إنجازات مهمة تلك التي استطاعت المملكة المغربية تحقيقها أخيرا في ما يهم قضية الصحراء، هذا ما أكده ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مفيدا بأن "البوليساريو خرجت مطأطأة الرأس من الكركرات في وقت كانت تروج لأسطورة الأراضي المحررة". كما أن قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء تضمن عددا من النقاط التي تحسب لصالح المغرب، وتؤكد ضرورة التفاوض بناء على اقتراح الحكم الذاتي. وقال بوريطة، في ندوة صحافية عقدها اليوم السبت بمقر الوزارة، إن "انسحاب البوليساريو من الكركرات، الذي تم بدون أي شروط، دليل على أنه لا وجود لأراض محررة"، مؤكدا أن المغرب سيظل يقظا ليلاحظ إن كان هذا الانسحاب كاملا ولا مشروطا؛ وأيضا نهائيا. وأشار بوريطة إلى أن النجاح الذي حققه المغرب راجع لانخراط شخصي ومباشر للملك محمد السادس في الموضوع، "وهو ما جعل البوليساريو، اليوم، وعلى الرغم من كل ما قامت به من صور للفوتوشوب في البحر وغيرها، تخرج مطأطأة الرأس"، على حد تعبيره. وأفاد الوزير بأن المغرب في انسجام تام مع الأممالمتحدة ومجلس الأمن، إذ يعتبر المنطقة مكانا عازلا لا يجب أن يبقى فيه أحد، مع الحفاظ على الطريق الموجودة هناك واضحة، والحفاظ على انسيابية حركة النقل في المنطقة، منبها إلى أنه تم إرسال 18 رسالة للأمين العام للأمم المتحدة لإخباره بكل التجاوزات التي تقوم بها البوليساريو في المنطقة، وهو ما جعل المجلس يعي خطورة الوضع. وأضاف بوريطة: "منطقة الكركرات مهمة بالنسبة للمغرب لكونها بمثابة قنطرة نحو إفريقيا، فهي منطقة إستراتيجية والتعامل معها يجب أن يكون إستراتيجيا". أما في ما يخص التأخر الذي حصل في إصدار قرار مجلس الأمن، يؤكد الوزير أنه كان بسبب تدخل من الولاياتالمتحدة الأميركية للانتظار حتى تسحب البوليساريو قواتها من الكركرات، وأنه لا علاقة للأمر بالموقف الروسي، معلقا: "البوليساريو حاولت في آخر لحظة حفظ ماء وجهها". وأوضح الوزير أنه تم تقديم تسع نسخ للقرار، وكلها حافظت على مبادئ راسخة لم يتغير مضمونها، ويتعلق الأمر بالشق الخاص بالكراكرات وأيضا المينورسو. وعبر بوريطة عن ارتياح المغرب لقرار مجلس الأمن، لعدة أسباب أبرزها كونه أول قرار يتخذ في ظل وجود أمين عام جديد للأمم المتحدة وإدارة أمريكية جديدة، وأيضا في ظل أحداث مسلسل الكركرات، قائلا إنها الفرصة الأولى التي تحدثت فيها الإدارة الأمريكية عن الملف، وكان لها الموقف نفسه الذي اتخذته سواء في عهد جورج بوش أو باراك أوباما، ألا وهو دعم قرار الحكم الذاتي. ومن بين أسباب ارتياح المملكة، كذلك، كون الأمين العام للأمم المتحدة يقول في تقريره إن مجلس الأمن اتخذ قرارات منذ 2007، لهذا فالمسلسل السياسي لا بد من أن تنطلق محدداته منذ هذا التاريخ، وإن جميع المقترحات التي كانت في ما قبل هي متجاوزة، وبالتالي: "المكتسبات التي كانت لدى المغرب تم الحفاظ عليها". ومن بين الأسباب التي جاء بوريطة على ذكرها كون "الأمين العام للأمم المتحدة شدد على ضرورة بناء مسلسل سياسي مبني على الواقعية وروح التوافق كمحددين أساسيين"؛ ناهيك عن التأكيد على دور الجزائر في القضية، وأضاف: "لم يبق الحديث عن مساهمة اختيارية للجزائر بل أصبح الأمر بمثابة واجب، محملا إياها المسؤولية..دور الجزائر في البحث عن حل هو اليوم في مستوى مسؤوليتها عن نشوب النزاع". ويؤكد الوزير أن القرار يضع الأطراف في المستوى نفسه من حيث التعامل في ما بينها وعلى المستوى السياسي نفسه، وأشاد كذلك بما تضمنه القرار من تأكيد على دور الممثل الشخصي الذي يجب أن يعتمد على مساهمة الأطراف ودول الجوار، خاصة الجزائر؛ ناهيك عن حذف القرار كل الفقرات المتعلقة ببعثة المينورسو، ولم يتم الحديث عن تمديد مهمتها سواء في ما يتعلق بمراقبة أوضاع حقوق الإنسان أو في الشق المتعلق بالثروات الطبيعية، قائلا إن "ما قام به المغرب من خطوات جعل الملف يغلق ولا يفتح من جديد". ويواصل بوريطة: "طريقة الملك محمد السادس، وتعليماته في أخذ مجموعة من المبادرات، سواء في العلاقات مع الدول أو موضوع الكركرات، أو حتى في قضية المينورسو، كانت عاملا حاسما في القضاء على الفتن التي كان من الممكن أن تشتعل".