قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن النبي صلى الله عليه وسلم رفض أن يستخدم الدين سلمًا للسياسة؛ وهو مبدأ يخالف من يتخذون الدين مطية للوصول إلى الحكم، لأنه كان لا يخطط للحكم بقدر ما كان يهدف إلى الإصلاح. وأضاف الداعية الإسلامي، في الحلقة التاسعة عشرة من برنامجه الرمضاني "نبي الرحمة والتسامح" الذي يذاع على قناة "إم بي سي"، أنه "بعد أن تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لكافة أشكال التضييق على رسالته من جانب قريش، واشتداد الأذى عليه وأصحابه، لم يكن هنا من حل سوى اللجوء إلى إحدى القبائل العربية، لعلها تؤمن برسالته، وتوفر له الحماية وهو ينشر الرسالة؛ فبدأ من هنا في عرض نفسه على القبائل التي كانت تقدم إلى مكة للحج سنويًا، في شهور شوال وذي القعدة وذي الحجة". وتابع: "كان النبي مدركًا لما يدور في عقول قريش، حيث اختمرت فكرة اغتياله في ذهنهم، فبدأ البحث عن حلول بديلة، بالانتقال من دعوته إلى خارج حدود مكة، فأخذ يعرض نفسه على القبائل القادمة إلى الحج، بأن تؤمن برسالته، وتوفر له ولأصحابه الأمان؛ لكنه لم يجد من بين 26 قبيلة من يقبل بذلك، حتى لا تعادي قريش وتدخل في أزمات معها. كما أن أبا لهب، عمه، وأبا جهل، ألد أعدائه، لم يتركانه في حاله، فكلما توجه إلى قبيلة، لاحقاه، وقالا عنه: كاذب، مجنون". ومع ذلك، قال خالد، إن "النبي استمر في بذل الجهد على مدار 3 سنوات (11 و12 و13 من البعثة)، ولم يترك قبيلة أو شخصًا إلا وتحدث إليه، مكررًا المحاولة تلو المحاولة، دون يأس، أو ملل، لم يكن يستعين بهم على قومه، بل كان يطلب الحماية فقط، وهو درس في الوطنية والانتماء، بأنه مهما كان خلافك مع بلدك، لا تستعدي أحدًا عليه". ودلل على ذلك باتفاق النبي مع الأنصار، "فعندما هاجر إلى المدينة، كان على حمايته بداخل المدينة، لا خارجها، لذلك في غزوات بدر وأحد والخندق، وكانت على حدود المدينة، كان يستأذنهم في الخروج للقتال معه، لأن ذلك لم يكن من بين شروط الاتفاق الذي أبرمه معهم". وأشار إلى أن النبي عرض نفسه على أكثر من قبيلة، ومن بينها قبيلة بني عامر بن أبى صعصعة، وزعيمها اسمه بحيرة بن فراس بحيرة، والذي كان رجل سياسة، لا يفهم في أمور الدين، فسمع النبي ورسالته، ثم نظر إلى من حوله، وقال لهم: لو أخذنا هذا الفتى لأكلنا به العرب، ثم قام للنبي: "أرأيت إن حميناك من قريش وكان لك الأمر، يكون لنا الأمر من بعدك" يقصد الحكم، فرفض النبي وقال له: "الأمر لله يصرفه حيث يشاء"، يعني لن أوفق على أن تستخدم الدين سلمًا للسياسة، وكأنه بذلك يقول: "أنا لا أخطط للحكم، لأن هدفي هو الإصلاح".