يبدو أن قضية الصحراء ستعرف مرحلة جديدة في عهد الأمين العام الحالي للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وكذلك على ضوء الإنجازات المتعددة التي حققتها المملكة؛ فعقب انسحاب البوليساريو من منطقة الكركرات، والذي سبقه انسحاب المغرب، خرج الأمين العام الأممي ليقول إن الأمر من شأنه أن يفتح الباب لمسلسل تفاوضي جديد. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان له، إن الانسحاب من الكركرات من شأنه أن "يحسن إمكانات تهيئة بيئة تيسر تحقيق عزم الأمين العام على إعادة إطلاق عملية التفاوض بدينامية جديدة تعكس قرارات مجلس الأمن الدولي وتوجيهاته، من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من الجانبين يكفل حق تقرير المصير لسكان الصحراء". في المقابل أورد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، أن العودة إلى المفاوضات يجب أن يسبقها "خلق الظروف الملائمة"، والتي حصرها في ثلاث نقاط أساسية هي قضية الكركرات، وأيضا قرار مجلس الأمن، وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة. وقال بوريطة، في تصريح صحافي، إن "المغرب يختار التعامل مع ملف الصحراء خطوة بخطوة، وبشكل بناء"، مضيفا: "المغرب هو الطرف المساند لمسلسل التفاوض، وهو الذي خلقه عبر مقترح الحكم الذاتي". ويعتبر بوريطة أن "مقترح الحكم الذاتي هو الإطار الوحيد لطرح مسلسل التفاوض"، مواصلا: "لا يريد المغرب أن يتم خلق مسلسل التفاوض بأي ثمن كان". ويري محمد أمطاط، المتخصص في العلاقات الدولية، أن "موقف الأمين العام للأمم المتحدة الجديد أعاد قضية الصحراء إلى سكتها الصحيحة، بعيدا عن الانزلاقات التي كان يقوم بها الأمين العام السابق مع مبعوثه كريستوفر روس". وأوضح أمطاط، في تصريح لهسبريس، أنه ظهر منذ سنوات أن المغرب مستعد للحوار مع جميع الأطراف، "وهو أمر أساسي" بحسبه، مضيفا: "يجب على الأطراف، ولا يقصد بها فقط البوليساريو ومليشياتها، بل حتى الجزائر وموريتانيا، فتح النقاش والحوار والجلوس لإيجاد حل سياسي متفاوض عليه"، وزاد: "القرار ليس بيد البوليساريو بل بيد الجزائر التي تحرك الملف في الخفاء". وينبه المختص في الشأن الدولي إلى أن مجلس الأمن أكد، ضمن قراره الأخير، ضرورة الانطلاق من مستجدات وقرارات 2007، وهو أمر فيه إشارة بشكل غير مباشر إلى مقترح الحكم الذاتي، مضيفا: "المفروض على جميع الأطراف أن تناقش ما بعد 2007 الذي لا يضم أي اقتراح ما عدا الاقتراح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي، بينما ما تدعيه جبهة البوليساريو والجزائر بعد هذا التاريخ ليس إلا مسألة الاستفتاء التي أكد مجلس الأمن أنها مستحيلة بحكم صعوبة تحديد هوية من الذين سيشاركون فيه". ويؤكد المتحدث ذاته أن مسألة الكركرات تعد قضية أساسية في النزاع بين المغرب والبوليساريو، وزاد: "حاولت جبهة البوليساريو أن تسوق كون هذه مناطق محررة، بينما المعروف في القانون الدولي أن الأمر يتعلق بمناطق عازلة، وهو تسويق دام لمدة سنة من العام الماضي إلى الآن، فاكتشف العالم وسكان المخيمات أن الأمر يتعلق فقط بأكذوبة، والدليل على ذلك هو سرعة الانساحاب منها ساعات قليلة قبل صدور قرار مجلس الأمن"، مضيفا: "آخر حجة كانت تختبئ وراءها الحركة الانفصالية قد سقطت".