عاد العشرات من المتضامنين مع سكان الريف، المطالبين بإطلاق سراح نشطاء الحراك الذي تشهده الحسيمة منذ ما يقرب من سبعة أشهر، ليلة الأحد الاثنين بالرباط، إلى الاحتجاج أمام الساحة المقابلة لبناية البرلمان، رافعين شعار: "من أجلنا اعتقلوا.. من أجلهم نناضل". الوقفة التي دامت لما يزيد عن الساعة من الزمن، بقيت بعيدة عن أي تدخل أمني، بعد أن شهدت سابقتها الثلاثاء الماضي تفريقا بالقوة من قبل القوات العمومية، ما خلف عددا من الإصابات المتفرقة. وكان لافتا الغياب شبه التام لرجال الأمن في وقفة اليوم؛ بحيث ظل عدد قليل منهم مرابطا في زقاق محاذي لشارع محمد الخامس وأمام البوابة الرئيسية للبرلمان، قبل أن يتراجعوا في وقت لاحق. وجدد المحتجون مطالبة السلطات بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية أحداث الجمعة الماضية بمدينة الحسيمة، عبر رفع شعار "الحرية الفورية للمعتقل السياسي"، ولافتات كتب عليها "كلنا الزفزافي ورفاقه"، كما صدحت حناجر المحتجين بشعارات أكثر حدة، على غرار "يا مخزن المافيا.. شعلتو فينا العافية" و"هي كلمة واحدة.. هاد الدولة فاسدة" و"هي كلمة صريحة.. الفساد عطى الريحة". إلى جانب ذلك، رفعت خلال الشكل الاحتجاجي مطالب اجتماعية واقتصادية من قبيل "بلادنا فلاحية.. والخضرة غاليا عليا"، و"بلادنا ساحلية.. والسردين غالي عليا". كما شكلت المطالب الحقوقية جزء مما جهرت به أفواه المتضامنين مع "حراك الحسيمة"؛ بحيث جدد الحاضرون المطالبة ب"رفع العسكرة" عن الريف. وبدا لافتا غياب علم "جمهورية الريف" الذي رفرف فوق رؤوس المحتجين في الوقفة السابقة، وحضور العلم الوطني المغربي بشكل ملحوظ إلى جانب أعلام "إيمازيغن"، في الوقت الذي لم تتوقف فيه 3 سيارات من طراز "مرسيديس كلاص C وE" و"بوجو 206" عن الطواف حول المدار الذي يحيط بمكان الاحتجاج، رفع أشخاص بداخلها أعلام المملكة المغربية، في محاولة للتعبير عن رفضهم لهذه الوقفة التضامنية. وفي حديث لهسبريس على هامش هذا الشكل الاحتجاجي، سجل نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي والقيادي بالحزب الاشتراكي الموحد، أن "ما يقع الآن بمنطقة الريف هو نتاج لسوء تدبير الدولة للاحتجاجات المستمرة بالريف منذ شهور طويلة، والتي لها طابع اقتصادي واجتماعي محض". مضيفا أن "منطقة الريف بشكل عام تعيش حالة من الاحتقان الاجتماعي منذ عقود طويلة، ولم يكن حادث مقتل محسن فكري إلا النقطة التي أفاضت كأس الاحتجاجات". وزاد أقصبي أن "الدولة لا تتقن التعامل مع مثل هذه الحركات الاجتماعية بطريقة ذكية، حتى قبل أن تكون إنسانية أو حقوقية"، منبها إلى أن مثل هذه الحركات "قد تشهدها مختلف مناطق المغرب التي تعيش أوضاعا مشابهة"، قبل أن يشدد على أن مدخل تدارك هذا الوضع هو "امتصاص الاحتقان الاجتماعي وخلق جو من الثقة الغائبة بين المواطنين بالمنطقة والمنتخبين والحكومة، وهو ما يتأتى عبر إطلاق سراح المعتقلين على خلفية هذه الاحتجاجات وفتح قنوات الحوار من جديد". وأبرز المتحدث ذاته أن هذا الحوار يجب أن يشمل مختلف الفئات الاجتماعية بإقليم الحسيمة في إطار من الثقة، على أن يوازيه العمل على مستوى الميدان لتحقيق المطالب المرفوعة، لتجاوز "أزمة الثقة" التي يحملها مواطنو الريف جراء عدم تحقيق عدد كبير من الوعود التي تعطى لهم.