اعتبر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد أحمد حسين، أن الدروس الحسنية، التي تلقى في حضرة أمير المؤمنين الملك محمد السادس، خلال شهر رمضان الأبرك، أصبحت موعدا سنويا يناقش ويقارب مجمل القضايا التي تهم الأمة الإسلامية، ويواكب الفكر الإسلامي سواء من حيث التجديد والمعاصرة، أو المحافظة على أصالة المصادر الصحيحة للشريعة الإسلامية السمحة. وأوضح الشيخ حسين، وهو أيضا خطيب المسجد الأقصى الشريف، في تصريح صحافي على هامش حضوره هذه السلسلة من الدروس، أن هذ ا الموعد هو عبارة عن حلقات علمية متميزة يشارك فيها كبار علماء العالم العربي والإسلامي، على مختلف توجهاتهم وتنوع مشاربهم الفكرية والمذهبية والفقهية، مما يضفي على مواضيعها وقضاياها طابع التجدد والتنوع. وشدد الشيخ حسين على أهمية البعد التجديدي والتحديثي لهذه الدروس الرمضانية "لكونها تراهن على ربط الحاضر المعاصر بماضي الحضارة الإسلامية العريق، مشيرا إلى أن هذه الدروس الرمضانية تشكل بذلك ثورة علمية داعمة للفكر الإسلامي، وذلك وفق دينامية يشارك فيها ثلة من العلماء المرموقين، مذكرا، في هذا الخصوص، بأنه سبق له أن ألقى منذ ثلاث سنوات درسا من سلسلة الدروس الحسنية بين يدي أمير المؤمنين الملك محمد السادس. وأبرز أنه بالنظر لأهمية مثل هذه المبادرات المباركة، فقد أولى الملك محمد السادس، وقبله الملك الراحل الحسن الثاني، عناية خاصة للسير على هذا النهج، لما لها من دور في التوعية الدينية والانفتاح على الثقافة الإسلامية في تنوعها العقدي والحضاري، بالموازاة مع عديد حلقات العلم والندوات الوعظية التي تشهدها مساجد ومراكز ومؤسسات المملكة على مدار السنة. وأضاف أنه بالنظر لطبيعة المشاركين من علماء وفقهاء وجاليات أجنبية وبعثات دبلوماسية من مختلف بلدان المعمور، فإن هذه الدروس أضحت تمثل "حشدا جامعا لكل علماء الأمة الإسلامية"، بما يسهم في تنوير الأجيال المسلمة وإثراء الثقافة الإسلامية والمسيرة الدعوية للإسلام الذي ارتضاه الله تعالى كدين للتسامح والقيم المثلى والوسطية"، مصداقا لقوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا". إن هذه الدروس، يقول الشيخ حسين، يرعاها ويتابعها ملك المغرب وتحظى بمواكبة إعلامية كبيرة، وهو ما يحيل على مدى اهتمام المغرب، ملكا وحكومة وشعبا، بإرث وتراث الحضارة الإسلامية ودينها السمح الذي وضع الأسس الجامعة التي تصون كرامة الإنسان وتوضح ارتباطه بالكون ومبدعه جل جلاله. وارتباطا بما يجمع المغرب والشعب الفلسطيني من علاقات الأخوة والتضامن والتآزر، أوضح خطيب المسجد الأقصى الشريف أن العلاقات المغربية الفلسطينية كانت على الدوام "علاقات متميزة على مختلف المستويات" وأن المغرب يدعم كل السياسات التي تروم النهوض ودعم الوضع الفلسطيني بمختلف تجلياته. فسياسيا، يضيف المتحدث، وإسوة بوالده الحسن الثاني، يحرص أمير المؤمنين الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، على متابعة كل المستجدات المتعلقة بالقدس الشريف وحماية هذه المدينة من كل ما يتهددها من أخطار على يد الاحتلال الإسرائيلي. وذكر بأن المغرب يقدم كافة أشكال الدعم السياسي للقضية الفلسطينية، وأن الروابط التي تجمع بين الشعبين المغربي والفلسطيني هي "علاقة أخوة وعلاقة المصير الواحد"، مذكرا بأن حب المغاربة لفلسطين أرضا وشعبا، وارتباطهم بالمدينة المقدسة، يتجلى على الخصوص في "حارة المغاربة" (التي دمرها الاحتلال الاسرائيلي في سنة 1967)، بالإضافة إلى "بوابة المغاربة" التي تبرز مكانة المغاربة في النسيج الاجتماعي للمقدسيين، لافتا إلى أن هذه البوابة لم تسلم هي الأخرى من الانتهاكات المتواصلة للاحتلال الإسرائيلي. وأشار إلى أن القيمة التي يحتفظ بها المغاربة في قلوبهم للقدس لها امتداد تاريخي في الزمان والمكان، وأن القضية الفلسطينية هي أيضا حاضرة في كل المحافل والهيئات الإقليمية والدولية، ولا أدل على ذلك، يضيف المفتي العام للقدس، من وقوف المغرب إلى جانب كل القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية في الأممالمتحدة، سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العمومية، أو الهيئات الدولية من قبيل منظمة اليونيسكو وغيرها. وأضاف أن المغرب لا يتوانى كذلك في تقديم كل أشكال الدعم الاقتصادي والاجتماعي للمقدسيين، ليخلص إلى أن للمملكة أيادي بيضاء في دعمها المستمر للمدينة المقدسة عن طريق وكالة بيت مال القدس التي تسهم في دعم صمود الشعب الفلسطيني لاسيما على المستويات التعليمية والصحية والاجتماعية. وأعرب المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، في ذات السياق، عن أمله في أن يتم فتح المركز الثقافي المغربي بالقدس الشريف حتى يشرع في ممارسة نشاطاته الثقافية التي تنقل واقع الثقافة والحضارة المغربيتين إلى قلب مدينة القدس الشريف. *و.م.ع