أكد وزير الثقافة بنسالم حميش، الأحد الماضي بمكناس، أن الوضع الثقافي المغربي "يتمتع بصحة جيدة ومناعة قوية"، موضحا أن المطلوب هو انفتاح أكبر على جل الثقافات الكونية بما يتيح توسيع مجال الثقافة المغربية وامتداداتها. وأضاف حميش في حديثه خلال ندوة حول موضوع "تأملات في الشأن الثقافي المغربي"، نظمت ضمن فقرات مهرجان مكناس وليلي الملتئمة فعالياته بالعاصمة الإسماعيلية إلى غاية 20 يوليوز الجاري، أن هذه الامتدادات تجعل من الثقافة فاعلة ومؤثرة كما هو الحال بالنسبة للاقتصاد. واعتبر أن البحث الميداني في وزارة الثقافة كفيل بالمساهمة في الدفع بتطور الأداء الثقافي وجعل الوزارة رافعة حقيقية للتنمية البشرية، مبرزا أن الإصلاح الذي رفعته الوزارة كشعار لها يستلزم تغيير بعض النصوص القانونية والمراسيم التي أضحت تعرقل السير الجيد لكل ما هو ثقافي. وأضاف الوزير في هذه الندوة التي احتضنتها المدرسة البوعنانية التاريخية، أن هذا الإصلاح مر عبر الوقوف على واقع الوزارة وتقييم حاجياتها وخصوصياتها ووضع اليد على النقائص التي تعتريها ومعالجتها، إلا أنه - يقول السيد حميش - "يواجه المقاومة"، معتبرا أن كل إصلاح "يثير زوبعة من الانتقادات" مما يتطلب الصمود لتحقيق الأهداف المرجوة منه. وأضاف أن الاختيار الذي سلكه من موقعه كوزير، مبني على تفكير معمق ودراسة ومعرفة عن قرب بكل الملفات المتعلقة بالشأن الثقافي، مع الأخذ بعين الاعتبار آراء المعنيين بالمشهد الثقافي، سعيا إلى تمكين المغرب من مؤسسات ثقافية قوية جديرة به وبحضارته الثرية. من جانبه، أبرز الأستاذ والباحث عبد الرحمان بن زيدان في مداخلته، أن العديد من اللقاءات والندوات التي نظمت بالمغرب حول الشأن الثقافي وانبثقت عنها مجموعة من التوصيات "ظلت حبرا على ورق"، متسائلا عن أسباب عدم تفعيلها. وبعد أن أكد على أهمية الفعل الثقافي في إبراز القيم ونشرها، اعتبر الأستاذ بن زيدان، أن الثقافة تعد جزءا هاما من الحركية التي يشهدها العالم العربي. أما الأستاذ سعيد بنكراد أستاذ السميائيات بكلية الآداب بالرباط، ومدير مجلة "علامات" التي تصدر بمكناس، فاعتبر أن وزارة الثقافة هي المكلفة بإدارة الشأن الثقافي، مؤكدا على أهمية الرفع من مستوى الأداء الثقافي بعيدا عن هاجس الربح السريع الذي تعتمده بعض المؤسسات. وحول الوضع الثقافي بالمغرب، يرى الأستاذ بنكراد أنه يعيش حالة من التردد والتراجع على مستوى المنظومات الفكرية والقيم الجميلة. وتميز اللقاء بتقديم آخر إصدار لحميش بعنوان "الإصلاح الثقافي أيضا"، والذي صدر باللغتين العربية والفرنسية، واستهل بمدخل عن الثقافة كتمثل وممارسة، إلى جانب إرفاقه بملحق يهم حصيلة وزارة الثقافة منذ سنة 2009. ويشمل الكتاب الخطوط العريضة للإصلاح الثقافي، وتنويع مصادر الوزارة من خلال محاورة الفاعلين الاقتصاديين والقطاع ومضاعفة الجهود لاستثمار علاقة التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف. ويتضمن الإصلاح 12 محورا، تهم بالخصوص إنشاء بنك للأفكار المحركة والفاعلة والقابلة للإنجاز، وإجراء لقاءات تشاورية قطاعية مع المثقفين والفنانين، والاستعجال في مجال تحفيز الطاقات الفكرية والإبداعية وتأهيلها، والتوجه إلى جيل الشباب لتحسيسه بضرورة القراءة، ودعم مجال الكتاب وتشجيعه.