يترقب تجار الأسواق المحيط بساحة جامع الفنا بمدينة مراكش انتعاشا في رواج سلعهم خلال شهر رمضان بحذر مصحوب بالتفاؤل، في ظل حالة الركود التي تسيطر على حركتها الاقتصادية. التجول بين أسواق المدينة العتيقة لعاصمة النخيل يتيح للمرء معاينة مدى الإقبال على الملابس التقليدية، التي تتناسب إلى حد كبير مع مظاهر التدين، ما يشكل سببا لانتعاش حقيقي لسلسلة الإنتاج، انطلاقا من مصممي الأزياء، ومرورا بالخياط، ووصولا إلى بائعي الأثواب بسوق السمارين. هسبريس استطلعت آراء مجموعة من المتسوقين وهم يفحصون الملابس التقليدية المعروضة بالمحلات، فأوضحوا في تصريحات متطابقة أنهم يفضلون اقتناء الألبسة التقليدية المصنوعة والمصممة محليا، ك"الضراعية والجبدور والجلباب الخفيف والبلغة"، من سوق السمارين، لاعتبارات عدة، منها توفر الملابس بمختلف الأنواع والأشكال، وبأثمان في متناول الجميع. وقال محمد التازي، أحد تجار سوق السمارين بالمدينة العتيقة، لهسبريس: "اللباس البلدي ديالنا مكيفرط فيه حتى حد"، وزاد: "بمناسبة هذا الشهر الكريم، الذي تزامن مع فصل الصيف، يسجل إقبال قل نظيره على الملابس التقليدية ك"الضراعية" بكافة أنواعها". وأضاف التاجر ذاته أن الجلباب أيضا مطلوب، ولكن على أساس أن يكون ثوبه من "الخرقة الرقيقة"، كالبزيوية (دمنات) والسايسية (دكالة)، موردا أن الأثواب تختلف جودتها، في حين تتراوح الأثمان بين 300 درهم و1200 للقطعة. وقال التازي: "البلدي المزيان ديالنا كالشعرة الحرة مصدره فاس"، مبرزا أن الإقبال على شراء الملابس التقليدية ينتعش خلال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان استعدادا لليلة القدر وعيد الفطر، وأن بعض الزبناء يسألون عن نماذج من الجلباب والجبادور التي يرتديها الملك محمد السادس، وأضاف ضاحكا: "نقدم لهم نموذجا على أنه شبيه بما يرتديه عاهل المغرب". "بعض أثمان الخرق التي تصنع منها الملابس تبدأ من 300 درهم، ومنها ما يشبه تلك التي يقدر ثمنها ب1200 و3000 درهم"، يقول التازي، وزاد أن "الملك محمد السادس أعاد الاعتبار للباس التقليدي، سيرا على نهج والده الذي كانت تعد ملابسه من الخرقة البزيوية"، مؤكدا أن "الثوب متوفر بكثرة بكافة الأصناف، بشكل يلبي حاجة كل الفئات". واستنكر التاجر ذاته ما يقدمه عليه بعض المغاربة من اقتناء البذلة العصرية بمبلغ يضاعف خمس مرات ثمن التقليدي، "الذي يتميز بجمالية المنظر، وله بعد ثقافي ووظيفي، لأنه يستر عيوب أجسادنا، فيما يفقد الإنسان راحته في الكسوة العصرية"، على حد قوله. وبالنسبة لمصطفى الماقودي، رئيس رابطة الإخلاص لجمعيات الفضاءات التجارية والمهنية بمنطقة جامع الفنا ومحيطها، فإن "ثقافة الكسوة بمناسبة العيد كانت ضرورة، لأن الناس في الماضي كانوا يشترون ألبستهم بمناسبة الأعياد، أما اليوم فالاستهلاك أصبح شبه يومي، ما أضفى على الملابس التقليدية طابعا خاصا". وأوضح تاجر الملابس العصرية سابق الذكر أن شهر رمضان مناسبة ليستريح الإنسان من البذلة وربطة العنق، وأن يعانق اللباس التقليدي، لما يحمله من بعد روحي، إذ يقبل عليه الناس لأداء صلواتهم وخلال الزيارات العائلية ويوم العيد، وفي أيام الجمعة بعد شهر الغفران. ونبه الماقودي إلى أن الأسواق العتيقة لم تعد كما كانت حينما كانت الحرف مركزة بسوق السمارين، وزاد: "اليوم حيثما ذهبت بمدينة سبعة رجال وضواحيها تعثر على محل لبيع الملابس التقليدية، إضافة إلى إغراق السوق بملابس آسيوية تستورد من دول الخليج، ما انعكس سلبا على الأسواق العتيقة".