"لعوينة"، "لربعا نتغدوين"،"سيدي رحال"، أصوات تأتيك من محطة باب أغمات للطاكسيات من الصنف الأول، والحافلات وسيارات النقل المزدوج، التي تشكل وسائل نقل من مدينة مراكش إلى مدينة أيت أورير عاصمة قبيلة مسفيوة بإقليم الحوز التي يبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة وفق إحصاء 2014. حطت هسبريس الرحال بمدينة أيت أورير بعد قطعها لما يناهز 36 كيلومترا، وقامت بجولة استطلاعية اكتشفت من خلالها أن بنية معظم أحيائها هشة، وأغلب سكانها يئنون تحت وطأة فقر مدقع، فيما الجزء الآخر يحترفون مهن المياومة والفلاحة والنقل وغيرها. مظاهر التردي متعددة "تعددت مظاهر تردي وضعية البنية التحتية بمدينتنا"، يقول إبراهيم الغدويني عن جمعية تاماينوت لهسبريس، خلال جولتها بين أزقة جماعة آيت أورير، التي تفتقر لتنمية محلية مستدامة وبنيات تحتية وتعاني من تدني الخدمات البلدية، وتنتشر بشوارعها وأزقتها الحفر وتعم بعض أحيائها وأزقتها الظلام وتنتشر بأماكن منها الأزبال، وفق تعبيره. فأحياء عدة تفتقر لقنوات الصرف الصحي، كحي "ازنتو" و"أمقدار" و"ايت بلا وعلي"، وحي السوق و"بيزوران" و"الشعبة". أما الأحياء المحظوظة فمياهها العادمة تصب في واد لغياب محطة معالجتها، يضيف الفاعل الجمعوي ذاته. الإنارة العمومية مشكل آخر تعاني منه عدة أحياء كحي "موزارن" و"ابيدار" و"أيت شيخ علي" و"حي السوق". كما أن هذا الحي الأخير وأحياء هداوة وأيت مولاي علي وأيت بلا وعلي وايكودار تعاني من المطرح البلدي الذي يهدد صحة السكان المجاورين له، بسبب انتشار الحشرات الناقلة للأمراض، يقول الغدويني. عملية تبليط الأحياء، التي أقدم عليها المجلس الجماعي أخيرا، تتصف، حسب تعبير الغدويني، بالعشوائية مستدلا على ذلك بحرمان أحياء من ذلك، واستفادة أخرى تفتقر لقنوات الصرف الصحي، مشيرا إلى ضعف الإنارة العمومية بعدة مناطق سكنية. شح وانقطاع متكرر شحّ المياه وانقطاعه المتكرر دون إنذار مشكلة أحياء هامشية ك"أمقدار" و" الكركور"، و"أكفاي" و"أزنتور"، يقول رضوان محمان عن جمعية "تماكيت دو سنوتلفو"؛ فالحرمان من هذه المادة الحيوية يمتد لأكثر من 12 ساعة يوميا؛ فالنمو السكاني لمدينة أيت أورير لم يتأسس على تصميم للتهيئة وتخطيط عمراني، وهو ما جعلها تعج بأحياء عشوائية وهامشية، ما أدى إلى تفاقم مشكلة الماء الصالح للشرب وزيادة حدته، خصوصا خلال فترات الصيف بكل من حي" كوغرظة" و"أيت الكربة" و"أيت منصور" و"الحي الإداري" و"امهان" و"أيت الشيخ". حذرنا مرارا من الأضرار البيئية الجسيمة، الناتجة عن إحراق النفايات بالمطرح البلدي المجاور لواد الزات لما تشكله من خطر حقيقي السكان، يورد محمان، محملا المجلس الجماعي لمدينة أيت أورير ما يترتب عن ذلك من أمراض لسكان المنطقة. معاناة الصحة ورد المندوبية يعد المركز الحضري من المستوى الثاني مؤسسة استشفائية يتوافد عليها يوميا العديد من المواطنين، ينتظرون حضور الطبيب الرئيسي الذي يحضر لفترات قليلة، يؤكد محمان. كما أنه يلتحق بعمله متأخرا وينتهي منه بعد منتصف الزول بساعة، ما يترتب عنه عودة المرضى إلى منازلهم بعد قضاء يوم كامل في الانتظار. ويسجل الفاعل الجمعوي سالف الذكر كذلك أن دار الولادة لا تؤدي وظيفتها التي وضعت لها، وانعدام التجهيزات وقلة الأطر وغياب المستعجلات وعدم كفاية المستوصف، مؤكدا على ضرورة التسريع بإنجاز المستشفى المحلي الذي تم تدشينه منذ سنة 2013، وزاره عامل الإقليم خلال شهر شتنبر الماضي. في المقابل، أوضح فؤاد المرابط، مندوب وزارة الصحة بإقليم الحوز، أن مدينة آيت أورير تتوفر على مركز حضري من المستوى الثاني، به دار للولادة ووحدة مستعجلات القرب ومصحة لطب الأسنان، ويشتغل به أكبر عدد من الأطر الصحية على مستوى الإقليم، وهي موزعة كالآتي خمسة أطر بالطب العام، وطبيبان في طب الأسنان، و21 من الممرضين وهو رقم قياسي بإقليم الحوز، وسائق سيارة الإسعاف. وزاد المسؤول نفسه نافيا ما سبقت الإشارة إليه، قائلا: "يتوفر المركز الصحي على جميع التجهيزات البيوطبية المعتمدة بالنسبة إلى المؤسسات الصحية من هذا الصنف، وقامت المندوبية الإقليمية للصحة بالحوز خلال السنة المنصرمة بتجهيز وحدة مستعجلات القرب بغلاف مالي قدره 200 ألف درهم، لتعزيز نظام المداومة الطبية المعمول بها في هذا المركز الصحي بدون توقف". أما بالنسبة إلى مستشفى القرب الذي خصصت وزارة الصحة لبنائه فقط (دون احتساب التجهيزات) غلافا ماليا يتجاوز 50 مليون درهم، فهو في طور الإنجاز، وسيشكل دعامة أساسية للمنظومة الصحية ليس فقط بمدينة آيت أورير ولكل الجماعات الترابية التابعة لدائرتها، يضيف المرابط، مشيرا إلى أن الأشغال به قد قطعت مراحل مهمة؛ فقد بلغت نسبة إنجاز الحصة الأولى (الأشغال الكبرى والسماكة) 95 في المائة، وبلغت نسبة إنجاز الحصة الثانية (أشغال الكهرباء والترصيص) حوالي 40 في المائة. تدبير الماء إن مدينة آيت أورير محاطة بحزام من البناء العشوائي، ما يعيق كل خطة تضعها المديرية الإقليمية للمكتب الوطني للماء بإقليم الحوز، يقول السعيد البدوي، المسؤول الإقليمي عن تدبير الماء، مضيفا: "لقد اتفقنا مع المجلس الجماعي للمنطقة بإنجاز دراسة لإعادة هيكلة هذه الأحياء، حتى نتمكن من وضع خزانات لتزويد السكان بهذه المادة الحيوية". وتابع المدير المذكور مؤكدا "أن الدراسة التقنية أنجزت وقمنا بتحضير الورقة التقنية"، مشيرا إلى أن الصفقة تم الإعلان عنها، ونشتغل على تغطية كل الأحياء والدواوير المتضررة من انقطاع ماء الشرب"، وفق تعبير البدوي. وأوضح المسؤول سابق الذكر أن إدارته تعمل على "بناء خزان كبير على سفح جبلي للتغلب على مشكل انقطاع الماء الصالح للشرب عن هذه الأحياء والدواوير التي توجد بمنطقة عالية؛ لكن واجهتنا مشكلة اقتناء العقار"، مطالبا المجلس الجماعي بالعمل مستقبلا على محاصرة انتشار البناء العشوائي، وإعادة هيكلة الأحياء القائمة". وضع موروث عبد اللطيف عنيبة، نائب رئيس المجلس الجماعي لعاصمة مسفيوة، أوضح أن المكتب المسير يدبر شأن مدينة 70 في المائة منها بناء عشوائي، مضيفا "أننا طالبنا بتكييف تصميم التهيئة مع هذه الوضعية الخاصة لأيت أورير"، موردا أن شبكة الماء تم توسعيها لتغطي 90 في المائة من الخصاص. المسؤول الجماعي سالف الذكر نفى، في تصريح لهسبريس، أن هناك أي إقصاء لأحياء من الصرف الصحي، مؤكدا أن المجلس الجماعي يعمل على معالجة جميع الأحياء؛ ولكن بشكل تقني مدروس ويستوفي الشروط القانونية لمجاري المياه العادمة، ويسترعي كذلك الإمكانات المالية، والبحث عن حلول أخرى كالتنسيق مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. مشكلة النفايات فهي الأخرى في طريقها للحل، يقول عنيبة، أن المجلس يسعى إلى إحداث مطرح محلي تحويلي لنقلها إلى مركز معالجة وتقييم النفايات الصلبة ضواحي مدينة مراكش، مشيرا إلى أن مجموعة من المناطق تم ربطها بالكهرباء كمنطقة "أبيدار" و"أيت قدور"، يختم عنيبة.