فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجرة سيد الابرار اسباب وثمار

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه
هجرة سيد الابرار اسباب وثمار
عبد الواحد بن محمد بن الطالب *
لقدكانت الهجر ة من مكة الى المدينة والتي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رحلة عظيمة وهجرةفريدة سبقتها هجرة مجموعة من صحابة رسول الله الى الحبشة ، ولم تكن هده الهجرة هرباً من المعاناةالشديدة التي كان يعانيهاالنبي عليه السلام واصحابه على أيدي بعض زعماء قريش ولم تكن ابتغاء الراحة والسكينة ، وإيثار رغد العيش على شظفه ، ولم تكن أيضاً تركا للامانة عن البلد الحرام الذي سيبقي أبد الدهر موئلاً للأتقياء والصالحين فهو بلد ايس الشيطان من ان يعبد فيه ، ولكن الهجرة كانت مرحلة ضرورية لابد منها لتثبيت سير الدعوة الإسلامية ومرحلة ضرورية لتغير اسلوب الدعوة والانتقال بها الى مرحلة اكثر تماسكا وهيبة وترسيخا لركائز الدولة الاسلامية التي سينقد الله بها البشرية من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ويخرج الله به الناس من الظلمات الى النوربادنه ويهديهم الى صراط مستقيم ومن أوَّل يومٍ في الدَّعوة الإسلاميَّة المبارَكة والرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعلَم أنَّه سيَخرُج من بلده مُهاجِرًا؛ففي الصحيح في '' حديث ورقة بن نوفل وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم : يا ليتني فيها جذعا ، يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك . قال : أومخرجي هم ؟ قال له ورقة : نعم ، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وأخرج ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . البخاري
وهده الهجرة كانت وراءها اسباب وكانت لها نتائج وثمرات ساعرض لها ان شاء العلي القدير في نقاط
الاسباب
1 - عدم تقبُّل مكَّة للإسلام ابتداءً:
لقد كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – شديد الحِرص على هِدايَة قومِه ودخولهم دين التوحيد، فاستَعمَل - صلَّى الله عليه وسلَّم - معهم كلَّ أساليب الرِّفق في الدَّعوة إلى الله - عزَّ وجلَّ - بشتَّى صُوَرِها، وبالحكمة والموعظة الحسَنَة، وأكبر دليلٍ على ذلك قولُه تعالى - -: ﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ البقرة الاية: 256.ولكنَّ قريشًا أبَتْ إلاَّ أنْ تُحارِب الله ورسولَه، فبحَثَ النبيُّ عن مكانٍ آخَر يكون أكثر استِعدادًا لقبول دعوته، فكان هذا المكان هو المدينة المنوَّرة
‏ 2 - استعداد المدينة المنوَّرة لقبول دعوته عليه السلام
لَقِيَرسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقَبَة في مَوسِم الحج ستَة نفر من الأنْصار، كلهم من الخزرج،فدعاَعاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فكان من صُنْعِ الله لهم أنهم كانوا من جِيران اليهود، فكانوا يَسمَعُونهم يَذكُرون أنَّ الله - تعالى - يَبعَثُ نبيا قد أطَل زمانه، فقال بعضهم لبعضٍ: هذا والله الذي تهدِدكم به يهود، فلا يَسبقونا إليه، فآمَنُوا به وبايعوه، وقالوا: إنَّا قد تَرَكنا قومَنا بيننا وبينهم حروب، فننصَرِف ونَدعُوهم إلى ما دعَوتَنا إليه؛ فعسى الله أنْ يجمَعَهُم بك، فإن اجتَمعَتْ كلمتُهم عليك واتَّبعوك، فلا أحد أعز منك، وانصَرفوا إلى المدينة، فدعوا إلى الإسلام، حتى فشا فيهم، ولم تبقَ دار من دور الأنصار إلاَّ وفيها ذِكْر من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
حتى إذا كان العام المُقبِل قدم مكَّة من الأنصار اثنا عشر رَجُلاً، من الأوس والخزرج ، فبايَعوا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عند العقَبَة بَيْعَةَ النِّساء.
فلمَّا انصَرَفُوا بعَث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - معهم ابن أم مَكتُوم، ومُصعب بن عُمَير يُعلم مَن أسلم منهم القُرآنَ وشَرائعَ الإسلام، ويَدعُو مَن لم يُسلِم إلى الإسلام، فنَزَل مُصعَب بن عُمَير على أسعد بن زُرارَة.
وخرَج إلى المَوسِم جماعة كبيرةٌ ممَّن أسلم من الأنصار يُرِيدون لقاءَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في جملة قومٍ كفَّار منهم لم يسلموا بعد، فاتوا مكة، وكان في جُملتِهم البَراء بن مَعرُور، فرأى أنْ يستَقبل الكَعبة في الصَّلاة، وكانت القِبلَة إلى بيت المَقدِس، فصلَّى كذلك طول طَريقِه، فلمَّا قَدمَ مكة ندم، فاستَفتَى رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال له: (قد كُنتَ على قِبلةٍ لو صَبرتَ عليها"مسند الامام احمد،.
فواعَدُوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - العقَبةَ من أواسط أيَّام التَّشرِيق، فلَمَّا كانت تلك الليلة دعا كعبُ بن مالكٍ ورجالٌ من بني سلمة عبدَالله بن عَمرو بن حَرام - وكان سيِّدًا فيهم إلى الإسلام، ولم يكن أسلم، فأسلم تلك الليلة وبايَع. وكان ذلك سِرًّا ممَّن حضَر من كفَّار قومهم، فخرَجُوا في ثُلُثِ الليل الأوَّل مُتَسلِّلين من رِحالهم إلى العقَبَة، فبايَعُوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عِندَها على أنْ يمنَعُوه ممَّا يمنَعُون منه أنفُسَهم ونِساءَهم وأبناءَهم، وأنْ يَرحَلَ إليهم هو وأصحابُه.هكذا كانت المدينة أرضًا خصبة للدعوة والدَّولة الإسلاميَّة بما فيها من عَناصِر الدولة الثلاثة: "الشَّعب، السُّلطة، الدَّولة".
و قدتفننت قريش في صنوف العذاب الذي كانت تمارسه على المستضعفين من المؤمنين ،وعلى سبيل المثال لا الحصر ما عاته عائلة ال ياسر وكدا خباب وبلال وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم
ونؤكد مرة اخرىأن هذا التعذيب لم يكن هو الدافع الوحيدإلى الهجرة ، ولكن الدافع الاساسي إليها تمكين الإسلام من الانتشار ، ذلك أن العذاب كان يثني كثيراً من الهمم المتشوقة إلى الدخول في الإسلام من الدخول فيه خشية أن يصيبها من العذاب ما يصيب هؤلاء المستضعفين . وذلك بدليل أن عدد المسلمين ازداد زيادة كبيرة بعد الهجرة وخلاص المؤمنين من هذا العذاب ، كما أن أحداً من المؤمنين الذين لاقوا العذاب الشديد لم يرجع عن إسلامه ، بل فضلوا جميعاً الصبر على العذاب واحتمال الأذى والموت على الارتداد إلى الكفر بعد الإيمان
3 الحصار الاقتصادي :
‏ذلك أن الكفار عندما شعروا بعجزهم عن إيقاف مد الدعوة الإسلامية رغم كل أنواع العذاب الذي مارسوه ضد المسلمين قرروا محاصرة بني هاشم والمسلمين محاصرة اقتصادية كاملة تحول بينهم وبين ضروريات العيش البسيط ، وتمنعهم من الاتصال بأحد من العرب أو غيرهم ، فاتفقوا على كتابة الصحيفة التي علقوها في جوف الكعبة ، تلك التي عانى منها بنو هاشم والمسلمون أنواع العذاب والحرمان حتى كادوا يأكلون أوراق الشجر من شدة الجوع ، ولقد كان باستطاعتهم أن يحتملوا ذلك كله لو أنه أتيحت لهم معه حرية ممارسة الدعوة إلى الإسلام في أنحاء الجزيرة العربية ، ولكن الأسى كان يحز في نفوسهم عندما أضحت هذه الصحيفة المشؤومة حائلا بينهم وبين الاتصال بالعرب في غير المواسم الدينية القليلة مما يجعل دعوتهم تحاصر حصارا شديدا
و الصحيفةوان نقضت قبيل الهجرة ،الاأن آثارها لم تزل باقية
4 وفاة الناصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ذلك أن الله سبحانه قيض لرسوله الكريم ناصرين له من أهله يواسونه ويخففون من آلامه ويدافعون عنه ويمنعون أذى الكفار من أن يصيبه ، ذلك الذي وصل إلى درجة لا يستطيع إنسان عادي احتمالها ، وهما خديجة بنت خويلد زوجه الكريمة التي وقفت إلى جانبه بمالها وجاهها ، وكانت نعم الزوجة والمواسي لرسول الله ، وعمه أبو طالب ، ذلك الإنسان الذي وقف إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم على كفره في جميع المواقف يدافع عنه ويحميه وينتصر له وهو من هو في مكانته ومقامه من قريش.
وقد ماتا متتابعين في عام واحد والحق ذلك الحزن العميق بنفس النبي صلى الله عليه وسلم وبدلك سمي داك العام عام الحزن كما يروي مجموعة من اهل السير
‏5 كبرياء قريش وتعاليها :
فقد كانت قريش تتمتع بمكانة كبيرة بين العرب منذ القديم ، ذلك أنها حامية للبيت الحرام ، الذي يجتمع فيه العرب جيمعاً في كل عام من شتى أرجاء الجزيرة العربية للحج والتجارة وإنشاد الشعر والأدب . وقد حالت هذه المكانة بينها وبين الدخول في الإسلام الذي يسوى بين كل الناس قرشي وغير قرشي ، وعربي وغير عربي . ذلك أن الإسلام دائماً يعلن المساواة التامة بين جميع البشر، وأن السبب الوحيد للمفاضلة بينهم هو تقوى الله تعالى يقول الله جل وعلا في محكم تنزيله'' يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير'' الحجرات الاية 13. وقد حاول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم طيلة ثلاثة عشر عاماً أن يصل إلى نفوس القرشيين عبر تلك الكبرياء . لكنهم كانوا عتاة متجبرين
‏ مما اضطر معه النبي عليه الصلاة والسلام آخر الأمر إلى الرحيل من ديارهم ثم العودة إليهم بعد ذلك عودة الفاتحين المنتصرين ، يكسر عنادهم وتعاليهم بحد السيف وسنان الرمح فتتفتح قلوبهم بعد أن زالت الأغلال عنها وتخضع لصوت الحق ، وتحمل لواء الفضيلة والهداية وتدخل في دين الله أفواجا .
‏هذه هي أهم الأسباب التي دفعت النبي _ صلى الله عليه وسلم _ إلى الهجرة من بلد الله الحرام مسقط رأسه ومحط أمله وأحب بلاد الله إليه . ذلك أن الدعوة التي أنزلت عليه من الله تعالى وأمر بتبليغها للناس كافة كانت أحب إليه من بلده ومن الدنيا جميعها ، فعن ابْنِ عبَاسٍ ، قَال : قَالَ رسول اللَه صلّى اللّه علَيْهِ وَسلَّم لما أخرِجَ منْ مَكَّةَ : " إِنِّي لأَخْرُجُ مِنْكِ وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكِ أَحَبُّ بِلادِ اللَّهِ إِلَيْهِ , وَأَكْرَمُهُ عَلَى اللَّهِ , وَلَوْلا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ مِنْكِ , يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ إِنْ كُنْتُمْ ولاةَ هَذَا الأَمْرِ مِنْ بَعْدِي فَلا تَمْنَعُوا طَائِفًا أَنْ يَطُوفَ بِبَيْتِ اللَّهِ سَاعَةً مَا شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ , وَلَوْلا أَنْ تَطْغَى قُرَيْشٌ لأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي لَهَا عِنْدَ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ أَنَّكَ أَذَقْتَ أَوَّلَهُمْ نَكَالا فَأَذِقْ آخِرَهُمْ نَوَالا " .بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث
ويحق لنا أن نتساءل : هل حققت الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة الغاية المرجوة منها؟
‏وللإجابة علىهدا السؤال نقف مع بعض من ثمرات هده الهجرة التي كانت نقطة تحول كبرى في طريق الدعوةالإسلامية ، فقد انتقلت بها من مرحلة إلى مرحلة اخرىتختلف في كثيرمن جوانبها عن المرحلة الأول .ويظهر ذلك في النقاط الاتية :
1 حرية الدعوة إلى الله تعالى
فقد أصبح النبي – صلى الله عليه وسلم – في المدينة المنورة حراً طليقاً يدعو إلى ربه سبحانه من شاء في أي وقت شاء ، دون مارقيب عليه أو معارض له . فهؤلاء هم الأوس والخزرج في المدينة يلتقون حوله ويدافعون عنه ويحمونه ويؤمنون به ، وهم من هم في قوتهم وجلدهم ، فقد أعطوه العهد والميثاق يوم العقبة على شركهم وعدم إيمانهم به بعد لاينالونه بأذى ، لأنهم بصدد دراستهم لأحواله ودعوته وفي طريقهم للإيمان به .
هذه الحرية لم تكن متاحة للنبي – صلى الله عليه وسلم – في مكة ، فقد كان أذى قريش يناله وينال كل من يتصل به أو ينصت إليه فيصرف ذلك الناس عن الإيمان به .
2الخلاص من عذاب قريش وأذاها
فقد كانت قريش تنال المسلمين والمستضعفين منهم خاصة بأذى شديد لايحتمله بشر والأمثلة على ذلك كثيرة لاتعد . وهذا العذاب صارف لكثير من النفوس عن التفكير في الإسلام والإيمان به لما ركبت عليه النفوس الإنسانية من ضعف خلقي . أما في المدينة فقد أصبح المسلمون في أمان الله بعيدين عن أن تنالهم أيدي المشركين بأذى ، فإن المدينة بلد – حصين . وإن الأنصار قوم أشداء أقوياء وقد أخو المهاجرين والتزموا بحمايتهم والدفاع عنهم .
3 تفرع النبي صلى الله عليه وسلم لبناء الدولة ، فقد أمضى في مكة ثلاثة عشر عاماً كان فيها مشغولاً ببناء الفرد لم يتحول عنه ، أما بناء الدولة والمجتمع المسلم فهو مالا سبيل إليه في مكة مع قلة العدد وشدة العدو . أما الآن فقد زاد عدد المسلمين وتفقهوا جميعاً في دين الله تعالى ، وخف عنهم أذى قريش ، لذلك فإننا نرى النبي صلى الله عليه وسلم قد انصرف إلى بناء الدولة الإسلامية وتنظيم المجتمع المسلم على أسس مخططة مدروسة أثمرت أقوى دولة عرفها التاريخ البشري تناسقاً وتماسكاً وحضارة ورفاهاً . دولة تحمل النور والهداية والعلم للعالم كله ، فتنير بذلك قلوباً مظلمة ، وتفتح أفكاراً مغلقة ، وتهدي نفوساً طالما تعطشت إلى العدالة والحرية والحق ، وتخلص بذلك الإنسانية المعذبة كلها من الهاوية التي كادت تتردى فيها . فحق لها أن تكون بذلك كله خير دعوة وخير رسالة حملتها خير أمة أخرجت للناس .
وعلى ذلك تكون الهجرة النبوية نقطة تحول كبرى في تاريخ الدعوة الإسلامية ، انتقلت بها من مرحلة بناء الفرد إلى مرحلة بناء الجماعة والدولة .
وقد واكب القرآن هذا التحول فبينما كان يعني في مكة المكرمة ببناء العقيدة والأخلاق وترسيخ القيم وغسل الأفكار والقلوب مما ران عليها من الجهل والضلال ، أصبح يعني في المدينة المنورة بأمور التشريع وتنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع من النواحي المختلفة المادية منها والمعنوية وبقيمها على أسس من العدالة وتكافؤ الفرص أمام جميع المسلمين ، بل أمام جميع الناس على اختلاف لغاتهم وأجناسهم ودياناتهم ، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلن دائماً قوله الشريف : ''من آذى ذمياً فأنا خصمه يوم القيامة''الحديث ضعفه الشيخ الالباني ويعلن قوله : روى الإمام البيهقي، من حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، خطب في خُطبة الوداع، في أوسط أيام التشريق، فقال: "يا أيها الناس: إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى ) ، فإنه ليس بعد هذا الإنصاف إنصاف ، وليس بعد هذه العدالة عدالة على وجه الأرض .
4) تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم للوقوف في وجه الكفر والضلال ، وصده بالدليل والبرهان ، وبالقوة والحرب . فإنه من المعروف أن للضلال شوكة في كثير من الأحيان لايمكن ردها بالدليل والبرهان وحده ، ولا بالحوار فقط ، بل إنه يحتاج في كثير من الأحيان مع الدليل والمجادلة بالحسنى إلى القوة والمجابهة ، وهو مالم يكن متيسراً للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة مع قلة عدد المؤمنين وضعف قوتهم أمام كبرياء قريش وشدتها ، ولكنه تيسر للنبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك في المدينة المنورة . فقد استطاع به أن يفك الأقفال الثقيلة التي جثمت على صدور كفار قريش وغيرها من العرب ، فلم تدع النور الإلهي يصل إليها إلى أن فكها سيف المسلمين ، وأزال الغشاوة التي تركها وأنار على تلك القلوب الطيبة ، وهو مايشير إليه النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – بقوله '' خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا ''ابن حبان ، ذلك أن الفقه هو استنارة القلب بنور الله بعد إزاحة غشاوة الكفر والعناد والشرك من فوقه .
وبذلك نستطيع أن نؤكد أن الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة قد آتت أكلها وثمارها وأنتجت كل نتائجها المرجوة منها ، وكانت بذلك فتحاً كبيراً في تاريخ الدعوة الإسلامية مما حمل بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجعل منها بداية للتاريخ الإسلامي ، إشادة منه بمكانتها وأهميتها . وحق له أن يفعل ذلك . رضي الله عنه وعن الصحابة اجمعين يقول عزوجل في محكم تنزيله ''إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًافَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا''سوزرة النصر
والحمدلله رب العالمين
*عضو المجلس العلمي المحلي لميدلت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.