تعرف مختلف الأسواق المغربية خلال هذه الأيام التي تسبق حلول شهر رمضان حركة دؤوبة ، لاسيما في ظل الحرص الشديد للسلطات المختصة سواء على المستوى المركزي أو الجهوي في تموين الأسواق المحلية بمختلف انواع السلع التي تعرف إقبالا من حيث الاستهلاك خلال شهر رمضان . وإذا كان تموين الأسواق وتوفير السلع حقا لكل مواطن وواجبا يقع على عاتق الدولة، فإن ما ينقص من قيمة هذا الحق هو ربطه ببعد زمني وموسمي محدد ( شهر الصيام) من جهة، ومن جهة ثانية قيده الجغرافي (المجال الحضري) حيث درجة الحرص على تموين الأسواق تكون بفاعلية أكثر في الأسواق الحضرية عنه في الأسواق القروية. مما لاشك فيه أن "استراتيجية ملأ المعدة " كرهان لدى السلطات المختصة خلال شهر رمضان، يطرح مجموعة من التساؤلات، حول مسافات تموقع المواطن بين المطلب الخبزي و مطلب الكرامة ، وفي نفس السياق وفي ظل الحديث عن الجيل الثالث من الحقوق المرتبطة بالتنمية المستدامة والتطور التكنلوجي ما الجدوى من تبوء "حق الخبز" مكانة متقدمة على سلم أولوية المواطنة كحق بديهي بدل واجب توفير الكرامة كحق أصيل وأزلي في كينونة الإنسان بله إقرار رباني لا يقبل التأويل المنقوص تحت مبررات ومسميات متجاوزة . وتجدر الإشارة، إلى أن هاجس توفير متطلبات "ملأ المعدة" بالرغم من بساطته يحيل إلى التساؤل حول ماهية المواطنة القائمة ويدفع نحو استحضار نموذج الدولة المنشود؟ هل المواطنة (الخبزية ) المستمدة وجودها من "النشأ" كفيلة ببلوغ -على الأقل- الدولة الرقمية كأرقى مراحل تطور الدولة التقليدية المؤسسة على ثلاثية الأمن والعدل والدفاع ، لاسيما أن المغرب مقبل على تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية لا محالة نتيجة للتفاعلات الجهوية والدولية العابرة للقارات، كلها عوامل كفيلة بتقديم الكرامة على الخبز، على أساس أن المواطن يصبر على الجوع ولا يصبر على الذل والقهر . فان تكون مكرما جائعا خير من أن تكون شبعانا مذلولا .