنية للطرق السيارة من 1800 كم، كانت آخر محاورها الطريق السيار المداري للرباط والجديدة-آسفي، التي تساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، إذ تربط 7 مطارات دولية، و5 موانئ كبرى، بالإضافة إلى 80 في المائة من الأسرة السياحية المصنفة، و80 في المائة من المنشآت الصناعية، وجميع المدن التي يفوق عدد ساكنتها 400 ألف نسمة، و22 مدينة من أصل 27 يفوق عدد ساكنتها 100 ألف نسمة. وهكذا، فإن 60 في المائة من الساكنة مربوطة مباشرة بشبكة الطرق السيارة، و70 في المائة من السكان مرتبطة بشبكة الطرق السيارة أو الطرق السريعة، كما أن 85 في المائة من السكان يبعدون بأقل من ساعة عن الطريق السيار. من جهة أخرى، تقوم وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء أيضا، عبر مديريات ومؤسسات أخرى، بتعزيز ربط التراب الوطني بشبكة التنقل الوطنية. هناك حديث دائم عن ديون الشركة، وأنها تعاني عجزا ماليا كبيرا، ما هي حقيقة هذا الأمر؟ إن الاستثمار في البنيات التحتية، ولاسيما الطرق السيارة، يستهلك رأس المال بشكل كبير، لذا فإن الشركات صاحبة الامتياز في هذا المجال تعتمد نماذج عمل ترتكز على الاقتراض بشكل رئيسي. ولأن بلادنا كانت تطمح إلى التوفر بشكل سريع على شبكة واسعة من الطرق السيارة، إذ تم بناء 1800 كم في غضون ما يقارب عقدين من الزمن، وذلك لرفع العزلة عن مختلف الجهات وتنمية ظروفها الاقتصادية والاجتماعية، فإن ربحية المحاور المشيدة لم تكن ذات أهمية قصوى. وهكذا فقد كان من المنتظر أن يكون مستوى مديونية الشركة عاليا، إذ أصبحت مديونيتها تصل إلى 40 مليار درهم، نصفها ديون محلية والنصف الآخر ديون خارجية. وقامت الشركة منذ 2014 بوضع خطة طموحة لإعادة الهيكلة المالية، وذلك من أجل إنشاء أسس متينة لمستقبلها. وتضم هذه الخطة عدة محاور أبرزها : - إعادة توازن عقود الامتياز بدمجها وتمديد مدتها. - تحسين الأصول بإعادة تقييم الاستثمارات، إذ تضاعف الرأسمال السهمي ثلاث مرات لينتقل من 8 مليارات درهم إلى أكثر من 26.7 مليارات درهم. وتحسنت نسبة المديونية بدورها، إذ انخفضت مما يقارب 500 في المائة إلى 150 في المائة، وهو ما خفف العبء على مالية الشركة. - توفير استباقي تدريجي لمبالغ أشغال الصيانة الكبرى لتخفيف أثرها على نفقات الشركة في سنة إنجاز هذه الأشغال. - تقويم الخزينة باستعادة الضريبة على القيمة المضافة المستحقة لدى الدولة وإعادة هيكلة الديون السندية، وكذا تغطية مخاطر صرف العملات الأجنبية. تدفعون دائما بأن ثمن الكيلومتر غال، كم يكلف الشركة بالضبط؟. ثمن الكيلومتر الواحد من الطرق السيارة يختلف حسب عدة عوامل، كالتضاريس ونوعية الأراضي من الناحية الجيوتقنية والمنشآت الفنية التي يزمع بناؤها حسب الدراسات المنجزة، ويبلغ المعدل ما بين 50 مليون درهم و80 مليون درهم، كما أن الصيانة الدورية التي تتم كل عشر سنوات تكلف ما مجموعه 5 ملايين درهم للكيلومتر.