ما أن تلوح بشائر شهر مضان الكريم في الأرجنتين حتى تشد الجالية المسلمة المقيمة في هذا البلد، الواقع في أقصى جنوب قارة أمريكا اللاتينية، الرحال صوب المساجد ومختلف المراكز الإسلامية، سواء بالعاصمة "بوينوس أيريس" أو باقي مدن البلاد. خلال هذا الشهر الكريم يحرص مسلمو الأرجنتين على الحضور إلى المساجد والمراكز الاسلامية، فهي فضاءات للتعبد والتقرب إلى الله بالطاعات والاستغفار، وهي أيضا أماكن تذوب فيها كل الفوارق والجنسيات والأعراق، حيث يلتئم الصائمون على موائد الافطار الجماعية، ويؤدون صلوات التراويح ويحرصون على التزود بالنفحات الربانية لشهر رمضان الفضيل، في أجواء يطبعها التآخي والتضامن بين مختلف أفراد الجالية المسلمة في "بلاد الغربة". ويشكل مركز الملك فهد الثقافي الاسلامي ب"بوينوس أيريس"، الذي يضم جامعا بالاسم نفسه، أحد الملاذات الروحية التي يقصدها أفراد الجالية المسلمة الممثلة فسيفساء من الألوان والأعراق والسحنات، على اعتبار أنها تنتمي إلى بلدان وأوطان وثقافات وحضارات متشعبة، لكنها تبرز موحدة بالانتماء للدين الاسلامي. مدير مركز الملك فهد الثقافي الاسلامي ببوينوس أيريس، نايف الفعيم، قال في تصريح صحافي إن هذا المركز، وهو الأكبر من نوعه بأمريكا اللاتينية، يقدم العديد من الخدمات لفائدة الجالية المسلمة على مدار أيام السنة، سواء أكانت دعوية أو رياضية أو ثقافية أو اجتماعية، غير أنه خلال شهر رمضان تزداد وتيرة هذه الأنشطة من خلال تنظيم سلسلة من الندوات والدروس اليومية، وحلقات تحفيظ القرآن، بالاضافة إلى برنامج لتفطير الصائمين يمتد طيلة أيام الشهر. ويستفيد من برنامج الإفطار، يضيف الفعيم، نحو 400 شخص يوميا ينتمون إلى مختلف بلدان العالم كما أنه خلال هذا الشهر يفتح المركز أبوابه أمام المجتمع الأرجنتيني بجميع أطيافه، للاطلاع على هذا الركن الاسلامي باعتباره دالا على الرحمة والإحساس بالآخر، مشيرا إلى أنه "من خلال هذه الأنشطة نقدم للمجتمع الارجنتيني الصورة الحقيقية للإسلام الوسطي المعتدل الذي ينبذ العنف والتطرف"، وفق تعبيره. ويضم هذا المركز، على الخصوص، مسجدا من بين أهم المساجد وأكبرها في الأرجنتين ومكتبة وملعبا لكرة القدم ومدرستين معترف بهما من طرف الدولة الأرجنتينية، لتوفير التعليم الأولي والإعدادي لأبناء الجالية المسلمة، بالاضافة إلى فضاءات أخرى يتم استغلالها وفقا لما تقتضيه المناسبة الدينية خاصة في شهر رمضان أو خلال أيام عيدي الفطر والأضحى حيث يعج المركز بالمسلمين. ويؤكد مدير المركز، الذي تم تشييده سنة 1995، أن "شهر رمضان يشكل، أيضا، مناسبة تقبل فيها العديد من الأسر الارجنتينية على زيارة هذا الفضاء، حيث يتقاسمون وجبة الافطار مع الصائمين، ويكتشفون الدين الاسلامي وأجواء التضامن والتآخي، فيدفعهم ذلك إلى طلب التعرف على الاسلام ورسالته، وقبل أن يرحل شهر رمضان نجد الكثير منهم قد ارتضى الاسلام دينا له عن اقتناع وطواعية". *و. م. ع