كشف الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، مجموعة من المشاهد الرئيسية في مرحلة شباب النبي صلى عليه وسلم التي شهدت تأهيله للنبوة، كانت أولاها العمل والمشقة منذ الصغر، إذ عمل في رعي الغنم منذ كان في سن الثامنة وحتى 12 عامًا. وفي رابع حلقات برنامجه الرمضاني "نبي الرحمة والتسامح"، الذي يذاع على قناة "إم بي سي"، قال خالد إن النبي ولد في بيئة ناجحة، تملك إنجازات كثيرة، وكانت هذه مقدمة لنجاحه، مشيرًا إلى أنه في سن 12 عامًا صحب عمه أبوطالب في أول رحلة تجارية إلى الشام، ليتعلم أصول التجارة، عملاً بمبدأ الوعي قبل السعي، فأصبح أصغر شخص في قريش يقود رحلة تجارية وهو في عمر 20 سنة، وظل يقود رحلتين في العام حتى عمر 40 سنة. وأضاف خالد أن سفر النبي إلى بلاد الشام واليمن واختلاطه بغيره من القبائل العربية أتاح له أن يتعرف على عادات تلك الشعوب وثقافاتها، وظل يعمل بالتجارة حتى 53 سنة، مع ما يتطلبه ذلك من عرق ونجاح وعمل وكسب، وأصبح شريكًا للسيدة خديجة، والثائب بن أبي الثائب، وكان له وكلاء تجاريون، يبتاعون ويشترون باسمه، فكان خير نموذج للمسلمين في عمله واجتهاده ونجاحه، حتى قال الله عنه في القرآن "وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى". ولاحظ خالد أن النبي طور نشاطه المهني 3 مرات في حياته، إذ اشتغل راعي غنم لمدة 4 سنوات، وعمل في التجارة 41 سنة، وعندما هاجر إلى المدينة اشتغل في بناء مؤسسات الدولة، وكانت عنده المرونة الكافية لأن يغير نشاطه إذا تطلبت الحاجة، وقال إن هذه ميزة يفتقدها الكثير من الشباب هذه الأيام. وأشار الداعية ذاته إلى أن الرسول اكتسب سمعة طيبة من كثرة اشتغاله في التجارة، وأطلقت عليه قريش صفة الصادق الأمين، لأنه كان يفعل أمرين قبل أي رحلة تجارية، يحدد نسبته من الربح، ولا يزيد عنها مهما زادت الأرباح، وهو سبب زواجه من السيدة خديجة لما سمعته عنه من أمانته. وذكر خالد أن النبي تميز بروح التراحم والسلام وجمع الناس في مشهد بناء الكعبة، بعد أن تصدعت جدرانها جراء سيل أصابها، فشاركت كل القبائل في بنائها، لكنها اختلفت حول من يحمل الحجر الأسود، حتى وصل الأمر إلى التلويح بالاقتتال، فحكمت النبي بينها، لما اشتهر عنه من أمانة وصدق، وإذا به يحل المشكلة بطريقة أرضت الجميع وحقنت الدماء، فخلع عباءته الشريفة، ونشرها على الأرض، ثم حمل الحجر الأسود ووضعه فيها، وجعل كل قائد من قادة القبائل يمسك بها من طرفها، ثم تناول هو الحجر ووضعه في موضعه، بعد أن قال لهم: أتأذنون لي أن أضع الحجر مكانه، فقالوا نعم. ولفت عمرو إلى أن كان كبار قريش وأثرياءها كانت لديهم ودائع عند النبي، يحتفظون بها لديه، لأنهم كان يثقون فيه، وكانت فيه مواصفات تجعلهم يأتمنونه على أموالهم؛ وحتى بعد أن رفضوا تصديقه بعد نزول الوحي، وقالوا عنه "ساحر كذاب"، لم تتزعزع ثقتهم فيه؛ ومع كل ما تعرض له منهم من أذى، لم يطلب منهم أن يأخذوا ما لديه من أموال، بل ظل محلاً لثقتهم فيه، وهو شرف كبير أن يشهد لك أعداؤك بجميل السمعة. فضلاً عن ذلك، قال خالد إن النبي لم يكن منعزلاً عن المجتمع الذي يعيش فيه، بل كان مندمجًا فيه بقوة، إذ كان يتحمل مسؤولياته في إطاره، وحين اندلعت حرب "الفجار"، وهي إحدى حروب العرب في الجاهلية، شارك فيها، كنوع من المشاركة الوطنية، وكان شاهدًا على حلف "الفضول"، الذي توافق عليه بنو هاشم وبنو تيم وبنو زهرة، وتعاهدوا فيه على أن: "لا يظلم أحد في مكة إلا ردوا ظلامته"؛ وقال عنه لاحقًا: "لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت". كما أن الرسول – والكلام لخالد - كان محبًا لعائلته ويحترم كبارها، وكان له 3 أعمام كبار: أبوطالب والعباس وحمزة، كان ينظر إليهم على أنهم كبار عائلته، واحترام الكبير من قواعد الأدب والأخلاق، وهؤلاء الثلاثة كان لهم دور كبير في الدفاع عن النبي عندما اشتد عليه الأذى. شاهد الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=gPUmLkzJCp4