أعلن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، أن الاقتصاد الوطني لا يزال يواجه تحديات عدة، مشددا على ضرورة تنمية الرأسمال البشري من خلال الإنجاز الفعلي والفعال لإصلاح منظومة التربية والتكوين بشكل يتجاوز المقاربة القطاعية ويجعل من العنصر البشري الرهان الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا. العثماني تحدث، خلال اللقاء المخصص لتشخيص تطور النموذج التنموي المغربي الذي سهر على إنجازه مركز التنمية التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية اليوم الثلاثاء، عن ضرورة الوعي بالمطالب الملحة المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص لتمكين المواطنين من المساهمة في خلق الثروة والاستفادة من ثمارها بشكل عادل، قائلا إن "جزءا مهما من الساكنة يظل غير معني وغير مستهدف وغير مستفيد من مجهود الدولة في التنمية؛ وهو ما يستدعي التعاطي بقوة مع هذا الأمر، وتبني سياسات إرادية ومبدعة لمعالجته". وذكر العثماني بعض الصعوبات التي يواجهها النموذج التنموي للبلاد؛ من بينها عدم قدرة المغرب على تحقيق معدلات نمو دون المستويات المرجوة والضرورية لامتصاص البطالة وإحداث تحسن نوعي في مستوى عيش السكان، وأيضا "التفاوتات الاجتماعية والترابية التي نجمت عن السياسات المعتمدة إلى حدود اليوم والتي تضر بالاستقرار والتماسك الاجتماعي وكذا في ضعف التكامل بين السياسات العمومية وغياب رؤية شاملة ومندمجة للتنمية، مما يحدّ من فعالية هذه السياسات". وذكر المتحدث أيضا "ندرة الموارد المالية وضرورة ترشيدها وتوجيهها نحو الاستعمال الأمثل، من خلال تقييم فعالية الاستثمارات قصد توجيهها نحو المشاريع الأكثر مردودية، ومواصلة تحسين مناخ الأعمال وتعزيز الثقة في الوجهة المغربية بغية تعبئة الموارد الخارجية، خاصة الاستثمارات المباشرة الأجنبية". وأفاد رئيس الحكومة بأن الخيارات الكبرى لنموذج المغرب التنموي، التي ارتكزت على جملة من الثوابت، "قد خضعت أيضا لعدة تعديلات قصد مواكبة التحولات السياسية والاقتصادية لبلادنا والتطورات التي شهدها المحيط الدولي وما رافقها من تحول في الرؤى والسياسات الاقتصادية العالمية". وأشاد العثماني بما أسماه "الطفرة التي عرفها الاقتصاد المغربي في ظل هذا النموذج التنموي وقدرته على امتصاص الصدمات، سواء منها الناتجة عن عوامل داخلية كالجفاف أو المترتبة عن عوامل خارجية كالأزمات الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الأولية". ونوه المتحدث بقدرة الاقتصاد الوطني على استقطاب استثمارات أجنبية مهمة ذات قيمة مضافة عالية في مجالات حيوية واعدة كالصناعة والطاقة"، إضافة إلى تثمينه للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية التي راكمها المغرب، والتي قال إنها "تشكل رصيدا مهما سيمكن من الانكباب بكل ثقة على ورش تجديد النموذج التنموي الوطني".