خبر زيادة 10% في الأجور سيكون أكثر إسعادا للمغاربة من خبر إنشاء القطار فائق السرعة بين طنجة والدار البيضاء في أفق 2012، لماذا؟ لأن هذا القطار سيسعدالعاملين في قطاع السياحةأكثر مما سيسعد المغاربة، سيصبح المغرب في متناول السواح بسرعة فائقة، خاصة حين تتوسع موانئ الشمال ويتطور النقل البحري بين المغرب وأوروبا، ومن يدري؟ لعل هذا القطار سيصل أكادير في مستقبل غير بعيد! هذا كله جميل ومفيد للعملة الصعبة والاقتصاد الوطني، رغم أن تجارة السياحة غير مضمونة بتاتا، وقد يقوممجنون مثلبن لادن يتخريب كل الاستثمار السياحي بحماقة واحدة منه، ويبقى التي جي في ينقل من لم يوضع لهم النقل السريع أصلاولا يستحقونه، أقصد سود الرؤوس المواطنين المغاربة، هؤلاء الذين سيتركون أطفالهم يرجمونه (التي جي في)بالحجر دون اهتمام بالأمر، وسيقتحمه المخربون الذين يشق على نفوسهم تأدية مبلغ كبير دون استرجاع جزء منه ولو بتخريب تجهيزاته(التي جي في)، خاصة الكراسي والمراحيض، لأنهم لم يبلغوا بعد النضج الحضاري الذي يجعلهم يعون معنى المرفق العمومي(أنظروا إلى العلاقة المتوترة بين المغربي وقمامات الأزبال العمومية، أو بينه وبين علامات التشوير، أو تجهيزات انتظار الحافلات أو غير ذلك، فهو يناصبها عداء شديدا قل نظيره في غير دول المغرب العربي) إذن مالنا ولهذا القطار بالغ السرعة ونحن بالغو التخلف؟ "" أرى أن المغرب طبقتان، طبقة لا تعلم بحقيقة الطبقة الأخرى، الطبقة الأولى، تتكون من أغنياء البلد وكبار موظفيه، وهؤلاء هم الذين يخططون وينفذون، وهم يرون المغرب من خلال نظارات أجنبية غاية في الاندفاع إلى الأمام، وقد نجحوا مثلا في بناء مطار خرافي للمغاربة لميكونوا في مستواه إلااليوم(مطار محمد الخامس) وهم الذين يريدون تجهيزنا بقطار لن نكون في مستواه(ماديا وحضاريا) سوى عشرات السنين إلى الأمام. وطبقة ثانية، تعيش في وضع بئيس ماديا ومعنويا، هي بالضبط الطبقة التي تتجنب الذهاب عند الطبيب(ليس خوفا منه ولكن خوفا على جيبها) هذه الطبقة قد تغامر بالأكل الجيد والتجهيز المنزلي وسيارة جديدة صغيرة وبعض مظاهر الرفاه لكنها لا تقوى على زيارة الطبيب إلا إذا لم تجد عنه محيدا. هذه الطبقة، في أغلبها الأعم، لاتطيع التقاليد الحضارية(الوقوف في الطوابير، احترام قانون السير، احترام الوقت، تنظيم الحياة اليومية، التخطيط للعطل، التربية السليمة للنسل، احترام البيئة، التفكير العقلاني في المسؤوليات، الجد في العمل....) هي طبقة جعلها الحيف والظلم والضيم تميل إلى السيبة، بكل المقاييس، هي طبقة لا يهمها سوى الكومير(الخبز) لا تهتم يالسياسة ولا تمتلك الصبر الاجتماعي والتأني السياسي، سريعة الغضب والانفعال، حينيؤتى لهابقطار سريع مثل التي جي في فإنها لا تمتلك القناعة الحضارية لتنظيمه وترتيبه في الحاجيات اليومية الملحة، بمعنى أن كوميرة طويلة ملتوية قليلا أفضل للمغربي من التي جي في. ويقول المثل المغربي، "آش خصك آالعريان؟ لخواتم أمولاي!" بمعنى أن التفكير في الشعب المغربي لا يتم وفق حاجياته الأساسية وإنما وفق أحلام طبقة صغير مندفعة إلى الأمام، هي بالضبط تلك التي صرفت الملايير على شارع محمد الخامس بالرباط وأهملت بشكل فظيع الأزقة الصغيرة المؤدية إليه، وهذه ظاهرة عامة في البلد، نهتم بالواجهة أما العمق فنترك للزمن يتكفل به، ومن مظاهر الواجهة هذا التي جي في العجيب. لا بد أن يكون لهذا المنتوج الحضاري المتقدم، الذي اسمه تي جي في، أشقاء وإخوة في نفس المستوى، كالطرق والمواصلات وشبكاتالتطهير والإنارة العمومية والأمن العمومي والتجهيزات البلدية...(سينزل السائح من التي جي في ويفتقد مرحاضا عموميا واحدا) وإذا سلمنا أن البنيات التحتية ستكتمل إن شاء الله في سنة 2012 بما يلائم هذا الضبفالتكنولوجي الكريم، فكيف سيكون المواطن المغربي الذي لا تزال الكوميرة هاجسه الكبير؟ لا يصعد التي جي في سوى من أمّن الحياة الكريمة في أدنى مستواياتها، على الأقل يشبع ولا يكتري بيتا مع الجيران ولا يبكي عند تسلمفاتورة الماء والكهرباء، ديك الساعةعاد يجيمعاه التي جي في، أما وهو مكتو بنيران الغلاء والفساد والسيبة وفرعنة البعض فلا أظن أن ذلك يستقيم. نقول كلامنا هذا ونستغفر الله العظيم ونتمنى أن يكون قدوم التي جي في فألا حسنا، فتنطلق الحرب بسرعة فائقة على الفساد بجميع أنواعه(بما فيها التشريعية والدستورية) وتنطلق الأوراش بشكل غير موسمي وفي جميع المجالات، حتى إذا كنافي حالة "خفة الرجل" من طنجة إلى أكادير يكون ذلك مواتيا لنا. عن مدونة كتابات بلا سياج