بعد غياب عن السّاحة الفنية، عاد الكوميدي عبد الفتاح جوادي بعرض ساخر يحمِل في طياته رزنامة من القضايا الاجتماعية والمعيشية ذات علاقة بأحداث وطنية، بعنوان "علا سبة". وفي حوار مع هسبريس، يكشف خريج برنامج "كوميديا شو" أسباب غيابه عن السّاحة الفنية، وحال فن الكوميديا في المغرب. ما أسباب غيابك عن السّاحة الفنية بعد كوميديا؟ بعد مغادرة أي برنامج يُعنى باكتشاف المواهب، سواء في مجال الكوميديا أو الغناء، يجد الفنان نفسه تائهاً بعد أن عاش نجومية لحظية؛ بمجرد مغادرة البرنامج تغيب الأضواء، ويذهب هو إلى الهامش نظراً إلى غياب مؤطر يواكب هذه الموهبة. بخصوص غيابي، أعتقد أن الأمر مُركب نوعاً ما؛ أنا لم أجد طريقاً مفروشاً بالورود بعد مغادرة البرنامج، بدءاً بالسبب الذي ذكرته، وغياب المنافسة الشريفة في المجال؛ حيث نجد مجموعات تحتكر بعض شركات الإنتاج دون غيرها، وندرة البرامج الترفيهية في القنوات العمومية. هل عِشْت عطالة فنية بعد كوميديا؟ لن أعتبرها عطالة أو "شوماج"، لكن كنت أبحث عن طريقي خلال فترة الغياب، وكنت في حاجة إلى من يوجهني إلى المسار الصحيح. بعد كوميديا اشتغلت بآليات بسيطة وكتبت مواضيع وسلسلات كوميدية حققت نسب مشاهدة عالية، لكني قررت توقيف السلسلة وتصحيح تلك الصورة عن ذلك البدوي المتخلف إلى بدوي شجاع بتفكير راقٍ، وإبراز إيجابياته وإعطائه تلك القيمة التي يستحقها، من خلال عروض كوميدية تعيد له الاعتبار. اليوم عدت بعرض "علا سبة".. ماهي الرسائل التي يحملها العرض؟ "علا سبة" عرض كوميدي يسلط الضوء على عدد من القضايا المعيشية للمواطن المغربي، وتراكم العديد من المشاكل التي ترتبط في معظم الأحيان بمشاكل مادية وسوسيو-اقتصادية، بالإضافة إلى فقدان التواصل بيننا؛ إذ أصبحنا نعيش أزمة أخلاق، وغياب الاحترام بين بعضنا البعض. هل نتوفر اليوم على كتّاب نصوص كوميدية؟ مع الأسف، نعيش نقصاً حاداً في مجال كتابة النصوص الكوميدية، الفنان الكوميدي يسهر على كتابة نصوصه ويستعين بأصدقائه لتبادل وجهات النظر حول تيمة النص. الفنان الكوميدي هو ابن الشعب، يعبّر عن معاناة الفقير انطلاقاً من تجاربه الخاصة التي يتشاركها مع أكبر عدد من المواطنين، وبالتالي هو يحكي عن جزء منه ويعكس هموم الآخرين في قالب ساخر. كيف ترى حال الكوميديا في المغرب؟ "ستاند آب" فن حديث ودخيل في آن واحد على المجتمع المغربي، اشتهر قبل سبع سنوات وأصبح يحتكر السوق الفنية، بينما عرف المسرح نفوراً من طرف الجمهور. لكن، لا أعتقد أن هذا اللون سيعيش طويلاً، وهو مهدد بالتوقف في أي لحظة، مادمنا نجد بعض الفنانين يقومون بجولات فنية لسنوات بالعرض نفسه، دون التجديد في محتواه. هذا الصنف من الكوميديا يحتاج إلى التجديد ومواكبة مستجدات الساحة والتفاعل مع الأحداث الآنية. كلمة أخيرة الجمهور المغربي جمهور ذواق، نحن نُجدد ونتجدد من أجله، ورسالتي إلى وسائل الإعلام إعطاء اهتمام أكبر للطاقات الشابة، وإعطاء قيمة أكبر للثقافة والفن ببلادنا.