ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطرق السيارة.. الوجه الآخر للاحتفال بمرور 20 سنة على التأسيس
أسئلة حول تدبير الصفقات وضعف الصيانة وغلاء أسعار الأداء
نشر في المساء يوم 19 - 01 - 2010

احتفلت وزارة التجهيز والنقل بمرور عقدين على ظهور الشركة الوطنية للطرق السيارة في قصر المؤتمرات بمدينة الصخيرات. وقد تم الاحتفال بالمناسبة لإبراز مستوى التقدم الذي بلغه المغرب في مجال الطرق السيارة، والخبرة التي راكمتها الشركة في بناء هذه الطرق. إلا أن الطابع الاحتفالي لما أنجز يخفي وراءه عددا من جوانب النقص والخلل في طريقة تدبير ملف صفقات بناء الطرق السيارة، التي بلغ طولها إلى حد الساعة 915.5 كلم، وكذا تسييرها في مرحلة الاستغلال على مستوى تسعيرة الأداء وخدمات باحات الاستراحة والإغاثة، دون نسيان الوضعية الاجتماعية والمادية لجنود الخفاء العاملين في الشركة، الذين لم يذكروا إلا لماماً في حفل ذكرى مرور 20 سنة، ولم تعط الكلمة لأحد من ممثليهم، بل أعطيت لفنانين صنعوا مجسمات وضعت في بعض محاور الطرق السيارة.
عرف مشروع الطرق السيارة بالمغرب انطلاقته الأولى خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وقد كان هدفه الأساسي إخراج مناطق متعددة من المغرب من عزلتها، وتقريب المسافات بينها وتعميق التبادل بين مختلف جهات المملكة. كان مشروعا طموحا وله انعكاسات اجتماعية واقتصادية واضحة. وكل هذه الدينامية ستساهم في خلق قيمة مضافة للبلاد.
ولكن للأسف الشديد، استراتيجية شركة الطرق السيارة بالمغرب مختلفة و تستجيب لمعايير أخرى. بعد عشرين سنة من التواجد، يطرح التساؤل التالي: ما هي مهنة ومهمة هذه الشركة؟ إذا كان الأمر يتعلق بتعريف و متابعة بناء الطرق السيارة، فإننا نعرف أن مكاتب الدراسات هي التي تقوم بالشق الأول، في حين أن شركة الطرق السيارة تتولى مهمة المصادقة على المشاريع والخطط. وفي ما يخص الشق الثاني، فإن ابن عائلة الفاسي الفهري تجرأ، في الوقت الذي أعلن فيه المغرب عن برنامج تكوين عشرة آلاف مهندس، على منح شركات أجنبية إمكانية القيام بأعمال يمكن للمغاربة أن يقوموا بها بأقل تكلفة، ومتابعة أشغال بناء الطرق السيارة. ربما كانت هذه الطريقة المثلى لتقليص التكاليف المالية خاصة وأن الشركة تعاني من عجز مالي.
المهمة الثانية التي بدأت تفقد كل معناها هي استغلال الطرق السيارة. فإقامة شركات غير كفأة و لها مشاكل كثيرة بشأن أداء الالتزامات الاجتماعية سواء في الماضي أو حتى في الحاضر، فضلا عن الأجور الهزيلة و أجواء العمل غير المستقرة، كل هذه الأمور تساهم في جر هذه المهمة إلى حافة الانهيار، ويمكن لوزارة التشغيل أن تبعث إلى عين المكان مراقبيها للإطلاع على الأمور عن قرب.
ساهم في هذا الواقع، عن عمد، الإدارة العامة لشركة الطرق السيارة، بدعم من مستشار ملكي خريج المدرسة الوطنية للطرق والقناطر بباريس و حزب سياسي يمثل داخل مجلس الإدارة على الأقل بعنصرين. وأمام هذا الواقع تم اللجوء إلى مكاتب دراسات أجنبية من أجل التفكير في استراتيجيات إخراج هذه الشركة من أزمتها المستفحلة ولكن بأثمان خيالية تقدم بالأورو. أين هي الدولة من كل ما يحدث داخل الشركة؟ و أين هو دور المواطن؟ إنها أسئلة تطرح ولكنها تظل بدون إجابة.
كما تجدر الإشارة إلى أن كل الأفراد الذين ساهموا في هذه الشركة بعطائهم و أعمالهم الجليلة لفائدة البلاد والمغاربة، تم تهميشهم أو دفعهم إلى مغادرة الشركة.
إن الاحتفال الذي عقد يوم الاثنين 28 دجنبر 2009 بعيد عن أن يكون تتويجا لعثمان الفاسي الفهري وداعميه. بل على العكس من ذلك، يجب أن يكون نقطة تحول تجعل الشركة تغير مسارها و طرق تدبيرها خدمة للوطن. فالشركة يتعين عليها أن تهتم بشكل أكبر بمهماتها الأصلية وتدعمها أكثر.
صفقات الشركة
انتقدت جمعية مختبرات البناء والأشغال العمومية في المغرب، غير ما مرة، الطريقة التي تدبر بها شركة الطرق السيارة صفقات إجراء الدراسات والخبرات التقنية على الطرق، حيث «إن الصفقات الكبرى تؤول إلى مختبر وحيد تابع لوزارة التجهيز والنقل هو المختبر العمومي للدراسات والتجارب المعروف اختصارا ب (LPEE) يقول الكاتب العام للجمعية محمد بن المامون، ويتم ذلك من خلال اشتراط محددات تعجز عن تلبيتها كل مختبرات البناء والأشغال العمومية في المغرب وعددها 14 إلا ذلك المختبر، يضيف المتحدث.
ويشير المامون إلى أن عمليات المراقبة الداخلية التي تجريها شركة الطرق السيارة نفسها، أو المراقبة الخارجية التي يقوم بها مختبر، بطلب من الشركة، لمختلف مراحل بناء الطرق السيارة ومواد البناء وغيرها من التفاصيل، تعهد للمختبر نفسه، إلا في حالات استثنائية يفوز فيها مختبر آخر بصفقة صغيرة الحجم كأعمال الصيانة.
جانب آخر من الصفقات تثار حوله علامات الاستفهام، وهو تفويت شركة الطرق السيارة خدمة الإغاثة وإصلاح العربات للشركات المتخصصة، إذ عبر تجمع لشركات الإغاثة في سطات عن احتجاجه على تفويت القيام بهذه الخدمة في مقطعي الطريق السيار سطات- مراكش وسطات- صخور الرحامنة لشركة في الدار البيضاء لا تتوفر على المواصفات المطلوبة، على حد قول نور الدين بلكوط، ممثل التجمع المذكور الذي يضم 4 شركات.
ويضيف بلكوط في تصريح ل«المساء» إن التجمع فوجئ بإعادة شركة الطرق السيارة التباري حول صفقة تدبير هذه الخدمة في مقطع سطات- صخور الرحامنة، رغم أن التعاقد بين الشركة والتجمع لا ينتهي إلا بحلول العام 2012، وقد شارك التجمع من جديد في المباراة بعد استيفائه جميع الشروط إلا أن الصفقة آلت في أكتوبر الماضي إلى شركة بعد منحها تنقيطا أعلى من المنافسين والذي يستند على نوعية المعدات التي تتوفر عليها، في حين أن لا تتوفر، حسب توضيحات نور الدين بلكوط، سوى على عربتين للإغاثة في مقابل 17 عربة لتجمع شركات سطات، ولما طلب ممثلو هذا الأخير الاطلاع على وثيقة التنقيط رفض مسؤولو شركة الطرق السيارة الاستجابة بدعوى سرية المعطيات الموجودة في الوثيقة...
نقط سوداء وتشققات
بحكم العمل اليومي المتمثل في نقل المسافرين، يرى أحمد باج، مندوب عمال شركة «سوبراتور» للحافلات بأكادير أن الخدمات المقدمة في بعض باحات الاستراحة في الطرق السيارة غالية الثمن، ففي إحدى المحطات يتراوح ثمن كأس القهوة مثلا بين 15 و20 درهما.
ويشير المندوب، الذي شغل في السابق منصب نائب رئيس جمعية سائقي الوزن الثقيل بأكادير، إلى أن الطرق السيارة تضم بعض النقط السوداء في ما يخص السلامة الطرقية، والتي يزيد فيها احتمال انزلاق وسائل النقل، ومن بينها النقطة الكيلومترية رقم 17 بين الدار البيضاء والرباط، ويرجع ذلك إلى ضعف جودة أشغال التزفيت وبناء الطريق، مستغربا كيف يمكن أن يحمل السائقون في كل الحالات مسؤولية ارتكاب حوادث السير في هذه المنطقة بفعل السياقة بسرعة مفرطة، ولا تتضمن محاضر الحوادث بتاتا إشارة إلى مسؤولية الدولة في عدم بناء وصيانة الطريق.
ومن الجوانب التي لا يلاحظها في الطريق السيار الرباط الدار البيضاء إلا المترددون عليها باستمرار، حسب أحمد باج، أن الشطر الأيسر من الطريق أملس والشطر الأيمن خشن، والسبب هو أن الشطر الأول تتم فيه عمليات تجاوز السيارات. ومع غياب الصيانة المنتظمة صار مع الوقت أملس مما يرفع نسبة وقوع حوادث الانزلاق.
مستعمل طريق آخر عبر عن انزعاجه من البطء الذي أصاب حركة المرور في الطريق السيار الرباط الدار البيضاء بفعل أشغال توسيع الطريق لتضاف إليه طريق ثالث، حيث أصبح السائق مضطرا إلى خفض السرعة من 120 كلم المسموح بها في الطرق السيارة إلى 80 كلم، في حين أن مستعمل الطريق السيار يؤدي ثمن الأداء مقابل السير بسرعة وراحة.
وأضاف المتحدث أن بعض مقاطع الطرق السيارة تظهر فيها تشققات بعد مرور 3 سنوات. ويلاحظ مستعملو هذه الطرق نقصا واضحا في علامات التشوير الأفقية والعمودية، وخصوصا العمودية أي لوحات المرور، ويظهر الفرق ساشعا عند مقارنة الطرق السيارة المغربية بنظيرتها الأوربية، حيث تضم هذه الأخيرة كثافة في التشوير ترافق المسافر طيلة طريقه لتنبه إلى أدق التفاصيل المتعلقة بالسياقة وحالة الطريق والمنعرجات والطقس...
واعتبر المتحدث أنه لا يقبل أن تبحث السلطات المكلفة بالتشوير على اقتصاد النفقات في مثل هذه الأمور على حساب سلامة المواطنين، وبالتالي وجب الاستثمار بقوة في هذا المجال، يضيف محدثنا.
ومن الحوادث التي يقع ضحية لها مستعملو الطريق قلة علامات التشوير، فقد دخل أحد السائقين إلى الطريق السيار بين سلا ومكناس دون قصد، وكان ينوي الرجوع من محطة للاستراحة إلى الرباط. ولكنه في ظل غياب لوحة تشير إلى وجود طريق آخر يمكنه سلوكه غير الطريق السيارة ولج هذه الأخيرة وأدى تعريفة الأداء، رغم أنه لن يعبر الطريق إلى مكناس.
غلاء تسعيرة الأداء
من أكثر ما يعاب على تدبير الطرق السيارة غلاء أسعار الأداء مقارنة بالقدرة الشرائية لعموم المواطنين، حيث يلاحظ الكاتب العام للجامعة الوطنية لسيارات الأجرة والنقل، سعيد خافي، أن تسعيرة المرور في طريق الجديدة الدار البيضاء تبقى غالية، حيث تؤدي مستعملها 26 درهما في حين يرى أن تسعيرة مقطع الدار البيضاء الرباط تبقى مناسبة (21 درهما). وأضاف أن عموم التعريفات المطبقة لا تتناسب والقدرة الشرائية لعموم مستعملي الطريق، وخصوصا بالنسبة إلى مهنيي النقل من أصحاب نقل المسافرين والبضائع الذين يترددون على نفس الخط مرات كثيرة في اليوم نفسه. ولاحظ خافي أن تعريفة خدمات الإغاثة هي الأخرى غالية، وتؤيده في هذا الوصف مستعملة أخرى للطرق السيارة، إذ أصاب سيارتها العطب في الطريق الرابط بين سيدي اليماني وطنجة فاتصلت هاتفيا بأحد مقدمي خدمة الإغاثة وطلب منها مبلغا يفوق 1000 درهم ليقوم بنقل سيارتها...
وشهدت جلسات البرلمان سابقا طرح إشكالية غلاء تسعيرة الأداء في مناسبات عديدة، سواء من خلال الأسئلة الشفوية أو خلال مناقسة قانون المالية، ومن ذلك أنه لما رفعت الحكومة من القيمة المضافة المطبقة على النقل عبر الطرق السيارة برسم ميزانية 2009 من نسبة 7 إلى 10 في المائة رفضت بعض فرق المعارضة هذه الزيادة، محذرة من أنها ستؤدي إلى الزيادة في تكلفة النقل وتؤثر على تنافسية قطاع النقل برمته.
وأضاف النائب البرلماني نجيب بوليف، عن حزب العدالة والتنمية، خلال تدخله لمناقشة مشروع الميزانية المذكورة، أنه كان المنتظر من الحكومة الإتيان بإجراءات لمواجهة عائق كبير يقلل من القدرة التنافسية الخارجية للمغرب، وهو قطاع اللوجستيك، بحيث تكلف فاتورة النقل ما بين 6 و30 % من التكلفة العادية للشركات المصدرة، وتمثل تكلفة اللوجستيك قرابة 20 % من الناتج الداخلي الخام للمغرب، حسب دراسة للبنك الدولي.
إدارة الطرق السيارة في المغرب، وكذا وزارة التجهيز والنقل الوصية عليها تصر، من جهتها، على أن تعريفة الأداء غير غالية، وأن نظام الأداء في الطرق السيارة يأخذ بعين الاعتبار نوعية السيارة والمسافة التي تم قطعها في حالة المقطع الطرقي المدبر بهذه الطريقة، أو مبلغ الأداء المعتمد في حالة النظام المفتوح، كما سبق للمدير العام للشركة عثمان الفاسي الفهري أن اعتبر أن الزيادة التي تطرأ على تعريفات الأداء ضرورية للاستجابة للرفع من جودة ووتيرة بناء الطرق السيارة، وأضاف في تصريحات صحافية أن الأسعار المطبقة منخفضة مقارنة مع دول قريبة كتونس وإسبانيا.
وقد شرع في العمل بنظام الأداء في الطرق السيارة في سنة 1988 على محور الدار البيضاء الرباط، بغرض التوفر على مصدر لتمويل صيانة الطرق السيارة وتوسيع البنية
التحتية.
حوار اجتماعي موقوف التنفيذ
تسود أجواء من الجمود بين إدارة الشركة والممثلين النقابيين للعمال، حيث أوقفت الإدارة عملية مراجعة القانون الأساسي للشركة التي يسجل بخصوصها الكثير من العمال نقائص من حيث وضعيتهم المادية وظروف العمل التي يشتغلون في إطارها، كما أن الاجتماع السنوي الإخباري المعتاد بين الإدارة وكافة العاملين في المؤسسة لم ينعقد هذه السنة، مما يعبر عن الوضعية غير الإيجابية التي يتسم بها المناخ الاجتماعي للشركة.
وتتصدر أولوية انشغالات العمال، سواء الأطر أو المستخدمين، مسألة إخراج قانون أساسي جديد يليق بمستوى الشركة الوطنية والمشاريع الضخمة التي تشرف عليها، ويكون كفيلا بتقديم حلول ناجعة لمجموعة من الإشكالات التي يعاني منها العاملون، سواء في مسارهم المهني أو الترقية أو التكوين أو الأعمال الاجتماعية أو الأجور وغيرها، ويحقق كذلك مطلب تصحيح الإشكالات المسجلة في ما يخص الترقية ومنحة المردودية.
وقد انتقل عدد الموظفين في الشركة من شخصين عند انطلاقتها إلى 568 شخصا سنة 2008 أغلبهم تقنيون (368) ثم الأطر (149) ثم أعوان التنفيذ (51)، وتربط الشركة مع نسبة 90 في المائة من الموظفين عقود عمل دائمة ومع 10 في المائة منهم عقود مؤقتة. ويعمل العديد من موظفي الشركة، خصوصا في مراكز الاستغلال، في ظروف صعبة حيث إن المطلوب منهم ضمان مرونة حركة السير وتحصيل حقوق الأداء، وصيانة البنية التحتية والحفاظ على الملك العمومي الخاص بالطريق السيار، ويدبر كل مركز استغلال ما بين 90 إلى 160 كلم، ويعمل هؤلاء 24 ساعة في اليوم بالتناوب وطيلة أيام الأسبوع.
وقد خلص المكتب النقابي الموحد للطرق السيارة، وهو المنظمة النقابية الوحيدة في المؤسسة، في دراسة أجراها حول أجور الموظفين داخل الشركة إلى أن ثمة فوارق ساشعة بين التقنين (الميتريز) والأطر العليا للشركة في الأجور والتعويضات، إذ يصل التعويض عن السكن للموظفين بين 250 و350 درهما، في حين قد يصل إلى 1400 درهم للأطر، ويكبر الفارق قليلا في ما يخص تعويض التمثيلية، وحتى المراجعة التي قامت بها إدارة الشركة في سنة 2002 إلا أنها لم ترق إلى مستوى تطلعات الموظفين.
زيادة على تسجيل الدراسة لنقص كبير يعتري نظام التحفيز والتعويضات والتكوين والترقية والتصنيف للعاملين في الشركة مقارنة بمؤسسات عمومية أخرى لها نفس الوضع كالمكتب الوطني للماء والمكتب الوطني للكهرباء والمختبر العمومي للدراسات والتجارب. ودعت الدراسة إلى تقوية الأعمال الاجتماعية لفائدة الموظفين، وكل هذا يقتضي مراجعة النظام الأساسي للموظفين ليكون في مستوى المشاريع الضخمة التي تشرف عليها شركة الطرق السيارة، من خلال التركيز على العنصر البشري...
تقرير مجلس الحسابات.. أو «تجباد الودنين»
كانت خلاصات المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي لسنة 2007 لاذعة في ما يخص تدبير وتسيير الشركة الوطنية للطرق السيارة، حيث سجل أن الشركة تشرع في تحصيل الأداء مقابل عبور بعض المقاطع الطرقية قبل إتمام شروط السلامة وخاصة الواقيات الجانبية والجدران مما يعرض سلامة المواطنين للخطر، وقال التقرير أيضا إن بعض الطرق السيارة تنعدم فيها محطة خدمات على طول يفوق أكثر من 140 كلم.
وتوقف التقرير عند حالة تضارب مصالح مختبر المراقبة التقنية، والمسمى المختبر العمومي للدراسات والتجارب، موضحا أن من شأن منحه مهمة المراقبة الداخلية والمراقبة الخارجية لجودة مشاريع الطرق السيارة للمختبر نفسه أن يجعله في وضعية الخصم والحكم، مما ينال من مدى حيادية وموضوعية الخلاصات التي يتوصل إليها.
وفي مجال الصيانة، قال المجلس الأعلى للحسابات إن الشركة تنتظر قبل القيام بصيانة قارعة الطريق السيار أن تصل المقاطع إلى نهاية عمرها الافتراضي والمحدد في ما بين 8 إلى 10 سنوات لتقوم ببرمجة الدراسات المتعلقة بالصيانة، وقبل ذلك الحين لا تقوم بالصيانة إلا في حالات استثنائية عند ظهور نقط تعرض سلامة المستعمل للخطر، في حين أن معايير أخرى كالحد الأدنى من الراحة لا تؤخذ بعين الاعتبار.
وبخصوص التسعير، ذكر التقرير أن مستعملي الطرق السيارة يعتبرون أثمنته مرتفعة جدا، وهي تتراوح بين 0.22 درهم للكيلومتر و0.45 درهم للكيلومتر، وهو ما يعكس تفاوتا كبيرا بين هذا المقطع وذاك، كما أن الشركة لا تفرق بين أسعار الشاحنات الصغرى والكبرى، في وقت تعتبر فيه العربات التي يفوق عدد محاورها 3 وذات الحمولة الثقيلة السبب الرئيسي في تدهور وضعية الطريق، وبالتالي كان من المنطقي تطبيق تسعيرة مرتفعة عليها. ودعا المجلس إلى اعتماد تسعير أكثر إنصافا بالحرص على تحقيق انسجام أكبر للتسعيرة الكيلومترية، وإحداث فئة خاصة بالعربات ذات المحاور الثلاثة.
فماذا كان جواب وزارة التجهيز والنقل، الوصية على الشركة العمومية، على هذه الملاحظات وغيرها كثير أبداها التقرير؟ أولا تجنبت الوزارة الرد على النقطة المتعلقة بالمختبر أي أنهااعترفت بهذا الواقع شبه الاحتكاري، في حين قالت بخصوص الصيانة إنها تعتمد سياسة للصيانة بشكل معقلن في التخطيط والمحتوى، مضيفة أنها تقوم بكل العمليات المتضمنة في دليل التتبع والتوقع الخاصة بقارعة الطريق.
وبخصوص تحديد الأثمنة، أوضحت أنها تعتمد طريقة معقلنة، فقبل استعمال أي شطر طرقي تنجز الشركة دراسة للتسعيرة، ويتم الاستناد عليها لتحديد مبلغ الأداء بما يتوافق وسيولة حركة المرور فيه، مع الأخذ بعين الاعتبار المزايا التي يقدمها الطريق السيار من اختصار مهم للوقت مقارنة بالطريق الموازي للطريق السيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.